غالباً ما تطغى التقارير السياسية على مشهد الساحة اللبنانية وكأن هناك تعمّداً في تغييب معاناة الناس عن المنابر الإعلامية في لبنان الذي كان إرثاً عظيماً من العمران، فماذا فعلت دولتنا لتحافظ على هذا الإرث الجميل؟
إن الشوارع محاطة بأكوام القمامة من جميع الجهات وتجري عمليات تلويث و«سرطنة» مياه الأنهار كما حصل في نهر الليطاني حيث رميت فيه نفايات سامة بكميات كبيرة فيما هو مصدر رزق للعائلات الفقيرة من خلال صيد الأسماك وبيعها، أما عن نهر أبو علي في طرابلس فقد أصبح للناظر عبارة عن أكوام قمامة وقد طمست معالمه بالكامل ولم يتبق منه غير إسمه وذلك كله ليس جناية على الفقراء فحسب وإنما جناية على البيئة اللبنانية عموماً.
بينما نرى في الجانب الآخر أنّ دور رجال الدولة قد اقتصر على سرقات المال العام، فكم رأس من الرؤوس الفاسدة أحيل إلى المحاكمة؟ وكم حرامي في الدولة سئل عن ثروته التي سرقها من أفواه الناس وقيل له: «من أين لك هذا»؟ عدا عن سرقة مليارات الدولارات التي لا أحد يعرف مصيرها سوى أنها حوالة صرف مفقودة!!.
تصدمنا مهرجانات خطابية في مجالس مهترئة يجتمع فيه، سراقون محترفون في مسرحية ذات مشهد سريالي مفضوح تغيب المصداقية والواقعية عن خطاباتهم لأن هدفهم بث الأوهام في عقول الناس فقط، أمّا حول إجراءات الحكومة فلم نعرف عنها سوى أنها تدفع بأهل البلد إلى الهجرة، وإلا أين مكاتب التوظيف التي تعني بمصالح الشعب وتوظيف الخريجين وهناك أفواج تتخرج منهم سنوياً من الجامعات لا يجدون عملاً لهم حيث تشير الإحصائيات إلى أنّ 83 بالمئة من شباب لبنان حلمهم الهجرة.
وإزاء كل هذه المصائب تطالب الحكومة بكل صلف، الشعبَ الفقير بدفع الضرائب! كيف يستطيع المواطن الدفع وحقوقه مسلوبة؟ وكيف يستطيع الدفع وهو بالكاد يؤمّن لقمة العيش له ولعائلته؟
ماذا فعل هؤلاء المسؤولون للبلد، ومن أعطاهم الحق في قطع الكهرباء عن الناس، ومن أعطاهم الحق في أن يموت المرضى على أبواب المستشفيات؟
وفي مجال التعليم لازالت الغالبية العظمى من المدارس متهالكة على حالها كأنها من العصور الوسطى فلا تطوير ولا تحديث ولا حتى ترميم.
وفي المغترب يدعوننا للمساهمة بالانتخابات وتسجيل أسمائنا لدى السفارات المنتشرة في بلدان الاغتراب، فماذا فعلتم للمغتربين سوى تهجيرهم عن بلدهم وأهليهم.
إنكم أيها المسؤولون – آخر زمان – تتركون شبابنا قيد ذل العيش ومهانة البطالة بينما ترسلون أولادكم إلى الخارج لتحموهم ومن ثم لتعيدوهم لنا ورثة لعهدكم كأنما فرض علينا تحمّل سفالة الوالد وولده! أمّا نساؤكم فتتركون لهن دعة العيش في الخارج والدوران على أشهر الأسواق العالمية ليشترين كل غال ونفيس من دماء الشعب المغلوب على أمره.
إنني أطلق صوتي مع جميع أصحاب الضمير أن لا تنتخبوا هؤلاء السارقين والخونة بحق شعبهم ووطنهم، لكي لا نلدغ من مكانَين كما لا يلدغ المؤمن من مكان مرتَين.
Leave a Reply