أيام قليلة تفصل سكان مدينة هامترامك عن حسم سباقين انتخابيين محتدمين في السابع من تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري. الأول تسعى فيه رئيسة البلدية الحالية كارين ماجاوسكي إلى الاحتفاظ بمنصبها في مواجهة عضو المجلس البلدي محمد حسن.
أما في الثاني، فيتنافس ستة مرشحين على ثلاثة مقاعد في المجلس البلدي، بينهم ثلاثة أعضاء حاليين هم أندريا كاربنسكي ونعيم تشاودري وأيان بيروتا، بمواجهة كل من منذرل كريم ومحمد السميري وفاضل المرسومي.
مواضيع طاغية
وتخيم على الاستحقاق الانتخابي عدة مواضيع بارزة نالت حيزاً كبيراً من الاهتمام المحلي والإعلامي في الآونة الأخيرة، وتجلت في الصراع داخل مجلس المدينة حول تعيين مدير جديد للبلدية، وفي التصريحات العنصرية التي أطلقها العضو المرشح بيروتا، متهماً المهاجرين الجدد بالمسؤولية عن انتشار القمامة في الشوارع.
وازداد المشهد الانتخابي في هامترامك غموضاً وتعقيداً على ضوء قيام شرطة ولاية ميشيغن بمداهمة مكتب تجاري للحوالات والمعاملات المالية، يملكه العضو المرشح نعيم تشاودري على شارع كونانت، وذلك في إطار تحقيقات تجريها السلطات بشأن تزوير انتخابي محتمل قد يعيد خلط أوراق السباق الانتخابي.
وأمام هذه التطورات، يبدو أن هامترامك التي نالت شهرة وطنية في عام ٢٠١٥ لكونها أول مدينة أميركية يشكل المسلمون غالبية أعضاء مجلسها البلدي، مرشحة للعودة إلى الأضواء مجدداً فور صدور نتائج الانتخابات مساء الثلاثاء القادم، حيث من غير المستبعد أن تشهد البلدية تغييرات في قيادتها، ليس على مستوى المجلس البلدي وحسب، بل أيضاً في منصب رئاسة البلدية حيث يسعى عضو المجلس الحالي البنغالي الأصل، محمد حسن إلى الإطاحة بماجاوسكي، ليصبح أول رئيس بلدية مسلم في تاريخ المدينة.
غير أن ماجاوسكي التي حظيت مؤخراً بدعم «اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي» (أيباك)، ما زالت الأوفر حظاً حتى عشية الانتخابات، نظراً للفارق المريح الذي سجلته في الجولة التمهيدية التي أقيمت في آب (أغسطس) الماضي، حيث فازت بـ٤٣ بالمئة من الأصوات مقابل ٢٧ بالمئة لحسن.
وللإطاحة بها، يعول حسن على استقطاب الجزء الأكبر من أصوات منافسيه في الجولة التمهيدية لاسيما المرشح البنغالي قاسم رحمن الذي أقصي من السباق بحلوله ثالثاً بـ٧٣٦ صوتاً، وبفارق ٥٦ صوتاً فقط عن حسن، فيما حصدت رئيسة البلدية الحالية ١٢٥٨ صوتاً.
وجاء تأييد «أيباك» لإعادة انتخاب ماجاوسكي استناداً إلى احترامها للتنوع وانفتاحها على استقبال المهاجرين الجدد خلال ١٢ عاماً من تبوئها المنصب.
وقالت ماجاوسكي أن «هامترامك تحتل مكاناً هاماً في قصة أميركا»، لافتة إلى أنها ستسعى في حال انتخابها إلى الالتزام بإصلاح البنى التحتية المتهالكة في المدينة مثل الشوارع والصرف الصحي والأزقة.
وكانت الانتخابات التمهيدية قد شهدت إقبالاً ضعيفاً على صناديق الاقتراع (٢٦ بالمئة)، حيث أدلى أقل من ثلاثة آلاف ناخب بأصواتهم في سبعة أقلام اقتراع غطت كافة أحياء هامترامك.
وإذا بقيت نسبة الإقبال الانتخابي عند هذا المستوى المتدني فإن السباقين على رئاسة البلدية ومقاعد المجلس قد يحسمان بفارق عشرات أو حتى بضعة أصوات.
