اذا كنت واحداً من أولئك المسافرين الذين يتم عادة توقيفهم واستجوابهم في المطارات أو عند المعابر الحدودية، فإنك على الأرجح مصنف كإرهابي محتمل، بحسب «مركز فحص الإرهابيين» Terrorist Screening Center التابع لمكتب التحقيات الفدرالي (أف بي آي).
هذه القضية الحساسة كانت مدار بحث مستفيض في اجتماع منتدى «بريدجز» الذي عقد الأربعاء (4 تشرين الأول/أكتوبر)، وضم ممثلين عن الجالية ومسؤولين فدراليين، لمناقشة الغموض الذي يحيط باللوائح الأمنية مثل «قائمة مراقبة الإرهاب» و«الممنوعين من السفر جواً»، والتي تضم أعداداً غير متكافئة من العرب والمسلمين، وتحديداً في مدينة ديربورن، ما يشي باستهداف عنصري ممنهج لهم، وفق تقرير أمني كشفه موقع «ذا انترسبت» الالكتروني عام ٢٠١٤.
وحضر الاجتماع الذي عقد في قاعة مطعم لابيتا في ديربورن عشرات المسؤولين الفدراليين من وكالات أمنية متعددة إلى جانب قيادات حقوقية واجتماعية من العرب والمسلمين الأميركيين الذين أعربوا عن هواجس المجتمع المحلي بشأن التمييز الأمني ضدهم وتنميطهم كإرهابيين محتملين.
و«بريدجز» (معناها بالعربية: الجسور)، هو اختصار للعبارة الإنكليزية: «بناء الاحترام في المجموعات المتنوعة لتعزيز الحساسية». وقد أسس المنتدى في أعقاب هجمات ١١ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠١ الإرهابية، في مسعى من الوكالات الفدرالية وقادة المجتمع المحلي في منطقة ديترويت لاحتواء ردود الفعل السلبية ضد الجاليات الشرق أوسطية وإيجاد قنوات للتواصل الدوري بين الطرفين.
وكان من بين الحضور مساعدة المستشار العام لـ«مركز فحص الإرهابيين»-«قسم الخصوصية والحريات المدنية»، شارون غيديس، التي أعربت عن انزعاجها «من المعلومات الخاطئة حول قوائم المراقبة»، محاولةً شرح كيفية وضع الأفراد عليها.
وأوضحت أن مركز فحص الإرهابيين (TSC) «تشكل بعد 9/11 عندما ادركت وزارة الأمن الداخلي ان تسعة وكالات فدرالية تدير 12 لائحة مراقبة مختلفة».
وأضافت «الفوضى كانت سائدة لذا قامت الوزارة بتجميع وتوحيد اللوائح كلها في قاعدة بيانات موحّدة تضمَّنتْ فروعاً مثل «لائحة الممنوعين من السفر جواً» و«لائحة مراقبة الإرهاب».
وأردفت أن المركز مكتمل الطاقم الإداري الآن و«يعمل فيه موظفون تنفيذيون رفيعو المستوى جاؤوا من عدة وكالات حكومية فدرالية وهؤلاء يقومون بتسمية المرشَّحين لاضافتهم على اللوائح وفق معايير إجرائية صارمة».
ولدى سؤالها عن نسبة العرب والمسلمين الواردة أسماؤهم في قوائم «المركز»، قالت غيديس إن قاعدة البيانات لا تصنف الأفراد المحظورين حسب الدين أو العرق لذلك من المستحيل تبيان عدد العرب والمسلمين الأميركيين المدرجين أو المرشحين للإضافة إلى القوائم.
ورغم اعترافها بأن الاستجواب والتحقيقات والتفتيش الدقيق قد تكون كلها أفعالاً غير مريحة للمسافرين «إلا أن الأولوية تبقى للأمن».
وكشفت المستشارة القانونية أن أكثر من مليون شخص مدرجون ضمن قاعدة البيانات الخاصة بمركز فحص الإرهابيين، ممَّا يعني أنه تمت إضافة حوالي ٣٠٠ ألف شخص منذ 2014.
غير أن غيديس أكدت على أن فقط ٣٧٥٠ شخصاً منهم (0.375 بالمئة) يعيشون في الولايات المتحدة، من بينهم 2750 أميركياً وحوالي ألف من المقيمين الدائمين.
وأضافت أن حوالي ٩٩ ألفاً مدرجون على قائمة حظر السفر جواً، مشيرة إلى أن ٨٩١٠ منهم يعيشون في الولايات المتحدة، بينهم ٧٤٣ مواطناً وحوالي ١٥٠ مقيماً دائماً.
