عفاف همايون – «صدى الوطن»
تأسس «الصندوق الإسلامي للمنح الدراسية» (ISF) في 2009 على خلفية انخفاض أعداد الطلاب المسلمين الراغبين بالتخصص في مجالات وسائل الإعلام والسياسة العامَّة، واضعاً في مقدمة أهدافه توفير التمويل والإرشاد اللازمين في هذا المجال، للطلاب الفائزين بالمنح.
وكان بين أهم الأسباب التي حدت بهذا المشروع ليبصر النور، هو الشعور بالإحباط الذي تولد لدى الدكتور حامد رضابور، مؤسس ورئيس الصندوق التعاضدي، جراء الصور النمطية السلبية عن الإسلام والمسلمين في وسائل الإعلام، حيث اعتبر «أن السبيل الاستراتيجي الوحيد لمعالجة هذه المشكلة هو تشجيع التخصص في مجالات الإعلام والسياسة العامة»، وفقاً لمديرة البرامج والعمليات في الصندوق سمية نيكوئي.
للصندوق أربعة برامج رئيسية، وهي: المنح الدراسية القائمة على أساس الجدارة والكفاءة، ومنح للأفلام السينمائية، وورش عمل للشباب، وحلقات تدريب في الكونغرس.
وكانت أولوية الصندوق –الذي نشأ لأهداف غير ربحية– هي تقديم المنح الأكاديمية، وبعد ذلك تفرع الصندوق الخيري وأضاف برامج وهبات أخرى.
وأشارت نيكوئي –في حديث مع «صدى الوطن» إلى أن الثلة الأولى من متلقي المنح الدراسية كانت مؤلفة من 6 طلاب بلغت قيمتها 21،000 دولار، وقالت: «العام الحالي، لدينا منح دراسية بقيمة 134،000 دولار ستوزع على 43 طالباً».
أهداف متعددة
ويموّل الصندوق الخيري، الطلاب المسلمين الذين يدرسون في الجامعات الأميركية، ممَّا يسمح للبرنامج لكي يشمل الطلبة المسلمين الزائرين من البلدان الأخرى، ففي 2017 تلقى الصندوق طلبات من متقدمين من 35 جنسية مختلفة و177 جامعة و47 دولة، بحسب نيكوئي التي أضافت «الطلاب المتقدمون جاؤوا من 45 اختصاصاً جامعياً. الطلاب المسلمون الذين هم مواطنون في الولايات المتحدة، المجال متاح أمامهم لنيل منح سينيمائية لصناعة الأفلام وقد تم تقديم أول منحة للأفلام في 2014، ويوفر البرنامج للفائزين التوجيه والإرشاد طيلة فترة تنفيذ الفيلم. والمنحة السينمائية تنقسم إلى فئتين: الفيلم الروائي والفيلم الوثائقي. السردي منحته قد تصل الى إلى 20،000 دولار أما منح الأفلام الوثائقية فقد تصل إلى 10،000 دولار».
ومن الإضافات المهمة جدَّاً على صندوق المنح الإسلامي، برنامج التنمية القيادية في الكونغرس (cldp)، ويتضمَّن قيام تعاون بين الصندوق ومجلس «الشؤون العامة الإسلامي» (mpac)، وبرنامج التنمية القيادية هو برنامج أكاديمي جامعي يتضمن وضع الطلاب المسلمين في مواقع تدريبية في الكونغرس ويزاوج بين عملهم الميداني مع الدراسة النظرية حول التطوير المهني.
وفي العام الماضي، تم توظيف متدربين اثنين في وظائف من ضمن اختصاصهما بعد انتهائهما من برنامج التنمية القيادية (cldp).
ومن خلال وجوده في منطقة «بيركلي» فإن صندوق المنح شجّع الجالية المسلمة في الساحل الغربي على النشاط من خلال دورات وورش العمل التي أقامها للنشئ الجديد، ومن خلال قيام الصندوق بإشراك الاهالي والشباب في نقاشات داخل المراكز الإسلامية، يساعد الصندوق الأسر في الاطلاع على المعلومات والاحتياجات الهامة ومعرفة الأمور التي تساعدهم على المشاركة الاجتماعية والثقافية والسياسية.
وفي هذا السياق، قالت نيكوئي «دعونا نتصور بأن لدينا العديد من الأفراد في مبنى الكابيتول يقومون بتمثيل الجالية المسلمة»، مؤكدة «لو حصل هذا فعلاً لتغير مستقبل الأميركيين المسلمين برمته».
مصطفى توبي أيك، من مقيمي مدينة لوس انجلوس، كان أحد متلقي منحة من الصندوق في عام 2011، أشار –بدوره– إلى أن إدارة المنح الدراسية تعرف كم هو مكلف اختصاص الدراسة وإنتاج السينمائي، والذي يتضمن أثمان معداتهم والتأمين والسفر وغيرها من الأمور الأخرى. وقد حصل أيك على منحة سينمائية من الصندوق ساعدته في تغطية تكاليف بعض اللوازم المدرسية وتكاليف الإنتاج والتأمين.
دعم الدراسات غير التقليدية
أيك كان مهتمَّاً في الافلام منذ صغره لكنه لم يكن يعلم بوجود اختصاص في صنع الأفلام، وعندما تخرج من الثانوية اكتشف وجود اختصاص سينمائي في الجامعة فسارع الى الانتساب في برنامج تخصصي بجامعة مرموقة هي «جامعة جنوب كاليفورنيا».
