عفاف همايون – «صدى الوطن»
أصدر «مركز بيو للأبحاث» في 25 تموز (يوليو) الماضي استطلاعاً حول المسلمين الأميركيين أظهر أن غالبيتهم (92 بالمئة) مازالوا متفائلين بالحلم الأميركي وأن ثقتهم به راسخة، على الرغم من مشاعر القلق والتوجس التي انتابتهم خلال الأشهر الأولى من تولي دونالد ترامب سدة الرئاسة الأميركية.
الدراسة الاستقصائية –وهي الثالث من نوعها منذ عام 2007– كانت قد أجريت بين شهري كانون الثاني (يناير) وأيار (مايو) الماضيين، وقد بيّنت أن 48 بالمئة من المستطلعين تعرضوا لحادثة تمييز واحدة على الأقل خلال الاثني عشر شهراً الماضية، كما أفاد 49 بالمئة بأنهم حصلوا على الدعم من أشخاص بسبب ديانتهم خلال العام الماضي.
«صدى الوطن»، من جانبها، قامت بالتواصل مع عدد من الفعاليات البحثية والمجتمعية والسياسية لمعرفة آرائهم بمخرجات الاستطلاع وتحليل نتائجه، حيث أشار رئيس «مركز الفقر الجنوبي» ريتشارد كوهين إلى الارتفاع الهائل في حوادث الكراهية في أعقاب الانتخابات الأميركية الرئاسية: «لقد أحصينا حوالي 900 حادث كراهية خلال الأيام العشرة الأولى بعد الانتخابات، وكان الكثير منهم موجهاً إلى أشخاص مسلمين أو تم اعتبارهم مسلمين».
المسلمون هم «الآخرون»
بحسب الاستطلاع الأخيرلـ «بيو»، فقد عبر ثلثا المشاركين في عن عدم رضاهم عن الوضع الراهن في الولايات المتحدة، ورأى ثلاثة أرباعهم (74 بالمئة) أن الرئيس ترامب يتبنى ضدهم سلوكاً عدائياً، في حين أعرب 65 بالمئة عن استهجانهم للطريقة التي ينتهجها ترامب في ممارسة منصبه كرئيس، وأفاد 62 بالمئة بأنهم لا يرون أن الإسلام جزء من المجتمع السائد.
وفي هذا السياق، أشار كوهين إلى أن «خوف المجتمع الإسلامي (في أميركا) مبرر»، على خلفية ازدياد أعداد الكارهين للمسلمين من «34 مجموعة كراهية في 2015 إلى 101 مجموعة في العام الماضي»، وعزا أسباب ارتفاع عدد مجموعات الكراهية إلى «المناخ السياسي الملتهب في بلدنا، حيث يتحمل السيد ترامب مسؤولية هائلة»، وفقاً لكوهين.
وعلى الرغم من المخاوف والتحديات الملموسة التي تواجههم، أعرب تسعة من كل عشرة مسلمين تقريباً عن شعورهم بالفخر لكونهم مواطنين أميركيين ومسلمين كذلك، كما أعرب 80 بالمئة عن رضاهم عن أوضاعهم الحياتية، ولايزال قطاع عريض منهم يؤمنون بالحلم الأميركي، حيث ترى نسبة 70 بالمئة أن غالبية الأشخاص الذين يمكنهم تحقيق النجاح في أميركا إذا كانت لديهم الرغبة والاستعداد للعمل بجد واجتهاد.
ووصف كوهين التباين بين وطنية المسلمين الأميركي والاشتباه بهم من قبل قبل العديد من الدوائر الحكومية، خاصة البيت الأبيض بأنه «صارخ للغاية». وقال «العديد من (أبناء) المجتمعات المهاجرة –الذين يميلون لأن يكونوا أكثر وطنية وأكثر التزاماً بالقانون– ينظر إليهم باعتبارهم «الآخرون»، وللأسف فإن المجتمع الإسلامي يتشارك هذه الخاصية مع مجتمعات الأقليات في البلاد».
وأفاد بأن «الرئيس ترامب قام بحملة عنصرية معادية للأجانب» وقال «إنه مدين بالاعتذار للمسلمين الأميركيين لتلويث وطنيتهم» مدللاً على حادثة تشارلوتسفيل بأنها مثال على تنشيط ترامب للعنصريين البيض، وقال «لقد خلق (الرئيس) وضعاً خطيراً للغاية. لقد كتب الكثير وقيل الكثير عن فشل ترامب في إدانة ظاهرة التفوق الأبيض، والمشكلة ليست في إخفاقه بذلك بل هي تكمن في أنه بكل بساطة لم يتحمل مسؤولياته بتنشيط العنصريين البيض».
