بعد الهجومين اللذين شنهما مجرمو «داعش» وزعزعوا فيه الأمن الوطني في طهران صباح يوم الأربعاء الرمضاني، بات على الجمهورية الإسلامية أن تنزع القفازات الدبلوماسية وتهاجم رأس الأفعى مباشرةً. وإلا ماذا تنتظر إيران بعد تهديد إبن أبيه سلمان بنقل المعركة إلى الداخل؟ هل هي مازالت مُحرَجةَ بعد اليوم أن تُعلِن على رؤوس الأشهاد وتكثِّف من مساندتها العسكرية لسوريا والعراق واليمن والبحرين ولبنان وشبه الجزيرة العربية؟ ذلك أنَّ ما حصل في مبنى البرلمان وضريح الإمام الخميني قد يتكرَّر ممَّا يعيد للأذهان حقبة بغيضة سوداء من الماضي أيام تخريب مجموعة «مجاهدي خلق» الإرهابية، ولكن هذه المرَّة بدعم سعودي واضح غير محدود ناجم عن تفويض ترامبو لبني سعود على بياض ممَّا جعلهم يستأسدون اليوم أمام مشيخة قطر بينما يفرون كالقطط من أمام أبطال الجيش اليمني واللجان الشعبية. لكن إيران ليست لقمة سائغة كقطر وإذا أراد زنيم الرياض اللعب بالنار فلن يسلم عرشه من الجحيم ولن ينجيه إلا الاختباء في مكة أو المدينة كما صرَّح أحد المسؤولين الإيرانيين سابقاً.
في مثل هذا الأسبوع قبل 35 عاماً اجتاحت إسرائيل لبنان ووصلت إلى ثاني عاصمة عربية لأول مرة بعد فلسطين. وأذكر يومها العار واليأس الذي شعر به جيلنا آنذاك ونحن نشاهد قطعات العدو العسكرية تصول وتجول بحرية في البربير والحمراء إلى أن أنهت، بعد أيام، رصاصات الشهيد المقاوم علوان من الحزب السوري القومي الإجتماعي من خلال «عملية الويمبي»، وجود الإحتلال في بيروت فخرج الجنود الصهاينة منها وهم يذيعون في مكبرات الصوت انهم مغادرون طالبين عدم إطلاق النار عليهم. لقد شكَّل عدوان 1982 عصر الهزيمة العربية أما اجتياح 2006 فكان إيذاناً بزمن الانتصار. واليوم في عهد سلمان فقد اجتاحت اسرائيل للمرة الثالثة عواصم عربية خليجية أولها الرياض، لا بالعسكر بل بالسياسة والتبعية والذل لمرجعهم وسيدهم الذي لم يعد يريد التبعية غير المباشرة. ولهذا السبب اكتشف سلمان فجأة أن قطر تساند الاٍرهاب وتتحالف مع إيران والحوثيين والإخوان المسلمين، وأنها خالفت إجماع مجلس اللاتعاون الخليجي مع أنها تفعل ذلك منذ سنين حيث كانت أول من تآمر على سوريا ولعبت دوراً أكبر من حجمها وألغت دور الجامعة العربية وحرضت على طرد سوريا منها ودعمت كل جماعات التكفير السفاحين. لذا فلا أسف على الخلاف الوهابي في كيانين مصطنعين عميلين لانه ليس خلافاً بين الحق والباطل بل نزاع على الباطل والتقرب من السيد الأميركي أكثر، بينما هو يتفرج عليها ويلعب بهما، وهذا يظهر جلياً من خلال تغريدات ترامب المُدِينة لقطر ثم اتصاله الهاتفي بتميمها ثم عرض الوساطة. لكن محنة بني سعود أنَّه بعد شهادة كومي قد لا يدوم لهم ترامب أو ستكون رئاسته مشلولة.
وإذا عُرِف سبب أن ترامب بحاجة الى تريليون دولار لكي يغير البنية التحتية المهترئة في أميركا ويغير معها رأي الشعب فيه عن طريق تفعيل سوق العمل الداخلي، بطُل العجب في حرب الصغار في الخليج.
ولا بد أن سلمان يعوِّل على تدخل إيراني في الحرب بينه وبين تميم لتوريط إيران، ولزيادة في التأكيد جاءت هجمات طهران واذا فشل كل ذلك فقد يعمد إلى اجتياح قطر التي ستستنجد بأميركا كما حصل عندما غزا صدام الكويت وتغيَّر كل شيء بعد ذلك في العالم العربي. ملاحظة أخيرة في هذه المعمعة عما يسمى طرد «حماس» من الدوحة، نظريتي أنَّ «حماس» الناكرة للجميل، التي ليس فيها خير لولية نعمتها سوريا، تركت قطر بإرادتها لأنها مركب غارق والشماتة تحق على الإثنين معاً. بالمناسبة لم تتحمس «حماس» للرد، غير الخجول، على اتهام السعودية والإمارات لها بالإرهاب، لماذا؟ وأين يذهب مشعل الآن. على محور المقاومة الا يقبل بأقل من محاسبة الذين تحالفوا وعملوا مع السفاحين وتسببوا بآلاف الشهداء السوريين ودمروا أسباب الحياة والحضارة في سوريا الأبية.
وفي الختام بعيداً عن فخّار السعودية وقطر الذي يكسّر بعضه، برز خبر هذا الأسبوع في لبنان عن عائلة ياغي العظيمة التي استشهد لها قمران أولهما مهدي ياغي الذي اكتُشف عند تنفيذ وصية شقيقه علي بدفنه قربه، أن جسده الطاهر كان عصياً على القبر وبقي كما هو بعد أربع سنوات من الدفن! هؤلاء هم الشهداء الحقيقيون وعنوان انتصار الأمة. صبراً آل ياغي أليس الصبح بقريب؟
Leave a Reply