واشنطن – سعيد عريقات
تسعى مجموعة مؤلفة من 43 عضواً في مجلس الشيوخ الأميركي –29 جمهورياً و14 ديمقراطياً– لتنفيذ قانون من شأنه أن يجعل دعم الأميركيين لحملة المقاطعة الدولية ضد إسرائيل التي بدأت احتجاجا على الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية جرما جنائياً. وبادر كل من السناتور الديمقراطي بن كاردن من ولاية ميريلاند والجمهوري روب بورتمان من ولاية أوهايو برعاية مشروع القانون نيابةً عن اللوبي الإسرائيلي في العاصمة الأميركية، «آيباك». ويقضي القانون في حال تمريره بمعاقبة أي شخص مذنب بانتهاك الحظر بـ«عقوبة مدنية» قدرها 250 ألف دولار وعقوبة جنائية أقصاها مليون دولار أو 20 سنة في السجن أو كليهما.
ويقول غلين غرينوولد وراين غريم من مجلة «إنترسبت»، «لقد أصبح تجريم الخطاب السياسي والنشاط السياسي ضد إسرائيل واحداً من أخطر التهديدات على حرية التعبير في الغرب، حيث كما رأينا في فرنسا، تم القبض على الناشطين وملاحقتهم بسبب ارتداء القمصان التي تدعو إلى مقاطعة إسرائيل، فيما سنت المملكة المتحدة (بريطانيا) سلسلة من التدابير الرامية إلى منع هذا النشاط، وفي الولايات المتحدة، يتنافس المحافظون مع بعضهم البعض على من يمكنه تنفيذ أكثر الأنظمة تطرفا لمنع الشركات من المشاركة في أية مقاطعة تستهدف حتى المستوطنات الإسرائيلية، والتي يعتبرها العالم غير قانونية».
يشار إلى أنه في الجامعات الأميركية، فإن العقاب الذي يفرض على الطلاب المؤيدين للقضية الفلسطينية ويمارسون حق التعبير عن انتقاداتهم لإسرائيل، هو أمر شائع لدرجة أن مركز الحقوق الدستورية يشير إلى أنه «استثناء للقضية الفلسطينية» من القضايا التي تقع تحت حرية التعبير.
وقد تم تقديم الإجراء المقترح، المسمى قانون إسرائيل لمكافحة المقاطعة (S. 720)، من قبل كاردين في 23 آذار الماضي حيث ذكرت وكالة التلغراف اليهودية أن مشروع القانون «تمت صياغته بمساعدة اللجنة الأميركية الإسرائيلية للشؤون العامة (آيباك) التي انبثق عن مؤتمرها وتعتبره من أهم أولوياتها للضغط على المشرعين لهذا العام.
ومن بين المشاركين في رعايته زعيم الأقلية الديمقراطية السناتور تشاك شومر وزميلته من نيويورك السناتور كيرستن جيليبراند وعدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأكثر ليبرالية مثل رون وايدن من ولاية أوريغون، وريتشارد بلومنتال من ولاية كونيتيكت، وماريا كانتويل من واشنطن في الغرب الأميركي، إلى جانب عدد من الجمهوريين اللذين يمثلون اليمين المسيحي المتطرف مثل السناتور تيد كروز من ولاية تكساس، وبن ساس من ولاية نبراسكا، وماركو روبيو من ولاية فلوريدا.
وقدم مجلس النواب في نفس التاريخ تدبيراً مماثلاً من جانب جمهوريين وديمقراطي واحد تمكن من حشد تأييد 234 راعياً مشتركاً (من الحزبين): 63 من الديمقراطيين و174 من الجمهوريين. كما هو الحال في مجلس الشيوخ، فقد تمكنت آيباك من تجميع المؤيديين من ذوي الأيديولوجيات المختلفة، بما في ذلك العديد من معظم أعضاء البيت اليميني –جيسون تشافيتز، ليز تشيني، بيتر كينغ– جنباً إلى جنب مع الزعيم الثاني للحزب الديمقراطي في مجلس النواب، ستيني هوير المعروف بليبراليته.
