مات الأب وترك للأم والابن ثروة ضخمة في مجموعة من الأعمال التجارية الصغيرة ومبلغاً كبيراً في البنك. أصبح الجامعي ابن العشرين زعيماً صغيراً بين أقرانه. يركب سيارة حديثة ويرتدي أرقى وأغلى ماركات الملابس. تتهافت عليه البنات ويأتمر الشبان بأوامره، ولا يفوِّتون حفلة من حفلاته الخاصة في الجامعة. فتاة واحدة من الطلبة رفضت الانضمام إلى شلَّة الزعيم. تقضي وقتها تدرس في بيت الطلبة أو في مكتبة الكلية. لاحظ الزعيم أن هذه الفتاة لا تحضر حفلاته ولا تهتم بصخبه وتعليقاته وأخباره.
ذات مرة، ذهب إليها طالباً منها الانضمام إلى مجموعة الطلبة التي يتزعمها، واعداً إياها بأوقات «فرفشة» قد تساعدها أكثر على الدراسة، قائلاً لها: «كلنا بحاجة لأوقات لطيفة في أيام الجامعة». أجابته الفتاة: «أنا قادمة من الريف للدراسة، وليس لقضاء الوقت في «العبث اللطيف».
أصيب «الزعيم» بالإهانة والصدمة عندما تجاهلت الفتاة غزله ورفضت ملاطفاته وردت هداياه. دفعه عناده وإصراره على إذلال الفتاة في عطلة الميلاد ورأس السنة، وبمساعدة بعض أصدقائه، إلى خطفها في سيارته نحو مكان بعيد. الصدفة الحسنة جعلت الشرطة تعترض الشاب بسبب تهوره في القيادة، وألقت القبض عليه بعدما قالت لهم الفتاة إنه خطفها بالقوة، وهدَّدها بالضرب لإقناعها بأن تقول بأنها جاءت معه بإرادتها، واحتُجِزَ ثمانية أيام. أسرعت أم «الزعيم» بتجنيد عدد من كبار المحامين واتصلت بأهل الفتاة وهم فقراء تعرض عليهم المال الكثير والهدايا مما أقنعهم بسحب الشكوى ضد ابنها الطائش. واستطاع المحامون أن يقدِّموا تقريراً بمساعدة طبيب في علم النفس بأن الشاب فعل ذلك تحت تأثير جنون مؤقت يعاني منه، ولأنه متعود الحصول على كل ما يريد، ورفض الفتاة الانصياع إلى رغباته أدى به إلى حالة هستيريا، دفعته إلى ما قد فعل.
لم تنته المسألة عند هذا الحد. جنون «الزعيم» دفعه إلى التصرف بحماقة. وحتى لا تفوته احتفالات رأس السنة الجديدة، أقدم على محاولة الإفلات من دائرة الحجز المؤقت. استطاع فعلاً الهرب بعد أن قتل أحد الحراس واستولى على سلاحه. حتى أعتى المجرمين لا يتجرأ على قتل رجل الشرطة إلا في حالات نادرة! احتدمت المطاردة بين رجال الشرطة والشاب المدلل لأيام طويلة في الجبال والغابات التي استطاع الإختباء فيها.
وفي إحدى الليالي، وبينما الفتاة تغادر منزلها، تفاجأت بالشاب أمامها يطلب منها أن تصحبه إلى سيارة قابعة في الظلام. طبعاً، الفتاة رفضت وأسرعت تركض. عندها لم يتردد الفتى في إطلاق النار عليها فأصابها في عمودها الفقري ثمّ ولَّى هارباً.
كان لا بد في النهاية أن يقع الابن المدلل الذي كان يحصل على كل شيء، وقد وقع صريعاً برصاص أحد رجال الشرطة عندما حاول اقتحام المستشفى التي كانت تعالج فيها الفتاة. إضافة إلى رجل الشرطة المقتول والفتاة التي سوف تقضي حياتها معاقة على الكرسي المتحرك والابن المدلل، هناك الأم، الضحية الأولى، التي فقدت وحيدها في أسوأ فاجعة والتي كانت السبب في أنها أعطته كل شيء، وفَّرت له كل شيء، أتاحت كل شيء أمامه ولم تقل له «لا» قطّ. وكلمة «لا» في تربية الأبناء أهم من كلمة “نعم” عشرات المرات في أغلب الأحيان.
Leave a Reply