وقال في حديث مع «صدى الوطن»: «كان لدي دائماً كاميرا فيديو»، وأضاف «لقد كنت أسكن في صغري ببلدة صغيرة في ولاية أريزونا وحصلت على أول كاميرا فيديو خلال دراستي في الثانوية، لذا فالاهتمام الذي يبديه صندوق المنح للاختصاصات غير التقليدية مهم جدَّاً لان حقول الهندسة والطب والقانون هي من الاختصاصات المفضلة في بعض المجتمعات الإسلامية.. إن صندوق المنح يشكِّل الطليعة الرياديَّة للمجتمع المسلم وعندما لا يوجد مسار خاص واضح عليك أنت أن تخلق هذا المسار».
ويحافظ الصندوق التعاضدي على صلة وصل مع المستلمين السابقين للمنح، وقد أنشأت المنظمة شبكة جاذبة للفائزين المستقبليين. ومن خلال هذه المبادرة، تمكَّن أيك من مقرري المنح السينمائية. وفي الوقت الراهن، يعمل –بشكل جزئي– مع شركة يونيفيجين (univision) حيث يقوم بأعمال المونتاج وتصوير الأفلام الوثائقية القصيرة.
إيمان ظواهري، مصرية أميركية، كانت بين أوائل من حازوا على منحة دراسية في اختصاص الأفلام. وهي حالياً تحتل موقع مديرة المنح السينمائية لدى الصندوق، كما تدرَّس في «جامعة فلوريدا».
وقد استعملت ظواهري منحة الصندوق لها لتمويل فيلمها القصير الرابع. وحول تجربتها، أشارت إلى أن «العرب والمشرقيين عموماً ليسوا من داعمي الفنون.. ووجود المنح الدراسية التي هدفها دعم الفنون يبعث على الإلهام والتقدير، وأنا أكاد لا أصدق حدوث ذلك».
عندما تقدمت ظواهري بطلب دخول الى الجامعة للدراسة السينمائية لم تحظ بدعم عائلتها، فالعديد من أفراد الأسرة، بمن في ذلك أشقاؤها قرروا التخصص في حقل الطب، وأوضحت «أن الشخص الذي يقرر الذهاب لكلية الطب تتوفر لديه شبكة ضخمة من الداعمين والمؤيدين بعكس ما حصل لي عندما بدأت دراسة السينما.. لقد حاربت كثيراً حتَّى لا أذهب لكلية الطب وعندما تقدمت بطلبات الانتساب لدراسة السينما ، لم أخبر أبي بذلك، وكان ذلك بالنسبة لي قفزة نوعية».
ومنذ استلام ظواهري لمنحتها السينمائية من الصندوق وحتَّى اليوم زاد بشكل أكبر تمثيل المسلمين والملونين في الأفلام، ممَّا يشكِّل ذخيرة لعنصر الشباب للاقتداء والتقليد. وصانعو الأفلام اليوم يبرزون إلى الضوء ويحدثون تأثيرات مهمة.
وأضافت «أن السؤال الآن ليس ماذا لو لم يدعمني أهلي فيما يتعلق بمزاولة مهنة في العلوم الإنسانية؟ هناك بعض الارتياح من تلك المخاوف العائلية بعد انشاء صندوق المنح».
سعي لملء الفراغ
ونوهت أيضاً بالمخرج الشهير ليكسي الكسندر، وهو فلسطيني–ألماني، مشيرة إلى أنه «أصبح من المؤيدين بشدَّة للصندوق الدراسي لأنه وجد ضرورة تمثيل كاف للمجموعات المغبونة التمثيل في صناعة السينما. الجالية المسلمة هي جالية فتية ونحن رواد وطليعيون في جيلنا في الوقت الحالي. وأشعر أننا نحوز على دعم كبير من قبل المجتمع الأميركي ككل».
وخلصت الى القول «في نهاية المطاف، صندوق المنح أحدث تغييراً في حياتي على الرغم من عدم وجود دعم من عائلتي بشأن توجهي السينمائي. هذا لا يعني ان الصندوق يملأ الفراغ بشكل كامل لكن يساعدني على بعض الاقتناع النفسي».
من الجدير بالذكر، أن المنظمة تقيم مأدبة سنوية في شهر تشرين الأول (أكتوبر) لعرض أعمال ونتاج طلاب المنح إلى الضيوف. والحفل السنوي عادة ما يكون أيضاً مناسبة لجمع التبرعات من أجل دعم طلاب في السنوات المقبلة.
هذا العام، المأدبة تحل يوم 28 تشرين الاول (أكتوبر) وسوف تقام في «قاعة بولمان» بمدينة «ريدوود سيتي» في سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا وسيكون المتحدثان الرئيسيان خلال الحفل المذيع التلفزيوني لدى قناة “الجزيرة” مهدي حسن، و دينا تكروري من شبكة «+aj» على الإنترنت.
وحتَّى اليوم قدّم الصندوق منحاً بقيمة 900،000 دولار وتأمل المنظمة الأكاديمية الخيرية أن تلبي حاجة كل المتقدمين وألا تضطر – كما يحدث أحياناً– لاستبعاد القليلين لعدم وجود تمويل كاف.
للحصول على مزيد من المعلومات حول المنح الدراسية والبرامج وكيفية التبرع، يمكن زيارة موقع الصندوق على العنوان الالكتروني: www.islamicscholarshipfund.org
Leave a Reply