باريس – قال باحثون إنه يبدو أن فكرة تطور الإنسان العاقل (هومو سابين) في «مهد واحد» في شرق أفريقيا (إثيوبيا) قبل 200 ألف سنة لا يمكن الدفاع عنها بعد الآن. فقد تم اكتشاف بقايا عظام خمسة أفراد من الـ«هومو سابين» عاشوا قبل 300 ألف سنة على الأقل بما يشير إلى أن تطور الإنسان القديم حصل في كل أنحاء القارة الأفريقية وليس شرقها فقط، وذلك بحسب العلماء المشاركين في الاكتشاف الذي نُشرت تفاصيله في صحيفة «نَيتشر».
وقال البروفسور جاك هوبلين، من معهد «ماكس بلانك» للأنثروبولوجيا التطورية في ليبزيغ بألمانيا، إن هذا الاكتشاف سيعيد كتابة تاريخ أصل النوع البشري.
أظهر هوبلين في مؤتمر صحفي بالعاصمة الفرنسية باريس، بقايا العظام التي استخرجها فريقه من موقع جبل إرحود في المغرب، وشملت جماجم وأسناناً وعظاماً طويلة.
وقد عثر في وقت سابق في ستينيات القرن الماضي وفي نفس الموقع على الشكل الأفريقي لإنسان «نياندرتال» عمره 40 ألف سنة، وهو ابن عم للـ«هومو سابين». ولكن البروفسور هوبلين كان دائماً متشككاً إزاء التفسير الأولي، وبعد أكثر من 10 سنوات من انضمامه لفريق البحث قدم أخيراً دليلاً جديداً يروي قصة مختلفة تماما.
فقد تم تأريخ أحدث المواد بأساليب التكنولوجيا الفائقة لتشير إلى أن عمر هذه العظام يترواح بين 300 و350 ألف سنة. وشكل الجمجمة يكاد يكون متطابقاً مع البشر الحاليين.
وكشفت حفريات البروفسور هوبلين أيضاً أن أولئك القدامى استخدموا أدوات حجرية وتعلموا كيفية إضرام النار والسيطرة عليها. لذلك، فإنهم لا يبدون فقط مثل «الهومو سابين» بل تصرفوا مثلهم أيضاً.
وحتى الآن، كانت أقدم الحفريات عن الإنسان القديم من إثيوبيا (من موقع يعرف باسم أومو كيبيش) في شرق أفريقيا ويرجع تاريخها لحوالي 195 ألف سنة. وقال البروفسور هوبلين: «علينا الآن تعديل هذه النظرية».
وأضاف: فقبل تطور نوعنا كانت هناك العديد من الأنواع البشرية البدائية، التي بدت مختلفة ولها نقاط القوة والضعف الخاصة بها. وهذه الأنواع المختلفة من الإنسان القديم، تماماً مثل الحيوانات الأخرى، تطورت وغيرت مظهرها تدريجياً، وعلى مدى مئات آلاف من السنين.
وعلى النقيض من ذلك، كان الرأي السائد هو أن الإنسان العاقل قد تطور فجأة من البشر الأكثر بدائية في شرق أفريقيا منذ حوالي 200 ألف سنة، ومنها انتشر في جميع أنحاء أفريقيا، وفي نهاية المطاف إلى بقية كوكب الأرض. ويبدو أن اكتشافات البروفسور هوبلين تدحض هذه النظرية تماماً.
وقالت عضوة فريق البحث الدكتورة شانون ماكفرسون: «نحن لا نحاول أن نقول إن أصل جنسنا كان في المغرب، بل إن اكتشافات جبل إرحود تظهر أننا نعرف أن هذا النوع من المواقع كان موجوداً في جميع أنحاء أفريقيا قبل 300 ألف سنة».
Leave a Reply