لم يكن صف خريجي «ثانوية كريستوود» لعام ٢٠١٧ في ديربورن هايتس، صفاً عادياً، فقد حقق الطلاب خلال العام الدراسي الفائت الذي توج منتصف حزيران (يونيو) الماضي بحفل تخرج حاشد، أفضل النتائج الأكاديمية والرياضية إلى جانب انخراطهم في النشاطات الاجتماعية، ولكن الأكثر إبهاراً هو حجم الجوائز والمنح الدراسية التي حازوا عليها.
ويشكل الطلاب من أصول عربية، الأغلبية الساحقة في منطقة كريستوود التعليمية التي توفر التعليم العام لسكان أحياء وسط وشمال ديربورن هايتس.
وقد تخرج من ثانويتها هذا العام، 312 طالباً تسجلو جيمعهم في الكليات والجامعات لمواصلة دراساتهم متطلعين إلى مستقبل واعد خصوصاً وإن 178 منهم كانوا من المتفوقين الذين حازوا على عروض بمنح جامعية وجوائز تقديرية قدرت بحوالي 13.6 مليون دولار، بحسب المسؤولين.
هذا النجاح أثلج قلب مدير الثانوية جون تافيلسكي الذي عبر لـ«صدى الوطن» عن فخره وتأثره العميق بالنجاحات التي حققها الخريجون هذه السنة.
«لقد تأثرت بشدَّة بصف الخريجين العام 2017»، صرَّح تافيلسكي، وأضاف «لقد برعوا أكاديمياً ورياضياً وكذلك خيرياً، وأنا فخور بأنهم واصلوا حمل شعلة كريستوود بالانتساب إلى الجامعات المرموقة وتحقيق النجاح الباهر في امتحانات الدخول (SAT وAP)… وأنا أتطلع إلى رؤية الإنجازات العظيمة التي سيحققونها في السنوات القادمة».
جامعات مرموقة
من جانبها، اعتبرت المستشارة يسرى حمادة نفسها محظوظة «للعمل مع مثل هذه المجموعة من الطلاب المتوقدين طاقة وحماساً»، متمنية لهم «المزيد من النجاحات في المستقبل».
ووفقاً لتافيلسكي وحمادة، فإن الطلاب المتفوقين تلقوا رسائل قبول من ارقى الجامعات في جميع أنحاء البلاد مثل «ستانفورد» و«معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا»، و«جونز هوبكنز» و«جامعة شيكاغو» و«جامعة كاليفورنيا–بيركلي» و«جامعة كاليفورنيا–لوس أنجليس» و«جامعة ميشيغن».
«جامعة ستانفورد» كانت حلم الطالبة المتفوقة يارا قميحة التي حصلت على المرتبة الأولى بين خريجي كريستوود، ولكنها بدلاً منها بدأت تتحضر للدراسة في جامعة ماساتشوستس للتكنولوجيا ابتداء من فصل الخريف القادم.
الطالبة قميحة (17 عاماً) تقدمت بطلبي انتساب للجامعتين فضلاً عن «جامعة ميشيغن» وغيرها من الجامعات المحلية. وقد تلقت رسائل قبول من جميع الجامعات. كما قدمت لها جامعتا «ستانفورد» و«ماساتشوستس للتكنولوجيا» MIT منحتين جامعيتين كاملتين.
ولكن قميحة التي تخرجت بمعدل 4.65 GPA، ومجموع 1540 في امتحان الـ«سات»، اختارت معهد ماساتشوستس بعد جولة تفقدية اطلعت خلالها على المزيد من المعلومات حول الجامعتين والتخصصات التي تتطلع إليها.
«كنت إلى حد كبير ملتزمة بجامعة ستانفورد قبل أن أزور الحرم الجامعي» في ماساتشوستس، قالت قميحة، مضيفةً «حصلت على القبول في وقت مبكر، في 9 كانون الأول (ديسمبر) وشعرت بالسعادة الحقيقية لاني أردت أن أكمل دراستي هناك في ستانفورد». إلا أن والدتها نصحتها بأن تبقي خياراتها مفتوحة بعد أن حصلت على قبول ومنحة كاملة أيضاً من «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا» في آذار (مارس) الماضي، فقامت بتفقد الجامعتين ولدهشتها انتقت في النهاية ماساتشوستس الواقعة على الساحل الشرقي للولايات المتحدة، بعد أن كانت أحلامها وتطلعاتها منصبة على ستانفورد على المقلب الغربي من الولايات المتحدة، في كاليفورنيا.
قميحة، وهي لبنانية أميركية، ستدرس الهندسة الكيميائية أو البيولوجية. وقد أكدت لـ«صدى الوطن» أن طلاب ثانوية «كريستوود» عموماً يدركون حجم الفرص التعليمية بعد التخرج، بفضل صفوف برنامج «آي بي» (ap) والبحوث التي توفرها الثانوية تحضيراً للتعليم العالي، إضافة إلى مناخ الدعم الواسع للطلاب.