وزادت بالقول إن «قائمة التفتيش الدقيق» تضم ٣٠ ألف إسم، حوالي 5 بالمئة منهم يعيشون في البلاد (4 بالمئة أميركيون و1 بالمئة مقيمون دائمون)، لكنَّها استدركت بالإشارة إلى أنه من المستحيل معرفة الرقم الدقيق لعدد المدرجين على القوائم، «لأنها تخضع للتغيير لغاية ١٥٠٠ مرة في اليوم الواحد، نظراً إلى التعديلات والحذف والإضافات».
وأردفت «إذا كنت مدرجاً في قاعدة البيانات، فإن مكتب التحقيقات الفيدرالي يقول أنت جزء من نسبة ضئيلة من الأميركيين الذين هم إما مصممون أو أنهم قادرون ومهيأون للمساعدة في تنفيذ هجوم إرهابي».
كيف يستقر اسم الشخص في اللائحة؟
أفادت غيديس بأن عملية إدراج أحد الأسماء على القوائم الأمنية، تبدأ ببلاغ من جهات رسمية مثل وكالات تطبيق القانون والسفارات الأميركية والقنصليات في الخارج، يسمي أفراداً معينين استناداً إلى شبهات معقولة وتقارير استخباراتية تعبر صراحة عن أنهم معروفون أو يشتبه بأنهم إرهابيون»!
وعرفت غيديس «الإرهابي المعروف» بأنه الشخص الذي جرى اعتقاله أو الاشتباه به أو إدانته بجريمة إرهابية، أما «الإرهابي المحتمل» فهو قد يكون شخصاً ساعد على القيام بنشاط إرهابي.
ومضت تقول إن «مركز فحص الإرهابيين» يقوم بفحص ومقارنة المعلومات الخاصة بالأسماء المطروحة للائحة «مرَّتين على الأقل» لكي يتم التأكد من أن المدرجين في قاعدة البيانات هم من «القادرين عملياً على تنفيذ هجوم أو المساعدة على تنفيذه».
وفي محاولة لطمأنة الحضور، خلصت غيديس إلى القول: «معظم هؤلاء هم مدانون بتهم الإرهاب أو منضوون بجد في النزاعات المسلَّحة في الخارج»، مؤكدة أن السلطات تعمل على تحسين آليات ضبط لوائح المراقبة التي لا تزال بحاجة إلى جهد لتصبح خالية من الشوائب.
احتجاج
«شكراً، ولكن لا شكراً»، رد المحامي نبيه عياد، مؤسس «الرابطة العربية الأميركية للحقوق المدنية»، على الشرح المفصل الذي قدمته غيديس، مؤكداً على أن الكثيرين من العرب والمسلمين في منطقة ديترويت قد وجدوا أنفسهم على لوائح المراقبة من دون أي مبرر.
وأكد عياد أن المشكلة ليست فقط في الآلية الغامضة لوضع الأسماء على قوائم المراقبة، بل أيضاً في استحالة إزالتها، إلا من خلال مقاضاة الحكومة الفدرالية.
وتقدم عياد بدعوى جماعية لإزالة أسماء مدرجة في اللوائح الرقابية من دون مسوغ قانوني. وتشمل الدعوى مواطنين أميركيين «من كافة فئات المجتمع ومنهم رجال أعمال ومحامون وتربويون وغيرهم ممن لم تكن لديهم أدنى فكرة عن سبب وجودهم على لائحة المراقبة من الأساس» وفق عياد.
وأشارت غيديس إلى أن المدرجين على «قائمة التفتيش الدقيق»، هم ممنوعون من شراء بطاقة سفر عبر الانترنت (اونلاين). ومطلوب منهم فقط حجز الرحلات الجوية في المطار، وعادة تمهر بطاقة ركوب الطائرة بختم ssss من أجل الفحص والتدقيق الأمني الثاني. تماماً كما حصل مع ناصر بيضون، وهو رجل أعمال عربي أميركي وأحد مؤسسي الرابطة الحقوقية وقد كان حاضراً في اجتماع «بريدجز».
من ناحيته، سأل ناصر بيضون، غيديس قائلاً «لماذا جُردت من حقوقي في المحاكمة العادلة أو القيام بالمقتضى القانوني اللازم لكي أثبت براءتي؟» فردت المسؤولة الأميركية «ان الأفراد المدرجين على لائحة المراقبة يمكنهم تقديم اعتراض وطعن على تصنيفهم بهذا التصنيف إلى وزارة الأمن الداخلي عبر برنامجها المتعلق بمراجعات المسافرين ويسمى «تريب» (TRIP)، ولكن بيضون وعياد دحضا كلامها قائلين إن البرنامج لم يحل مشكلة أيّ من الذين تقدموا لتسهيل سفرهم عبره، بما في ذلك بيضون نفسه.
وعقبت غيديس على ذلك بالاعلان أن وزارة الأمن الداخلي ستبدأ «بإضافة حرف إلى SSSS للإفصاح عن سبب وضع الشخص على لائحة المراقبة، فقط اذا تقدم الشخص بطلب طعن عبر برنامج «تريب».
Leave a Reply