في بعض حفلات الأعراس، أشعر بالغثيان والاشمئزاز حين أسمع بعض المغنين –ممن يحترفون إحياء حفلات الأفراح– وهم يتحمسون بدافع من ذوقهم السقيم لغناء بعض الأهازيج التي تشجع العريس على تجديد شبابه، وألا يكتفي بزوجة واحدة وأن “يجيب” لها ضرة، ويتزوج مرة ثانية وثالثة..
من جهة أخرى، تسنفزني المجالس الاجتماعية والبرامج الإذاعية حين تشهّر بالمرأة العربية أو الشرق أوسطية وتقدمها للرأي العام الأجنبي على أنها إنسانة «مفترية» لا تقدر النعمة وتفهم قوانين الغرب بطريقة خاطئة، حين تطلب رقم الطوارئ (911) عند أقل خلاف بينها وبين زوجها.
ولأني أحترم الكلمة، سواء أكانت مكتوبة أو مسموعة، وأقدس رسالة الإعلام في تقديم الأفضل، ففي أحيان كثيرة أشعر بالاستياء مما وصل إليه إعلامنا، سواء المحلي أو العابر للمحيطات، وواجب الحق يقضي علي أن أحدد بعض البرامج، لا كلها، حين لا تتعامل مع الأمور والقضايا من منطلق الجدية والصدق والأمانة، ولا تراعي الذوق العام عندما تتحدث عن المرأة العربية عموماً، بل تخصص الكلام عن عينة قليلة من النساء الأميات أو نصف المتعلمات، ومعظمهن جاهلات لا صدراً حنوناً لهن يلجأن إليه إذا اشتد العذاب بهن، ولا ظهراً قوياً يستندن إليه للاحتماء من جهنم المهانة التي يحترقن بلهيبها. وأغلب هؤلاء الزوجات ينتمين إلى الطبقة المكافحة التي لم تمكنها الظروف في بلادها، لإعداد بناتها لأي عمل يرتزقن منه إذا فاض بهن الأسى، وكان الزواج بالنسبة لهن هو لقمة العيش التي تعطى لهن في بيت الزوجية، مقابل القيام بالكنس والمسح والغسل والطبخ والولادة وتربية الأبناء والعناية بأهل الزوج، إضافة إلى تلبية طلبات العشير وإرضاء رغباته حتى ولو كانت «هلكانة» من جهد العمل الذي يقصم ظهرها كل يوم، ولقمة العيش التي تبقى لها في بيت الزوجية هي القليل من الفضل الباقي من أفراد العائلة، وإلى جانب ذلك، لا زالت الكثيرات من الزوجات –حتى هنا في أميركا– تُضرب وتشتم ويلعن أبوها وأمها، ثم تأتي الأقوال والنصائح لها بأن تصبر وتطوّل بالها، وتتوالى الاتهامات بأنها سبب «زوغان» عين زوجها حين يقع في غرام صبية من عمر بناته، ويشرع في إقامة علاقة معها، وإذا فتحت الزوجة المنهكة فمها احتجاجاً على عذاب الأيام يقال لها بكل وقاحة: «الباب يفوّت جمل»!
وأنا أقول بصراحة إن بعض السيدات يعشن حظاً أقل من حياة الحيوانات الأليفة التي يسعدها الحظ بالوجود في أسرة ترعاها وتطعمها وتدللها وتحميها من برد الشتاء ومن قيظ الصيف. وماذا تفعل الزوجة التعيسة حين تجد نفسها تعيش مع زوج لا يتقي الله ولا يحترم القوانين ويجعل من تشريعات الأحوال الشخصية والشرائع الدينية سبباً لامتهان كرامتها وتحقيرها وظلمها؟ لا تملك هذه المرأة حين يفيض بركان العذاب والشقاء سوى الاتصال بالبوليس، ثم بعد ذلك تخرج بعض الإعلاميات الهزيلات وتوصي المرأة بالصبر والاحتمال ويخرج بعض المتخصصين في علم النفس ليلوم الزوجة، وهات يا تحاليل.. تنتهي بأن الزوجة هي التي تخرب بيتها!
Leave a Reply