في مسرحية «صح النوم» للأخوين رحباني، تختم قرنفل – السيدة فيروز – حواراً مع شاكر الكندرجي، أحد الممثلين الذين تختلف معهم، قائلة له: «روح.. يا بلا مربى». يعني أنه واحد بلا أخلاق وقليل الأدب وأهله لم يعرفوا «كيف يربُّونه».
كان بإمكاني بدء هذا المقال بآيات قرآنية عديدة وبأقوال من السيرة النبوية وأقوال منقولة عن الإمام العظيم علي بن أبي طالب عن الأدب والقيم والأخلاق، لكنني آثرت هذه المقدمة لأقول لمن كتب «رندوحة» ووقَّعها تحت مسمى «رابطة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، ثم وضعها في مغلف ومهرها بطابع بريدي وأرسلها الأسبوع الماضي عبر البريد إلى العديد من سكان ديربورن ومنهم أنا. أقول له «روح يا بلا مربى»، بما معناه أن أهلك لم يعرفوا كيف يربُّونك والدين الذي تنتمي إليه لم ينهك، وكذلك أخلاقك لم تردعك عن كتابة مثل هذه السخافات والتفاهات والشتائم بحق رجل دين، كان من الممكن انتقاده واستنكار مساوئه، هذا إذا كان ذلك صحيحاً، بأسلوب إنساني مقنع وليس بأسلوب شوارعي سفيه.
فما هو الأمر بالمعروف الذي تدعو إليه وما هو المنكر الذي تنهى عنه والذي تتلطَّى وتختبيء وراءه؟ لماذا تنبت الطفيليات بين حين وآخر، وترسل مثل هذه الرسائل؟ ما الفائدة منها، وما غايتها؟
إذا كان السيد حسن قزويني بهذا السوء وعديم الأخلاق وبريء من الدين، لماذا صبرتم عليه طيلة 18 سنة إماماً لـ«المركز الإسلامي في أميركا»؟ وإذا سرق ونهب وعمل العمايل السود، من كان معه، ومن كان يغطِّيه، ومن كان يساعده؟ لماذا أيها الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر، لا تقدموا أنفسكم علانية إلى الجالية حتى نعرف من أنتم ونصدقكم ونقف معكم ونقدِّم السيد القزويني إلى المحاكم بتهمة الفساد وأكل مال الأيتام؟ فمثلما تعرفون، يوجد في هذه البلاد قانون ودولة تسهر على تطبيقه، بدل بهدلة الرجل كل حين وآخر، وبدل المناشير البذيئة التي لا تليق إلا بزعران الحواري. كونوا صادقين وشرفاء مع أنفسكم أولاً وقولوا من أنتم لنعمل جميعاً لإنهاء منكر السيِّد القزورني وغيره –إن وُجد– وننعتق من الكفر البشري الذي تمنحونه أسماءً وألقاباً مقدسة لكي تغطوا وتستروا ما لا يغطَّى من قهر وظلم وسرقة وكذب، وتكفوا عن نشر مثل هذه الرسائل بين الحين والآخر.
آن لهذا الاستهتار في القيَم والأخلاق، ولا أقول الدين، أن ينتهي وآن لكم أن تصدقوا ما ترون في الجالية المسلمة في ديربورن. شباب يضيع ويهلوس وينتحر ويُقتَل، وأمهات تبكي دماً وعائلات تتفكك، والأخلاق والقيم في انحدارٍ فظيع، فيما الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر لا يترددون في اتهام من يعارضهم بالتزوير والكفر والفساد وكأنهم هم الملائكة، عبر منشورات تفوح فجوراً وفسوقاً وكلاماً بذيئاً لتعميق الانشقاق بين عباد الله البسطاء. وبدل الحوار الجريء البنَّاء مع الآخر يزنّون بإزعاج البعوض ويقرصون بخفاء مثل بقّ الفراش.
هذه الكلمات ليست دفاعاً عن السيِّد حسن القزويني وليس ردعاً لمن وراء ما يسمى «رابطة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، فهم حقاً لا يستحقون الكتابة عنهم ولكنها تنبيه لهم بأن القيم والأخلاق هي حجر الزاوية وليست موضوع إنشاء، وأن الشارب من حليب أمه الطاهر، لا يشتم ولا يردح. وبأسلوب القروي البسيط أقول لهم: عيب، استحوا على حالكم.
Leave a Reply