ومن بين المشاركين في تقديم مشروع القانون، العديد من السياسيين الذين اشتهروا عبر وسائل الإعلام الأميركي كزعماء «مقاومة ترامب»، بما في ذلك ثلاثة أعضاء في ولاية كاليفورنيا الذين أصبحوا أبطالاً للديمقراطيين: تيد ليو، آدم شيف، وإريك سوالويل. هؤلاء السياسيون، الذين بنوا جمهوراً عريضاً من خلال وضعهم كمعارضين «للتسلط» والدفاع عن الحقوق المدنية، الذين لا يجدون تناقضاً بدعم واحد من أكثر القوانين القمعية والاستبدادية.
وردت المؤسسة القانونية «اتحاد الحريات المدنية» (أي.سي.أل.يو) بنشر رسالة موجهة إلى جميع أعضاء مجلس الشيوخ تحثهم على معارضة هذا القانون. وقالت المنظمة إن «مؤيدي مشروع القانون يبحثون عن المزيد من الرعاة والمشاركين لسن قانون يعاقب المواطنين بسبب معتقداتهم السياسية». وتوضح الرسالة بالتفصيل ما يجعل هذا القانون يهدد بشكل خاص الحريات المدنية.
وتتجنب غالباً المنظمات القانونية أية خلافات تتعلق بإسرائيل ولكن «اتحاد الحريات المدنية» بات يندد بشكل قاطع بهذا الاقتراح الذي ترعاه آيباك بنصه الحالي معتبرة أن مشروع القانون «يسعى فقط إلى معاقبة ممارسة الحقوق الدستورية الأميركية».
ما عارضت الوحدة جهود الحزبين على مستوى الدولة لمعاقبة الشركات التي تشارك في المقاطعة، مشيرة إلى أن «المقاطعة لتحقيق الأهداف السياسية هي شكل من أشكال التعبير التي حكمت المحكمة العليا أنها محمية بموجب حماية التعديل الأول لحرية الكلام والتجمع والالتماس»، وأن مثل هذه القوانين «تضع شروطاً غير دستورية على ممارسة الحقوق الدستورية». ومشروع القانون الذي يشارك في تقديمه الكونغرس حالياً أكثر من نصف مجلس النواب ونصف مجلس الشيوخ هو أكثر تطرفاً من هؤلاء.
ولم ينضم أحد من أعضاء الكونغرس حتى الآن إلى المعارضة لمشروع القانون التي نظمها «اتحاد المحامين العرب» و«اتحاد الحريات المدنية» مما اضطرهما لإرسال استفسارات، الثلاثاء الماضي إلى العديد من أعضاء مجلس الشيوخ ومجلس النواب (من غير الملتزمين الذين لم يتكلموا بعد عن مشروع القانون).
ومن الواضح أن الكثير من المؤيدين لم يطلعوا على مشروع القانون حتى الآن.
يقول غرينوولد «لعل أكثر ما يثير الدهشة هو مقابلتنا مع الراعي الرئيسي لمشروع القانون، السناتور الديمقراطي بنيامين كاردين، الذي يبدو أنه ليسة لديه أية فكرة عما كان عليه في مشروع القانون، وأصر بشكل خاص على أنه لا يتضمن عقوبات جنائية».
كما يوسع مشروع القانون الحظر الحالي على المشاركة في المقاطعة التي ترعاها حكومات أجنبية لتغطية المقاطعة من المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. كما أنه يتعامل مع حظر المقاطعة لإسرائيل بشكل شامل، ويضمن أي جزء من إسرائيل، بما في ذلك المستوطنات.
لهذا السبب، يوضح الكاتب جوش روبنر أن مشروع القانون –من خلال التصميم– سيحظر «حملات حركة التضامن الفلسطينية للضغط على الشركات لقطع العلاقات مع إسرائيل أو حتى مع المستوطنات الإسرائيلية».
Leave a Reply