«الجميع هنا لا يبخلون بالدعم» أفصحت قميحة، وتابعت بالقول إنها ستفتقد الجو العائلي «فلقد كبرت مع الأولاد نفسهم وأعرف الخريجين منذ الصف الثاني.. وهناك جو عائلي في كريستوود بالتأكيد».
قميحة أثنت أيضاً على والديها باعتبارهما مصدر نجاحها، و«كانا المشجع رقم واحد» لها منذ اليوم الأول. وأضافت «الناس كانوا يقولون لهما، لماذا ترسلانها إلى مكان بعيد؟ لدينا جامعات كبيرة هنا، لكن والديَّ لم يحدّا من خياراتي وهذا ما حفزني اكثر». وتأمل قميحة أن تلهم الطلاب العرب الأميركيين ألا يتوانوا عن التقدم للانتساب إلى هذه الجامعات المرموقة حتى لو كانت بعيدة.
وختمت بالقول: «من العظيم ان يقول لك النَّاس من حولك انك قادر، ولكن في نفس الوقت عليك أن تخبر نفسك بأنك قادر وأنك ستحدث شيئاً بعد نهاية الأربع سنوات».
على خطى الوالدين
اللبنانية اللاتينية الأميركية، ساندرا دبيسي (17 عاماً)، تخرجت بمرتبة شرف وبمعدل 4.57 ومجموع ١٤٥٠ في امتحان الـ«سات» 1450. وقد قبلت في جامعتي «ميشيغن–ديربورن» و«وين ستايت»، إلا أنها قررت الانتساب إلى «جامعة ميشيغن–آناربر»، على الرغم من تلقيها منحة كاملة للدراسة في حرم ديربورن.
واستلهمت دبيسي تجربتها من والدها، حسن، وهو مهندس، ووالدتها يومانا، وهي محامية، فقررت متابعة فرصها في المهنتين على حد سواء.
وأمام ساندرا فرصة سانحة لدراسة الهندسة البيئية والطب الحيوي، مع التركيز على الصفوف التي تؤهلها للحصول على شهادة في القانون من كلية الحقوق لاحقاً.
دبيسي ترعرعت مع زملائها الخريجين وفي البداية كانت خائفة من التغيير وعالم ما بعد الثانوية.
«انا أعرف نفس الاشخاص منذ 13 سنة»، أسهبت دبيسي، «لهذا كنت أفكر وأقول يا الله، كيف سأتمكن من الذهاب إلى الكلية والتعرف على كل هؤلاء الأشخاص الجدد؟» لكن ما يعزز ثقتها أن ثانوية كريستوود قامت بإعدادها وزملائها للدراسة و«البدء بفصل جديد في الحياة».
كذلك أقرت دبيسي بفضل والديها، بوصفهما مصدر نجاحها وتحفيزها، حيث كانا يشجعانها بوضع أهداف كبيرة لتحقيقها، ممَّا أدَّى إلى تفوقها. كما شكرت شقيقيها، سامي وهانا، لدعمهما الكامل.
واردفت «أتيحت لي أيضاً الدراسة حقاً على يد معلمين جيدين وهذا من نعم الله علي طوال السنين. وأود أن أشكر جميع المعلمين والمسؤولين في كريستوود واذكرهم جميعاً بالاسم … كانوا دائماً معنا وساعدونا بكل شيء».
أسرة واحدة
طالبة لبنانية أميركية ثالثة حادث على مرتبة الشرف وهي نادين عبدالحق (18 عاماً)، التي تخرجت بمعدل 4.53 ومجموع ١٣٠٠ في امتحان الـ«سات». نادين تقدمت بطلبات قبول إلى أكثر من جامعة وتم قبولها فيها جميعاً، بما في ذلك «جامعة ميشيغن–ديربورن» و«وين ستايت» التي عرضت عليها منحة بقيمة ٢٠ ألف دولار والتي تعرف بالجائزة الذهبية. الا انها قررت التخصص في علم الأحياء في «جامعة ميشيغن–ديربورن» بموجب منحة بقيمة ١٦ ألف دولار باسم «منحة العميد».
عبد الحق اتفقت مع قميحة ودبيسي على أن دراستها في ثانوية كريستوود لمدة أربع سنوات «أعدّتها جيداً للمقبل من الأيام».
وأضافت «أنا سعيدة جدَّاً لأني كنت قادرة على أن أحضر الدراسة الثانوية في هذا الوقت الذي بدأ فيه التركيز على الشؤون الأكاديمية والصفوف التحضيرية للدراسات العليا وأولوياتها، عبر برامج AP وأكدت أن «ثانوية كريستوود كانت مثل الأسرة … حيث يعرف الجميع بعضهم البعض».
وختمت عبد الحق بالثناء أيضاً على والديها مستلهمة منهما النجاح لأنهما شدداً على أهمية التعليم وأيضاً بفضل شقيقيها أيب وشيرين على دعمهما المستمر، فضلا عن المدرسين كريستوفر هرين ونور شحروري اللذين أثرا إيجابياً على دراستها في الثانوية.
Leave a Reply