ويشار إلى أن هامترامك الواقعة في قلب مدينة ديترويت، تحتضن أعلى نسبة من السكان المولودين في الخارج على مستوى ولاية ميشيغن (٤٤ بالمئة)، حيث يقطنها حوالي ٢٢ ألف نسمة، يشكل المسلمون من أصول يمنية وبنغالية غالبيتهم، إضافة إلى وجود أقلية بولونية متجذرة في المدينة وتنحدر منها رئيسة البلدية الحالية، علماً بأن الأميركيين من أصول بولونية كانوا يشكلون قرابة ٩٠ بالمئة من السكان في مطلع التسعينات.
مرشحان عربيان
في سباق المجلس البلدي، يسعى المرشحان العربيان الأميركيان محمد السميري وفاضل المرسومي إلى اقتناص مقعد إضافي للجالية العربية التي تشكل حوالي ثلث سكان هامترامك، والتي لا يمثلها في البلدية حالياً سوى العضو اليمني الأميركي سعد المسمري.
ويتألف مجلس بلدية هامترامك من ستة أعضاء إضافة إلى منصب رئيس البلدية الذي يعتبر بمثابة العضو السابع في المجلس.
وعلى الرغم من حلولهما في المركزين الأخيرين في الجولة التمهيدية، إلا أن حظوظ كل من المرشح اليمني الأصل (السميري)، والعراقي الأصل (المرسومي) لا تزال قائمة لاسيما في حال ارتفاع نسبة الإقبال يوم الثلاثاء المقبل.
والسميري هو صاحب مؤسسة تجارية في هامترامك منذ العام ٢٠٠٧، ويخوض السباق وفق برنامج انتخابي يدعو إلى تحسين مستوى خدمات النظافة العامة وتجميل أحياء هامترامك التي تعاني من الإهمال.
أما المرسومي الذي حاز الأسبوع الماضي على دعم «اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي» (أيباك)، فيعول على تحقيق مفاجأة يوم الثلاثاء القادم.
وقال المرشح الشاب لـ«صدى الوطن» إنه في حال انتخابه سيجعل أولويته في المجلس البلدي تحسين مستوى الأمن والسلامة العامة وضبط الميزانية وتشجيع الاستثمار في هامترامك، مؤكداً أنه حظي في الأسابيع الماضية بدعم واسع من السكان المحليين بعد التواصل معهم وتعريفهم على برنامجه الانتخابي وخلفيته المهنية كخبير تكنولوجي.
وبشأن مزاعم التزوير التي طالت حملة منافسه العضو الحالي تشاودري، قال المرسومي إنه «من المخيب للآمال أن يكون البعض مستعداً لفعل أي شيء من أجل الفوز» على حساب نزاهة الانتخابات وسمعة المدينة، وفق قوله.
ولفت المرسموي إلى أن هامترامك توظف ١٣ شرطياً و٣٦ إطفائياً فقط، وأن دائرة الشرطة لديها سيارتان فقط للقيام بدوريات في شوارع المدينة، مشيراً إلى أن شارع جوزيف كامبو الذي يعتبر الشريان التجاري الرئيسي لهامترامك عليه أكثر من ٣٥ عقاراً شاغراً.
وأضاف أنه سيحرص في حال فوزه على الشفافية المالية وتوفير الحوافز للمهاجرين الراغبين بافتتاح أعمال تجارية في المدينة، مثل تقديم الإعفاءات الضريبية أو المساعدة في دفع تكاليف الإيجارات خلال الأشهر الأولى من الافتتاح.
وختم المرسومي كلامه متوجهاً إلى أعضاء المجلس البلدي الحاليين بالقول: «نعم أنتم متنوعون، ولكن أين تنوع أفكاركم وأعمالكم؟».
ويُذكر أن الأعضاء الحاليين الثلاثة تصدروا الجولة التمهيدية، حيث حل كاربنسكي في المقدمة ثم تشاودري وبيروتا على التوالي، إلا أن تصريحات بيروتا العنصرية ضد المهاجرين، ومزاعم تزوير الأصوات الغيابية من قبل حملة تشاودري، تعزز حظوظ السميري والمرسومي بتحقيق المفاجأة.
كما تجدر الإشارة إلى أن الأغلبية المسلمة في المجلس البلدي غير مهددة، بل يمكنها أن تتعزز بمقعد إضافي أو حتى بمقعدين.
Leave a Reply