ليس لذوي الرؤية الصائبة بذل الكثير من العناء لأجل أن يتبينوا أنّ التعارف بين الشعوب لم يكن نابعاً إلا من الرحمة والعطف الإلهيين، كما تشهد بذلك مسيرة التاريخ البشري، وقد أكدت الآية الكريمة صحة هذه الحقيقة إذ قال سبحانه وتعالى: «وجعلناكم شعوباً وقبائلَ لِتعارفوا إنّ أكرمَكم عند اللهِ أتقاكم»، سيّما وقد اشتركت جميع الشعوب بصفات جمعت بينها كتقديم السلم على الحرب وإشاعة المودّة ضد الكراهية وتغليب التواصل على القطيعة واتّباع نهج العدل من أجل ردع الظلم، فهل هناك أجمل من أن نرى تكاتف الشعوب العربية بعضها مع بعض من أجل إعلاء هذه المبادىء لتأكيد هويّتها وإظهار شخصيتها؟
نعم، هذا ما رأيته يوم السبت الفائت الخامس عشر من هذا الشهر، حيث أقام السيد محمد هاشم صاحب «مطعم الشلال» في ديربورن هايتس حفل عشاء فاخر بمناسبة ترشيح السيد رفعت (مايك) لعضوية مجلس بلدية ديربورن، فعج المكان العريق ببانوراما عربية متنوعة من لبنانيين وعراقيين ويمنيين وسوريين وآخرين تكاتفوا لدعم هذا المرشح الشاب واضعين آمالهم في أن يصبح عضواً في مجلس بلدية ديربورن.
ليس هنالك من شك في أنه عندما يثبت المرشح العربي جدارته ويصب اهتمامه على خدمة المجتمع بمختلف شرائحه والاطلاع على همومه ومحاولة معالجتها على أكمل وجه، فإنه بذلك سينال إعجاب كل من حوله ويكسب ثقتهم به ويضمن وقوفهم إلى جانبه مستقبلاً إذا ما ترشح لمناصب أخرى، وعلى العكس من ذلك فإنه كم يحز في النفس إذ نرى بعض المرشحين حين يستلمون مناصبهم وهم ينسون أو يتناسون أو حتى يتجاهلون ناخبيهم ويتصرفون باستعلاء عما يجري في المجتمع أو ينغمسون في تحقيق منافعهم الشخصية، والأخطر من كل ذلك هو الانسلاخ عن القيم الانسانية والاقتصار على القيم المادية.
نحن كجالية عربية بحاجة إلى التكاتف لنوصل من يستحق إلى أي منصب يمثلنا وفق مبدأ الشخص المناسب في المكان المناسب وها هي أمامنا نعمة صناديق الاقتراع الحقيقية التي نفتقدها في أوطاننا الأم، ذلك لأن تكاتفنا يشكل قيمة جوهرية كجزء من نيل احترامنا ومكانتنا في المجتمع الأميركي الأكبر.
علينا أن نثبت للجميع بأننا أهل حضارة وتاريخ مجيد، وأن كل ما وصلت إليه البشرية من تقدم وإنجازات عظيمة كان القرآن الكريم قد وضع خطوطها العريضة في الحث على العلم والتفكر بالطبيعة والتدبر بالأخلاق المثلى.
أعود وأجدد إعجابي بصورة الحضور البهي الرائع في حفل الاحتفاء بترشيح واحد من أبناء الجالية، دون أن يفوتني الثناء على كرم وسخاء السيد محمد هاشم الذي يعبر عن الكرم البقاعي الأصيل، والفرح بأداء مقدمة برنامج الاحتفال سعدى الجميلة التي أضفى أداؤها انثيالات من المرح والبهجة في نفوس الحاضرين، وكل انتخابات وجاليتنا متكاتفة تنبض بالحيوية والنشاط.
Leave a Reply