نيويورك – بعدما حال الفيتو الأميركي دون إدانة قرار الرئيس دونالد ترامب في مجلس الأمن الدولي، تلقت السياسة الأميركية صفعة دبلوماسية غير مسبوقة بتصويت 128 دولة لصالح إدانة قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، على الرغم من تهديدات واشنطن بمعاقبة الدول الرافضة.
وقد صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في جلستها الطارئة بنيويورك الخميس الماضي، بأغلبية مطلقة لصالح مشروع قرار يدين إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب القدس «عاصمة لإسرائيل».
ونجح الضغط الأميركي بالتهديد بقطع المساعدات، في تقليص عدد الأصوات المؤيدة للقرار، حيث امتنعت 35 دولة عن التصويت، واعترضت 9 دول، بينما تغيبت ٢١ دولة عن جلسة التصويت.
ويطالب القرار الولايات المتحدة بالتراجع عن اعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل ويدعو جميع الدول إلى الامتناع عن إنشاء بعثات دبلوماسية في القدس.
وتقدم اليمن وتركيا بطلب باسم كتلة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، لعقد الجلسة في الجمعية العامة التي تضم 193 دولة لا تحظى أي منها بحق النقض، خلافا لمجلس الأمن.
وانتقد الرئيس ترامب الأربعاء الماضي، الدول التي تتلقى ملايين وربما مليارات الدولارات من الولايات المتحدة ثم تعتزم التصويت ضدها، ملمحا إلى وقف الدعم المقدم لها. إذ قال «نراقب هذا التصويت. دعهم يصوتون ضدنا. سوف نوفر الكثير من الأموال».
وكانت واشنطن قد استخدمت حق النقض (الفيتو) للمرة الـ43 لخدمة إسرائيل في مشهد دولي «مكرر» منذ أكثر من 68 عاماً ضد مشروع القرار في مجلس الأمن، رغم تصويت بقية الأعضاء (١٤ دولة) لصالحه.
وقالت مندوبة واشنطن في الأمم المتحدة نيكي هايلي: «لن نقبل أن تحدد لنا أي دولة أخرى أين نبني سفاراتنا».
ردود فعل
وفي بداية الجلسة الطارئة، قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون إن بلاده لن تتخلى عن القدس كعاصمة لها، مضيفاً أن أي قرار للجمعية العامة «لن يخرجنا من القدس».
وانتقد وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي القرار الأميركي وقال إنه يضعف عملية السلام. وأضاف أن القضية الفلسطينية هي مسؤولية الجميع، داعياً إلى استحداث مظلة دولية جديدة لعملية السلام.
واعتبر المالكي أن القرار الأميركي لن يؤثر على وضع مدينة القدس بل على دور الولايات المتحدة كوسيط للسلام، مؤكداً أن القرار يخدم الحكومة الإسرائيلية في مشاريعها الاستعمارية وقوى التطرف والإرهاب.
وذكّر المالكي بأن الأيام القليلة الماضية شهدت انتهاكات إسرائيلية كثيرة بحق الفلسطينيين، وقال “لن يثنينا فيتو أو تهديد أو وعد ديني يوظف لأجل تبرئة الاستعمار والاستيلاء على الأرض”.
المندوبة الأميركية التي ألقت كلمتها وانسحبت من الجلسة عقب انتهاء كلمة المندوب الإسرائيلي، قالت إن أميركا هي أكبر دولة مساهمة بالأمم المتحدة وعندما تقدم مساعدات يجب أن تلقى الاحترام ولكنها تلقى الإهانة.
ولقي قرار الجمعية العمومية إشادات فلسطينية من مختلف الفصائل.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد استبق عملية التصويت بوصف الأمم المتحدة بأنها «بيت أكاذيب» وقال إن اسرائيل ستواصل عمليات البناء في القدس، داعيا الدول إلى نقل سفاراتها إليها.
من جانبها، اعتبرت وسائل إعلام إسرائيلية أن التصويت في الأمم المتحدة ضد الاعتراف الأميركي ضربة لترامب وخيبة أمل لإسرائيل، وكان رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو، قال خلال زيارته مستوطنة أسدود إنّ القدس عاصمة إسرائيل سواء رغبت الأمم المتحدة في ذلك أم لم ترغب.
القرار الأميركي سينفّذ!
قالت هايلي إن القرار الذي اتخذه ترامب هو تنفيذ لإرادة الشعب الأميركي طبقاً للقانون الصادر عام 1995 والذي يعتبر القدس عاصمة لإسرائيل ويدعو إلى نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إليها.
وأشارت هايلي إلى أن القرار لا يستبعد حل الدولتين وليس له أي تأثير سلبي على عملية السلام.
وجددت المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة تهديدها بقطع الدعم عن الدول التي دعمت مشروع القرار مؤكدة أن تصويت الأمم المتحدة لن يحدث أي تغيير.
وكانت السفيرة الأميركية قد بعثت رسالة إلى عدد من نظرائها، تحذرهم فيها من إدانة القرار، محذرة من أنها ستقوم بإبلاغ ترامب بأسماء الدول التي ستؤيد مشروع القرار.
وأضافت في الرسالة: «الرئيس سوف يراقب هذا التصويت بشكل دقيق وطلب أن أبلغه عن البلدان التي ستصوت ضده».
وشددت على حق بلادها في اختيار مكان سفاراتها، محذرة من أن الولايات المتحدة ستتذكر كيف هوجمت هذا اليوم في الجمعية العامة، مؤكدة أن «لا تصويت في الأمم المتحدة من شأنه إحداث أي تغيير» وأن قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس سيتم تنفيذه.
وكان ترامب قد استبق جلسة التصويت بوقف المساعدات المالية عن الدول التي ستصوت لصالح مشروع القرار ضد واشنطن.
وقال ترامب: «إنهم يأخذون مئات الملايين من الدولارات وربما مليارات الدولارات ثم يصوتون ضدنا. حسنا، سنراقب هذا التصويت. دعوهم يصوتوا ضدنا. سنوفر كثيرا ولا نعبأ بذلك».
وأعلن ترامب في السادس من كانون الأول (ديسمبر) الجاري الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، خلافا لسياسة أسلافه في البيت الأبيض الذين كانوا يلجأون كل ستة أشهر لتأجيل قرار الكونغرس في هذا الشأن. وأثارت الخطوة موجة تنديد عالمية واحتجاجات في كثير من المدن حول العالم، إضافة إلى صدامات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي المحتلة.
الدول التي امتنعت أو صوتت ضد القرار
الدول التي صوتت ضد القرار: توغو، هندوراس، إسرائيل، الولايات المتحدة، غواتيمالا، جزر المارشال، ميكرونيزيا، ناورو وبالاو.
أما الدول الـ39 التي امتنعت عن التصويت: أنتيغوا بارباو، الأرجنتين، أستراليا، الباهاماس، بنين، بوتان، البوسنة والهرسك، الكاميرون، كندا، جمهورية أفريقيا الوسطى، كولومبيا، كرواتيا، تشيكيا، الدومنيكان، غينيا الاستوائية، فيجي، هاييتي، هنغاريا، جامايكا، كيريباتي، لاتفيا، ليسوتو، مالاوي، المكسيك، بنما، الباراغواي، الفلبين، بولندا، رومانيا، رواندا، جزر سليمان، جنوب السودان، ترينيداد توباغو، توفالو، أوغندا فانواتو.
Leave a Reply