طارق عبدالواحد وحسن خليفة – «صدى الوطن»
يستعد قنصل العراق العام في ديترويت المنهل الصافي لمغادرة منصبه في «قنصلية جمهورية العراق العامة في ديترويت» في الأول من شهر آب (أغسطس) القادم، بعد حوالي خمس سنوات من إدارة القنصلية التي أنشئت في أيلول (سبتمبر) 2009 بمدينة ساوثفيلد، لتلبية احتياجات المهاجرين واللاجئين العراقيين الذين تزايدات أعدادهم في العقود الثلاثة الأخيرة بشكل مضطرد، على خلفية حرب الخليج الأولى والانتفاضة الشعبانية وغزو العراق.
وتقوم القنصلية العامة في ديترويت بتقديم الخدمات القنصلية للعراقيين المتوزعين في 15 ولاية أميركية، في الغرب الأوسط الأميركي، وهي إلى جانب ميشيغن: أوهايو وإنديانا وإلينوي وويسكونسن وآيوا وكنساس وأركنسو وكنتاكي ومينيسوتا وميزوري ونبراسكا وداكوتا الشمالية وداكوتا الجنوبية وأوكلاهوما.
وسوف يعود الصافي إلى العمل في وزارة الخارجية العراقية في بغداد، بحسب النظم الإدارية، التي تفترض تعيينه سفيراً في السنوات القليلة القادمة.
وبمناسبة انتهاء خدماته القنصلية، التقت «صدى الوطن» القنصل الصافي، وأجرت معه حواراً للتعرف على أبرز الخدمات القنصلية للمهاجرين واللاجئين العراقيين ومعرفة المشاكل والتحديات التي يواجهونها في الولايات المتحدة.
■ بداية، سعادة القنصل، كم ولاية تغطي القنصلية العراقية في ديترويت، وكم هي أعداد العراقيين الذين تقوم بخدمتهم؟
– تغطي القنصلية 15 ولاية فيها زهاء 350 ألف مغترب يتركز معظمهم في ولايتي ميشيغن وإلينوي التي تضم ما بين ٨٠-٦٠ ألف عراقي، مع الإشارة إلى أن أبواب القنصلية مفتوحة لجميع العراقيين بمن فيهم الذين يعيشون خارج الولايات الـ15، كما أن قنصليتنا تؤدي خدماتها للكثير من مواطنينا المقيمين في مدينتي ويندزر وتورنتو الكنديتين ممن يفضلون المجيء إلى ديترويت بدل الذهاب إلى القنصلية العراقية في أوتاوا اختصاراً للوقت والجهد.
■ هل لديكم أية إحصاءات أولية بأعداد المسلمين والمسيحيين المقيمين في أميركا؟
ليس لدينا مثل هذه الإحصاءات، لكن غالبية العراقيين في هذه المنطقة هم من المسيحيين الذين يعود تواجدهم في أميركا إلى بدايات القرن العشرين، وهؤلاء هاجروا إلى العالم الجديد بالتزامن مع اللبنانيين والعرب المهاجرين الأوائل. الهجرة لم تتوقف، ولكن في أعقاب حرب الخليج الأولى وبعد الانتفاضة الشعبانية وكذلك بعد انهيار النظام العراقي السابق تغيرت طبيعة الهجرات إذ بات أغلب المهاجرين من المسلمين الذين استقر الكثيرون منهم في ديربورن، بسبب اللغة والثقافة والدين.
■ ما هي أبرز المشاكل والتحديات التي تواجهها الجالية العراقية؟
أهم المشاكل هي إصدار الوثائق وإجراء معاملات المواطنين كونها تتطلب وجود أوراق ثبوتية بحوزتهم، كثير من المواطنين الذين يسعون لاستصدار الوثائق والشهادات والبيانات، ولكنهم لا يملكون الأوراق الثبوتية الكافية لاستصدار تلك الوثائق، مثل شهادات الولادة والوفاة، وجوازات السفر والبيانات المتعلقة بالأحوال المدنية إضافة إلى شهادات الجنسية والوكالات العامة والخاصة، وسمات الدخول للأميركيين من أصول عراقية.
■ وكيف تتعاملون مع هذه المشاكل؟
في مرحلة النظام العراقي السابق، كان من الصعب على العراقيين العودة إلى العراق لاستصدار ما يحتاجونه من وثائق، وذلك لأسباب أمنية، أما حالياً فالمغتربون واللاجئون يمكنهم العودة إلى بلدهم الأم كحل لهذه المعضلة، ونحن نقوم بمساعدتهم في هذا الصدد، فمثلاً نقوم بمساعدة الأميركيين من أصل عراقي عبر منحهم تأشيرات دخول، أو إصدار وثائق سفر مؤقتة لمن لا يرغب منهم بوضع التأشيرة العراقية على جواز سفره الأميركي. بشكل عام نتعامل مع كل مشكلة حسب ظروفها، ونبذل أقصى جهودنا لخدمة العراقيين وتسهيل معاملاتهم الرسمية.
■ بالإضافة إلى الخدمات التي أشرتم إليها، هل تقوم القنصلية بأية أدوار اجتماعية أو سياسية أو ثقافية لمساعدة أبناء الجالية العراقية؟
القنصلية بالدرجة الأولى دورها خدمي، ويشمل بالإضافة إلى خدمة العراقيين توفير الخدمات للجاليات العربية والإسلامية فيما يتعلق بتأشيرات الدخول وبعض المعاملات التجارية، أما الأمور الأخرى فلا نتدخل بها..
