واشنطن، بيونغيانغ – لم تنقطع التهديدات المتبادلة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية طوال الأسبوع الماضي، لتصل حدة التوتر بين البلدين إلى حد التلويح بشن حرب مدمرة على نظام بيونغيانغ.
وبدأت التطورات بالتسارع مطلع الأسبوع الماضي بعد إقرار مجلس الأمن الدولي، السبت، عقوبات جديدة على كوريا الشمالية، بنص صاغته الولايات المتحدة وأقرته روسيا والصين.
ويحظر القرار صادرات كوريا الشمالية من الفحم والحديد وخام الحديد والرصاص وخام الرصاص والمأكولات البحرية وذلك بعد التجربتين اللتين أجرتهما بيونغيانغ على صواريخ باليستية عابرة للقارات في تموز (يوليو) الماضي.
ويوم الاثنين، ترك وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون الباب مفتوحاً أمام الحوار مع كوريا الشمالية قائلا إن واشنطن مستعدة للحديث مع بيونغيانغ إذا أوقفت تجاربها الصاروخية،
وفيما بدا تيلرسون وكأنه يتحدث بنبرة أكثر ميلاً للتصالح قائلاً: «عندما تكون الأجواء مواتية يمكن عندها أن نجلس ونجري حواراً بشأن مستقبل كوريا الشمالية بحيث تشعر بالأمان والرخاء الاقتصادي»، إلا أن الجواب من بيونغيانغ جاء سريعاً مستخدماً خطاب التهديد والرد على العقوبات الجديدة بتلقين الولايات المتحدة «درسا قاسياً».
ولكن ترامب عاد ووجه تحذيراً قوياً لبيونغيانغ في تصريحات للصحفيين في نيو جيرزي يوم الثلاثاء الماضي.
وقال ترامب «من الأفضل لكوريا الشمالية ألا توجه أي تهديدات أخرى للولايات المتحدة. ستُقابل بنار وغضب لم يرهما العالم قط». ولم تخف كوريا الشمالية سراً خططها لتطوير صاروخ مزود برأس نووي قادر على ضرب الولايات المتحدة وتجاهلت نداءات دولية لوقف برامجها النووية والصاروخية.
وتقول بيونغيانغ إن صواريخها الباليستية العابرة للقارات هي وسيلة شرعية للدفاع في مواجهة العدوانية الأميركية. ودأبت منذ وقت طويل على اتهام الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية بتصعيد التوتر من خلال إجراء مناورات عسكرية مشتركة.
ضرب غوام
لم تتأخر بيونغيانغ مرة أخرى في التصعيد، حيث لوحت الأربعاء الماضي بأنها تخطط لهجوم صاروخي يستهدف جزيرة غوام، وهي جزيرة بالمحيط الهادئ ومقر لقواعد عسكرية أميركية وقاذفات قنابل استراتيجية، ويقطن فيها نحو 163 ألف شخص.
وقالت وسائل إعلام حكومية في كوريا الشمالية إن صواريخ من طراز هواسونغ–12 ستطلق لتعبر من فوق أراضي اليابان وتسقط في مياه البحر على بعد 30 كيلومترا من جزيرة غوام، وذلك إذا وافق الزعيم كيم جونغ أون على الخطة.
وقالت بيونغيانغ إن الجيش «سينتهي من وضع الخطة تماماً» بحلول منتصف آب (أغسطس) الجاري، ثم يرسلها للزعيم كيم جونغ أون للموافقة عليها.
في المقابل، سعى وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، إلى طمأنة الأميركيين بأن كوريا الشمالية لا تمثل خطراً وشيكاً. وقال تيلرسون، الذي توقف في غوام لتزويد طائرته بالوقود بعد رحلة إلى جنوب شرقي آسيا، إنه يأمل أن تؤدي «حملة الضغوط» الدولية، التي تشارك فيها روسيا والصين، إلى حوار جديد مع بيونغيانغ «عن مستقبل جديد».
ومن جانبه، أكد وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس الخميس الماضي إن حرباً كارثية سوف تحل على كوريا الشمالية في حال بادرت إلى الهجوم، لكنه شدد في المقابل على أن الجهود الأميركية تركز حالياً على الدبلوماسية.
وأضاف ماتيس أن «الحرب مأساة معروفة جيداً ولا تحتاج توصيفاً آخر سوى أنها ستكون كارثية».
ولكن ماتيس عاد لاستخدام لغة الدبلوماسية فأكد أن بلاده تريد استخدام الدبلوماسية عبر أطراف دولية أخرى، وأمل أن تبقى هي البوابة لحل الأزمة مع بيونغ يانغ.
وكانت واشنطن قد حذرت من أنها جاهزة لاستخدام القوة إذا تطلب الأمر لوقف برامج كوريا الشمالية الصاروخية والنووية لكنها تفضل تحركا دبلوماسياً عالمياً يشمل عقوبات.
ولم تحقق محاولات إدارة ترامب للضغط على كوريا الشمالية لحملها على التخلي عن طموحاتها النووية والصاروخية تقدما يذكر بل إن بيونغيانغ كثفت من تجاربها وأطلقت صاروخين عابرين للقارات الشهر الماضي.
وهو ما دفع الرئيس الأميركي، الخميس الماضي، إلى تصعيد نبرة خطابه مجدداً ضد كوريا الشمالية، ولكنه أبقى على الخيار الدبلوماسي مفتوحاً، أسوة بوزير الدفاع.
وقال ترامب إنه من الأفضل لكوريا الشمالية الإذعان للنصائح أو التعرض لمواجهة شبيهة بما تعرضت له بلدان أخرى. وفي حديث أدلى به قبل تسلمه التقرير الاستخباراتي اليومي في مقر إقامته الصيفي في منتجع بولاية نيو جيرزي اعتبر ترامب أن تصريحاته الأخيرة بشأن كوريا الشمالية «ربما لم تكن قوية بشكل كاف»، قائلاً إن «على كوريا الشمالية أن تقلق بشدة إذا أقدمت على أي عمل ضد الولايات المتحدة».
وأوضح ترامب أن بلاده لا تتحدث عن ضربة وقائية ضد بيونغ يانغ، وأنها تنظر إلى إمكانية المفاوضات دائماً، ملمحاً إلى أن الصين باستطاعتها لعب دور فعال أكثر فيما يخص كوريا الشمالية.
غوام .. جزيرة صغيرة لكنها استراتيجية
تقع جزيرة غوام البركانية في المحيط الهادئ بين الفلبين وهاواي، وتبلغ مساحتها نحو 541 كيلومترا مربعا.
هي إقليم أميركي، ويبلغ عدد سكانها نحو 163 ألف نسمة.
وهذا يعني أن الأشخاص الذين يولدوا في الجزيرة مواطنون أميركيون، ولهم حاكم منتخب ومجلس نواب، لكن ليس لهم الحق في التصويت لانتخاب الرئيس الأميركي.
تشغل القواعد العسكرية الأميركية نحو ربع مساحة الجزيرة، وينتشر فيها نحو 6 آلاف جندي، وهناك خطط بنشر آلاف آخرين.
كانت الجزيرة قاعدة عسكرية أميركية رئيسية خلال الحرب العالمية الثانية، ولا تزال نقطة انطلاق حيوية للعمليات الأميركية، وتوفر إمكانية الوصول إلى بؤر توتر محتملة، مثل بحر الصين الجنوبي والكوريتين والمضايق التايوانية.
Leave a Reply