بعد زيارة السلطان «أبو إيڤانكا»، دونالد بن ترامب اليانكي، راعي الطويسة لمضارب مملكة القهر والظلام الوهَّابي، والقمة التي استُدعي، بل جُلِب إليها جَلْباً، أكثر من خمسين ذليلاً من أذلة العرب والمسلمين بإرادتهم أو بدونها باستثناء الرئيس الوطني بشَّار الأسد، وبعد أنْ حمَّل ملك ألزهايمر ضيفه القناطير المقنطرة من الذهب والفضة وعقد معه صفقات رهنَتْ أرض القداسة والطهارة ومستقبل الأجيال العربية عشرة أعوام كاملةً للسيِّد الأميركي، ننعي خبر وفاة ما يُسمَّى بالأمة العربية والقضية الفلسطينية التي باعها زنيم بني سعود، كبيرهم الذي علَّمهم السحر، وأذنابه بأرخص الأثمان وسط تهليل من يُفتَرض بأنهم أصحاب القضية، من محمود عبَّاس الخائن إلى خالد مشعل الراسب و«حماسه» الناكرة للجميل والمهتمة بـ«الجهاد» في سوريا قبل فلسطين.
الشبٍّيح البلطجي كان عند العبيد الساقطين في امتحان الكرامة والشرف. هذا ملخَّص قمة النهب والسطو والسرقة والإبتزاز السهل من قبل ترامب لثروات العرب بينما أشباه الرجال يتفرجون ويبتسمون ابتساماتٍ مصطَنعة على وجوههم المحنَّطة المركَّبة على جثث نتنة زكمَت رائحتها الأنوف وهم جالسون على جناتهم الخاوية على عروشها يحكمون شعوباً خانعة قطيعية إلا ما ندر منها.
لقد باع بنو سعود كل ما عندهم بثمنٍ بخس، هو وعد من سيدهم «العم سام»، وهو فقط وعد شفوي (lip service)، بالتصدي للعدو الإيراني رغم وجود اتفاق نووي معه وعقود عمل أوروبية وأميركية فائضة للاستثمار في إيران ذلك أن الغرب لا يعترف إلا بالقوة وطهران أصبحت دولة إقليمية لا يُستهان بها ولاعباً عالمياً كبيراً في المنطقة، ولا يحترم حفنة من الرعاع البدو الذين يتغذُّون ببول البعير!
لقد استقبل بنو سعود ترامب وهم مأخوذون بحريمه الشقر فسال لعابهم ولكنهم لم يُحضِروا معهم، عَمَلاً بالمِثْل، نساءهم وجواريهم فهم إذا اختاروا فمن ستكون المحظية من بين الإماء اللواتي عددهن بالمئات. لكن المرأة عند الوهابيين ليست سوى عورة، ما عدا قوم ترامب طبعاً. وهكذا جلست ميلانيا وايڤانكا كالنَّد للنَّد في مجلسهم الموبوء حاسرَتَي الرأس بينما عندما قابلتا بابا روما وضعتا الغطاء على رأسيهما احتراماً. وبينما قام أحمق ببناء مسجد لإيڤانكا حتَّى يشفع لها في الآخرة ومعتوه آخر أدَّى العمرة نيابةً عن «الأخت المناضلة»، وفي حين انهمرت عليها عروض الزواج رغم أنها ما زالت متزوجة ومنجِبَة، وخاصة من إبن سلمان كما قيل، في المقابل إيڤانكا هذه التي حزنَتْ على أطفال سوريا بمسرحية الكيماوي، وذرفَت دموع الحزن عند حائط البراق في القدس المغتصَبَة، هل سألت الخَرفان ملك العدوان عن 350 ألف يمني المعرضين لوباء الكوليرا وبينهم آلاف الأطفال؟
ورغم كل هوسهم لم يعجب ترامب من بين كل كنوز ومجون بني سعود إلا صرماية الرئيس المصري ولم يستحلِ بنو سعود من كل هذه الهمروجة إلا حريم السلطان.
