يقبل المسلمون الشيعة في منطقة مترو ديترويت بكثافة لإحياء ليالي عاشوراء حيث تشهد المراكز الدينية في الذكرى السنوية لموقعة كربلاء، حراكاً استثنائياً لاستعادة المعاني الدينية والإنسانية السامية التي استشهد من أجلها الإمام الحسين (ع)، ونقلها إلى الأجيال الجديدة من العرب الأميركيين.
ووفقاً للعديد من المشاهدات والمقابلات التي أجرتها «صدى الوطن» في العديد من المساجد والمراكز الدينية في ديربورن وديربورن هايتس، أكد المشاركون في إحياء المناسبة على احتضان رسالة أهل بيت النبي محمد (ص)، من الحضور والمتطوعين والمتبرعين والقائمين على المؤسسات الدينية.
وعبر جولة في المدينتين شملت «المركز الإسلامي في أميركا» و«المجمع الإسلامي الثقافي» و«المنتدى الإسلامي في أميركا»، وغيرها من المراكز الأخرى، يمكن للمرء أن يلحظ سريعاً، الأجواء العاشورائية البارزة، ليس فقط باكتظاظ قاعات المساجد حيث تقام يومياً مجالس العزاء الحسينية، بل أيضاً في مواقف السيارات الممتلئة وترفع الأعلام السود واللافتات التي تخلد استشهاد الإمام الحسين انتصاراً للحق والعدالة وقيم البيت النبوي الشريف.
ولا شك في أن ممارسة الطقوس العاشورائية قد تثير بعض الجدل عن المناسبة وطبيعتها، إلا أن الكثيرين يصرون على إحياء ذكرى استشهاد الحسين ونقل معانيها إلى الأجيال الجديدة، رفضاً للظلم ونصرة للحق.
وفي مقابلة مع «صدى الوطن» أكد محمد حشيشو (18 عاماً) على أنه يرتاد «المركز الإسلامي في أميركا» ويدأب على حضور المحاضرات والمجالس منذ كان طفلاً، مشيراً إلى التشابه الكبير بين الليالي العاشورائية «هنا وفي لبنان»، واعتبر أن ذلك أمر يستحق الثناء.
أما قريبه فاضل فرحات (18 عاماً) فقد وافقه على ما قال وأضاف أن ما تقدمه المساجد هنا له نكهة خاصة، حيث تقدم المحاضرات والقراءات باللغتين العربية والإنكليزية، مشيداً بالحماس و«الروحانية الملتهبة التي تظهرها الجالية هنا بدون خوف».
وأشار حشيشو إلى أنه يؤمن بأن «رسالة الإمام الحسين هي للجميع.. على الناس أن يتذكروا قوله: «هيهات منا الذلة» الذي يظهر الاستعداد للتضحية بكل شيء من أجل الإسلام الحق، وهذا ما يجب أن نفعله كل يوم في حياتنا».
طقوس وتقاليد
وفي ختام المجالس الحسينية، تحيي المراكز الدينية طقس اللطم على وقع والمراثي الحسينية، وبينما يعتبر البعض هذا التقليد شكلاً من أشكال إيذاء النفس، إلا أن الشيخ ابراهيم ياسين -من «المركز الإسلامي بأميركا»- أوضح أن اللطم ليس ضاراً وإنما هو «تعبير طبيعي عن الحزن» وقارنه بالحزن الذي يصيب المرء عند فقدانه لأحد أقاربه أو أحبائه.
وشدد على أن اللطميات «تقوّي الارتباط العاطفي بمأساة عاشوراء كعلامة على الحزن، ولا علاقة لها بإيذاء النفس».
الطفلة ديانا (8 سنوات) تحضر الليالي العاشورائية مع والديها، وتتبرع معهما بالمشاركة في طبخ «الهريسة» التي يستغرق تحضيرها وقتاً طويلاً يستمر طوال الليلة التاسعة من شهر محرم، ليتم توزيعها على الناس في اليوم العاشر الذي يصادف استشهاد الإمام الحسين (ع).
وفي «المركز الإسلامي» تقوم هيئة نسائية تعمل تحت مسمى «سيدات المركز الإسلامي في أميركا» بتحضير بعض المأكولات والفطائر والمخبوزات التقليدية، مثل كعك العباس والبقعات وفطائر الجبنة والزعتر، لتقديمها للفقراء والمحتاجين عن أرواح أهل بيت النبي (ص).
وقالت رئيسة الهيئة رانيا هزيمة إن توزيع الأطعمة يتم تكريماً لذكرى الإمام الحسين بالتعاون مع «مشروع عاشوراء» لإطعام الفقراء والمعوزين، وأشارت إلى وجود طاولات خاصة بالتبرعات، واحدة منها مخصصة لـ«مؤسسات الإمام الصدر» التي تعتني برعاية الفقراء والأيتام في لبنان.
وتحدث المدير في «المجمع الإسلامي الثقافي» علي حميّد عن التقليد السنوي الذي يقوم به المجمع مثل خبز الكعك والبقعات وطبخ الهريسة وتوزيعها على الناس في اليوم العاشر، وقال «العاملون خلال هذه المناسبة جميعهم من المتطوعين ويتواجد في المجمع ما بين 70 و80 شخصاً يتعاونون على إعداد المأكولات وتوزيعها» على حد قوله.
وفي «المنتدى الإسلامي في أميركا» بديربورن هايتس، قالت زينب شرارة «بما أن المطبخ ما يزال قيد الإنشاء فسوف نطبخ الهريسة في مكان آخر ونجلبها إلى المنتدى»، مشيرة إلى أنه يوم فيه يتم تقديم المعجنات على مدار الساعة في أيام عاشوراء.
وسيتم تنظيم مسيرة عاشورائية في الساعة الثانية بعد ظهر الأول من تشرين الأول (أكتوبر) المقبل تنطلق من أمام ثانوية فوردسون في ديربورن باتجاه منتزه فورد وودز.
Leave a Reply