■ ألم تتدخلوا في الخلافات التي أصابت الجالية العراقية بشقيها الإسلامي والمسيحي على خلفية بناء مركز إسلامي في مدينة ستيرلنغ هايتس؟
لقد بدأ هذا الموضوع قبل نحو 3 سنوات في مدينة ستيرلنغ هايتس التي يوجد فيها بالأصل حسينية، وعندما استحصل بعض الأشخاص على موافقة لبناء مسجد جديد حصل بعض الشد والجذب من قبل بعض المعترضين الكلدان. نحن -كقنصلية- لا نتدخل في مثل هذه الأمور، ولكن لأن الجميع عراقيون فقد قمنا بالمساهمة في تقريب وجهات النظر ورافقنا إمام الحسينية السيد نجاح الموسوي والسيد حسن القزويني والسيد باسم الشرع وذهبنا جميعاً إلى كنيسة أم الله الكلدانية في مدينة ساوثفيلد والتقينا بالمطران فرنسيس قلابات، وأوضحنا له بأن بناء المسجد ليس عملاً موجهاً ضد أحد، كما أنه مثل الكنيسة والمعبد مكان مخصص لإقامة الشعائر الدينية، وقد استمع المطران قلابات لنا برحابة صدر ووعد بمعالجة الموضوع.. حصل ذلك في بداية الأزمة، وكانت تلك مبادرة منا لتطويق المشكلة.
■ أزيل إسم العراق من لائحة البلدان الإسلامية الواردة في قرار حظر السفر بشكل مؤقت من ستة بلدان إسلامية وذلك بموجب مذكرة تفاهم بين الحكومتين العراقية والأميركية، ماذا تضمنت تلك المذكرة؟
بداية لا توجد مذكرة تفاهم بين الحكومتين العراقية والأميركية، ولو كانت موجودة لما خجلنا من الإعلان عنها. لقد تم رفع العراق من قرار حظر السفر لأسباب موضوعية عديدة، أولها انخراط العراق في الحرب على الإرهاب، وثانياً لتشدد الحكومة العراقية في إصدار الوثائق والتمحيص فيها لاسيما جوازات السفر، وثالثاً لعدم وجود أعداد كبيرة من العراقيين الراغبين بالهجرة واللجوء إلى الدول الأخرى، إضافة إلى وجود تعاون أمني وعسكري وسياسي واستخباراتي بين العراق وأميركا.. هذه الأمور مجتمعة ساهمت في إزالة العراق من قرار الحظر.
■ خلال الأسابيع الماضية، تم توقيف عشرات المهاجرين العراقيين في منطقة ديترويت، وهؤلاء يجري العمل ترحيلهم خارج البلاد، فما هو موقف القنصلية من هذه المسألة؟
هؤلاء مواطنون عراقيون دخلوا أميركا بصفة لاجئين وقاموا في فترة من الفترات بأعمال مخالفة للقانون الأميركي.. هذا شأن أميركي لا نتدخل فيه، فنحن لا نتدخل بالقضاء الأميركي ولا نتدخل بقرارات الحكومة الأميركية، ولم تتواصل معنا أية جهة بشأن ترحيلهم، ولكنني أقول إن الحكومة العراقية لا تقبل عودة أي فرد إلا إذا أبدى رغبته الشخصية بذلك، وبشكل خطي..
■ هل تعني أن العراق لن يستقبل الموقوفين في حال قررت المحاكم الأميركية إعادتهم إلى العراق؟
سيتم التعامل مع كل حالة على حدة، وكما قلت لم يجر إعلامنا -كقنصلية عراقية- بشكل رسمي بشأن هؤلاء الموقوفين، وإذا لم يخبرنا أحد فما هو شأننا في الموضوع؟.
■ تمكن العراق -الأسبوع الماضي- من تحرير الموصل وإلحاق الهزيمة بتنظيم داعش، كيف استقبلتم هذا الخبر؟
لقد جاء النصر في معركة تحرير الموصل هائلاً لأن الكثيرين اعتقدوا بعد سقوطها قبل حوالي 3 سنوات في قبضة تنظيم داعش أن الإرهابيين سيسيطرون على العاصمة بغداد، ولكن هؤلاء خابت ظنونهم، وتمكنت القوات العراقية بكل مكوناتها، من قوات خاصة وجيش عراقي وحشد شعبي وعشائر وبيشمركة من هزيمة التنظيم التكفيري، إضافة إلى قرار الحكومة العراقية باستعادة ثاني أكبر مدينة في البلاد، وكل ذلك جاء بعد فتوى آية الله السيد علي السيستاني بالدعوة للجهاد ومحاربة داعش.
وقد بدأ العراق باستعادة القرى والمدن، الواحدة بعد الأخرى، وتمكنا في النهاية والحمد لله من تحرير الموصل وسحق داعش الذي ارتكب جرائم إبادة جماعية فظيعة بحق أبناء شعبنا من كافة الأديان والمذاهب. ولكن المعركة لم تنته بعد، هنالك بعض المدن الصغيرة والجيوب التي نأمل أن يتم تحريرها خلال الفترة القادمة، والتحدي الآن هو إعادة المهجرين إلى بيوتهم، وإعادة البناء والخدمات، وكلنا أمل أن نتمكن من تحقيق ذلك بأسرع وقت ممكن.
تحرير الموصل شكّل مناسبة لاحتفال الجالية في منطقة مترو ديترويت، وقد شاركت في أربع احتفالات أقيمت برعاية مؤسسات مختلفة، كما قمنا في القنصلية بالاحتفال -الأسبوع الماضي- بحضور متنوع من الدبلوماسيين الأجانب ورجال الدين المسلمين والمسيحيين والناشطين في منظمات ونواد وجميعات محلية. وقد كان الاحتفال كبيراً والمناسبة سعيدة لاسيما وأنه من النادر أن تكون لدينا مناسبات سعيدة، لكن هذه المرة كانت مختلفة.
Leave a Reply