المَثَل يقول «القطّ يحب خناقه» لكن هذه أول مرة يهيم أحد ما شوقاً وحباً بناهبه، والغريب أنَّ هذه السرقة لم تُدبَّر في ليل بل أُعلن عنها في وضح النهار وعبَّر عنها ترامب في السوشال ميديا التي نقلت ازدراءه ومقته وقرفه من بني سعود الذين كرموه كما لم يُكرَّم رئيس أميركي أو غير أميركي من قبل في العالم رغم فوزه على أساس شعارات حاقدة على الإسلام والمسلمين خلال حملته الرئاسية ومحاولته، بعد الرئاسة، منعهم من دخول أميركا. فمقابل 480 مليار دولار، التي تساوي كل ديون الدول العربية مجتمعةً وتقضي على الفقر في العالم، ماذا جنى بنو سعود وماذا انتزعوا من مواقف استراتيجية من ترامب الذي التقى الجزَّار الإسرائيلي بعد يومين ليتشارك معه بالغنيمة التي جمعها من شذاذ الآفاق؟ حتَّى بركيل السودان الذي أرسل جنوده للموت كرامة لسلمان في اليمن لم يشفع له هذا الأخير عند سيِّده الأميركي! هل تعهَّد لهم ترامب بوقف حظر سفر المسلمين وتخلى عن تأييده لتسجيل المسلمين ومراقبتهم؟ بل هل وعدهم بوقف قانون «غاستا» لمقاضاتهم بسبب قيام سعوديين بهجمات أيلول الارهابية؟ لقد باعهم مجرَّد صياغة لفظية فقط وبدلاً من تعبير الإسلام الإرهابي استخدم الإسلاميون المتطرفون لكن السؤال ماذا سيفعل سلمان عندما يرحل ترامب فجأةً من السلطة؟
ورغم الخيانة التي تمَّت في وضح النهار، حسب تعبير طلال سلمان، والتي تعادل هزيمة 1967 وإفشال انتصار حرب أكتوبر 1973 والتخلي عن فلسطين، لم يتحرَّك فرد عربي واحد أو حزب أو جماعة أو مجموعة، ولم تحتج دول وطنية مثل الجزائر ومصر والعراق وغيرها على البيان الختامي الذي شيطن قوى المقاومة وإيران في حين أنَّ شبه الوطن الذي لا يملك ذرة كرامة بعد رفض توجيه الدعوة للرئيس عون، وكان هذا شرفاً له، تمثَّل بقضه وقضيضه عبر سعد الحريري وجبران باسيل. ولا يمكن تصديق باسيل بأنَّ البيان صدر وهو في الطائرة متنصِّلاً منه في الجو عبر «تويتر» ولكن مقررات «الخمة» تُلزِم لبنان أيضاً لأنه شارك فيها! وكيف يتوقع باسيل قمة من دون إعلان. ثم لماذا ذهب وهو مُهانٌ أصلاً؟ وهل كانت ستكون قمة الصمود والتصدي، مثلاً؟
وسرعان ما جاء الرد على القمة بالهجوم الإرهابي على مدينة مانشستر تذكيراً لبريطانيا الداعمة للإرهاب ضد سوريا ورداً على صفقة العصر المذلة لبني سعود وتحدياً لترامب بعد شرعنتهم مع أنهم هم أصل الفكر الداعشي! كذلك التقط ملك البحرين، خادم سلمان، الضوء الأخضر من القمة مستقوياً على أهم وأكبر زعيم ديني في البلد هو آية الله العظمى عيسى قاسم باقتحام منزله واختطافه، وتم التضحية بقطر بعد انتهاء دورها واستعداد بني سعود للتحالف مع إسرائيل ممَّا يلغي دور الدوحة التي جنت على نفسها! الله يبلي الظالمين ببعضهم ولا أسف على «الجزيرة» ولا على اعدائها الجدد.
في عيد المقاومة والتحرير، رغم أنف السنيورة وأسياده، رد قوى المقاومة على هذه الهجمة الشرسة الجديدة يجب أن يكون مُزلزِلاً وصاعقاً وبحجم التحدي وإلا عدنا إلى زمن الخيبات. والمعركة ضد بني سعود وأذنابهم لم تعد تنفصل عن المعركة مع العدو التاريخي بعد أن وضعوا أنفسهم في خانة الحليف المباشر معه وأول الغيث هو اجتثاث جذورهم من لبنان وليذهب تكاذب العيش المشترك إلى الجحيم، فالبلد الذي لا يقدر سياسيوه على الاتفاق على قانون من دون مساعدة خارجية، لا خير فيه والأجدى به أن يتحول كليةً لدولة مقاومة وصمود وتصدٍ فقط!
Leave a Reply