الاعتذار للمسلمين
وتابع «على ترامب أن يعتذر عن دوره في تنشيط هؤلاء وأن يقوم بطرد كبير استراتيجيي البيت الأبيض ستيف بانون لإثبات أنه يغير نهجه وأنه يتراجع عن الأضرار التي تسبب بها».
وقال «هنالك الكثير من الشخصيات البطولية في المجتمع الإسلامي ولدينا العديد من الأصدقاء المسلمين المدافعين عن القضايا العادلة، ونحن نقف متضامنين معهم».
من جانبها، قالت النائب السابقة في مجلس نواب ميشيغن رشيدة طليب إن أفضل وصف لما يشعر به المسلمون الأميركيون هو «أنهم غير مقبولين (في المجتمع الأميركي)». وأضافت أول امرأة مسلمة انتخبت لمجلس ميشيغن التشريعي: «نشعر أن أميركا هي وطننا.. هنا نربي أطفالنا، ولكن مع ذلك يتم إقصاؤنا جانباً على الدوام، حتى فيما يتعلق بقضايا الحريات المدنية، وقضايا العدالة، مما يخلق قدراً كبيراً من القلق، ولهذا فإن الكثيرين صامتون تماماً».
وفي القسم المتعلق بالقيم الاجتماعية، أظهر الاستطلاع زيادة أعداد المسلمين الذين يعتقدون بأنه يجب تقبل المثليين، ففي الاستطلاع الثاني الذي أجري 2007 أعرب 27 بالمئة من المسلمين عن اعتقادهم بذلك، وفي الاستطلاع الأخير ارتفعت تلك النسبة إلى 52 بالمئة.
ونوهت طليب بزيادة أعداد المسلمين المنخرطين في الحركات المدنية، مثل «حياة السود مهمة»، وقضايا المثليين، وقالت «في بعض النواحي كان مثل ذلك الانخراط نوعا من النعمة بالقدر نفسه الذي نشعر به بالقلق من «قانون حظر السفر» الذي نناضل ضده».
قبول المثليين
ولم تتفاجأ المديرة التنفيذية لمنظمة «مساواة ميشيغن» ستيفاني وايت بما جاء في «استطلاع بيو» عن تضاعف نسبة المسلمين المتقبلين للمثليين، وقالت «إن أي مجموعة من الناس لديها نظام قيمي تقبل إخوانهم البشر على ما هم عليه».
وعبرت مسلمة من خريجات «جامعة ويسترن ميشيغن» عن مفاجأتها لتقبل المزيد من المسلمين للمثليين، وقالت الطالبة، وهي مثلية جنسياً رفضت الكشف عن هويتها: «إن بحثها الأكاديمي وجد أن المسلمين الأكثر تعليماً كانوا أكثر قبولاً للمثلية الجنسية، معبرة عن تشككها باستطلاع بيو لاعتقادها بصعوبة الحصول على عينات دقيقة من العرب والمسلمين الأميركيين للوقوف على آرائهم».
وأظهر جزء آخر من الاستطلاع أنه في 2006 بلغت نسبة المسيحيين الإنجيليين البيض المتقبلين للمثليين 23 بالمئة وقد تراجعت في 2016 إلى 11 بالمئة.
كما أظهر 72 بالمئة منهم بأن هناك «صراعاً طبيعياً بين الإسلام والديمقراطية» وكانت تلك المجموعة من أكثر المجموعات المتعصبة ضد المثلية الجنسية بين المجموعات التي شملها الاستطلاع.
كما أورد قسم آخر من التقرير شهادات لمسلمين أميركيين بشأن التمييز، وتضمن تجربة لفتاة مسلمة مجهولة الهوية تحت سن الـ30 قالت لباحثي بيو: لقد اختبرت بالتأكيد كلا الأمرين، التمييز والدعم.
فيما أفادت مسلمة فوق سن الـ60 تعيش في أميركا منذ أكثر من 15 سنة إنها لم تختبر أية حادثة سلبية بسبب دينها.
ويذكر استطلاع «بيو» أن العديد من المسلمين لديهم مشاعر مماثلة مع عامة الناس بشأن التطرف الديني، وأشارت الدراسة إلى أن المسلمين قد يكونون أكثر قلقاً من الجماعات الأخرى حول التطرف باسم الإسلام، حيث أعرب 8 من 10 مسلمين عن أنهم «قلقون جداً من التطرف حول العالم باسم الإسلام».
وقالت طليب إنه وعلى الرغم من مخاوف المسملين في الولايات المتحدة فإن هنالك شعور بالتفاؤل لديهم فيما يتعلق بالعقيدة الإسلامية، «فالمسلمون يميلون إلى الإيمان عندما يشعرون بالخوف والقلق، إضافة إلى كونهم متواضعين حتى ولو كانوا ضحايا».
Leave a Reply