يحكي فيلم «عرض غير لائق» Indecent Proposal (من بطولة روبرت فورد وديمي مور) قصة مليونير يعرض على زوجة صبيَّة مبلغ مليون دولار لقاء قضاء ليلة واحدة معه. في البداية ترفض الزوجة الجميلة، وبعد أخذٍ ورد وبحثٍ مع زوجها يقرران رفض العرض. فهما يعيشان في حب وسعادة. لكن سوسة حب المال بدأت تنخر حياتهما وإغراء المليون دولار بدأ ينغِّص حياة الزوجين. وتتطور حبكة الفيلم حين يتعرضان إلى حادثٍ يجعلهما بحاجة إلى مبلغ 50 ألف دولار.
في النهاية تقبل المرأة عرض الملياردير الثري الكهل. لكن كل شيء في حياتها يبدأ في الإنهيار. الحب، السعادة، الاطمئنان، الثقة، كلها غابت أمام رصيد المال الفاسد الذي جعل الزوجة قلقة في الليل ومهمومة في النهار.
يُحكى أنه كان هناك وطن هادئ، بسيط وكلفة العيش فيه مقبولة، اسمه لبنان، وكان أبناؤه فخورين به ويخافون عليه، ويحذرون الغرباء ويعاملوهم كسيَّاح عابرين، وكانت الليرة، العملة الوطنية، لها قيمة وطنة ورنة. وكنوع من الإعتزاز رغم صغر مساحة ذلك البلد، كانوا يفاخرون به ويهيمون به، وكأنه القارة السابعة. وعاشوا يرفضون أن يدخل أحد بينهم وبين بلدهم. ربما لم يكن القانون فيه سيِّد الأحكام، لكن كانت هناك أخلاق ومواثيق وروَّاد يحلمون ويعملون بحماس ليكون وطنهم نموذجاً من الصعب تقليده في محيط الشرق، إلى أن سقطت فلسطين وتدفق اللاجئون والنازحون على الوطن الصغير وتدفق معهم المال العربي والأجنبي. إزدادت أموال الناس وتضاءل كل شيء، البلد الهانىء السعيد بقناعته، نخره سوس الفساد دون توقف ومن دون شفقة وبدأ يمرمر حياة الناس.
مأساة الزوجين في فيلم «عرض غير لائق» تشبه مأساة لبنان في قبول العروض غير اللائقة. قبول المال الكثيرمقابل إيواء النازحين. أَخذَ المال وفقد كل شيء آخر، إزدادت الأموال مع الناس وصار بلداً مثقلاً بالديون والفساد وانعدام الضمير، من رنا قليلات إلى منى بعلبكي، على سبيل المثال، الفساد هو أسوأ نموذج للانهيار والانحطاط بين الأمم، من لبنان إلى العراق ومصر والسودان.. يا قلبي لا تحزن.
مرارة قيادة السيارة
لا أقول ما أقول من موقفٍ أخلاقي، بل من الشعور بجدية ما يحدث في شوارع مدينة ديربورن. فأقول لبعض السائقات، إن قيادة السيَّارة ليست للأبهة و«الشو أوف» بل هي تعبير عن الذات تماماً مثل اللباس، إما أن يكون محتشماً أو يكون خلاعياً فاضحاً.
الكثير من الرجال، لا زالوا يحترمون المرأة ويتصرفون بما تربُّوا عليه من القيم والذوق والأدب والجنتلمانية، وما توجبه الأتيكيت العصرية، كأن يقوم من مقعده لتجلس عليه سيدة مكانه، أو أن يفتح لها الباب وتدخل أمامه، أو يمشي خلف إمرأة أو يعطيها دوره خلال التسوُّق. كل هذا الإحترام و«التغنيج» يصلح أينما كان، إلَّا على الطرقات أثناء قيادة السيارات. هنا لا تجب أن تطبق القواعد الاجتماعية بل القواعد المرورية، وإشارات وموت وحياة. وتبقى السيارة سيارة، سواء قادتها إمرأة أو رجل، ولا أفضليَّة “للست” لا بالقوَّة ولا «بالمطاحشة». وبالرغم من هذه البديهيات، تجد بعض الستات على شوارع ديربورن المزدحمة، يقدن سيَّاراتهن بتهور، وكأن لهن حق الأفضلية بالمرور والتشبيح فقط لأنهن من النسوان «الجدعان».
Leave a Reply