الجيش السوري يزحف إلى أبو الضهور لفتح طريق حلب – دمشق
«صدى الوطن» – وكالات
انطلاقاً من ريفي حلب وحماة بدأ الجيش السوري والحلفاء أواخر العام الماضي عملية عسكرية كبيرة باتجاه إدلب تمكنت سريعاً من تحرير مناطق واسعة من سيطرة «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة الإرهابية سابقاً) على معظم أنحاء المحافظة.
وبعد وقت قصير نسبياً على بدء العمليات، وصل الجيش السوري إلى تخوم مطار أبو الضهور العسكري، متقدماً عبر عشرات القرى والمزارع جنوب شرق إدلب، وسط انهيارات لدفاعات مسلحي المعارضة في المنطقة.
فالجيش السوري تقدم في عمق ريف إدلب الجنوبي الشرقي وسيطر على مساحة 650 كم2 بما فيها بلدة سنجار وقرى شمال شرق البلدة وثبت نقاطاً تبعد بضعة كيلومترات عن مطار أبو الضهور العسكري، ومثلها عن القوات السورية المتقدمة من حلب.
المطار الذي خرج من يد القوات الحكومية في أيلول من عام 2015، سيكون أولى القواعد العسكرية التي يستعيدها الجيش ضمن محافظة إدلب. وكان لافتاً في العمليات خلال الأسابيع الماضية، أن الجيش تمكن من الوصول إلى المطار عبر أبعد المحاور التي يتمركز فيها، حوله، إذ تقدمت القوات عبر ريف حماه الشمالي وريف إدلب الجنوبي للوصول إلى أطراف المطار، فيما كانت جبهتا خناصر (جنوب شرق حلب) والحاضر (جنوب حلب)، الأقرب جغرافياً إليه، ولكنها الأكثر تحصيناً من جانب المسلحين.
وسيتيح تثبيت السيطرة على المطار ومحيطه، عزل إدلب عن ريفها الشرقي وعن ريف حلب الجنوبي، وتأمين قاعدة ارتكاز عسكرية مهمة لتعزيز عمليات الجيش اللاحقة في المحافظة ومحيطها.
التقدم الكبير للجيش السوري والحلفاء في ريف إدلب وايقاع خسائر كبيرة بصفوف المسلحين في العديد والعتاد، كان له وقع سلبي كبير على الجماعات المسلحة حيث طغت على وسائل التواصل الاجتماعي عبارات الهزيمة ونداءات استغاثة وتسجيلات صوتية تدعو إلى النفير العام لصد التقدم، فضلاً عن تراشق تهم الخيانة.
وقد حاولت فصائل المسلحين المدعومة من تركيا تعديل الكفة الميدانية الخميس الماضي عبر شن هجوم مضاد على نقاط تمركز الجيش السوري في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، غير أن محاولاتها باءت بالفشل في ظل التقدم المنظم للجيش السوري بقيادة العميد سهيل الحسن، المعروف بـ«النمر».
وكان لافتاً خلال الأيام القليلة الفائتة، تحميل غالبية الفصائل المسلحة العاملة في إدلب ومحيطها، مسؤولية الخسائر أمام الجيش لزعيم «هيئة تحرير الشام» أبو محمد الجولاني. وترافق هذا الجدل، مع اتهمات روسية لفصائل محسوبة على تركيا، بتنفيذ الهجوم على قاعدتي حميميم وطرطوس.
إذ أفادت وزارة الدفاع بأن الطائرات المسيّرة أقلعت من الجزء الجنوبي الغربي لمنطقة «خفض التصعيد» في إدلب، الذي «تسيطر عليه المعارضة المعتدلة». وقدمت الوزارة رسائل إلى كل من رئيس الأركان العامة التركية، خلوصي آكار، ورئيس الاستخبارات حقان فيدان، لافتة إلى أن الرسائل «تؤكد أن من الضروري أن تفي أنقرة بالالتزامات المفترضة لضمان وقف إطلاق النار، من قبل القوات الخاضعة للرقابة، وتكثيف الجهود لوضع نقاط مراقبة فى منطقة خفض التصعيد في إدلب، وذلك لمنع هجمات الطائرات المسيّرة على أي أهداف».
غير أن تقدم قوات الجيش السوري في ريفي إدلب الشرقي والجنوبي والاقتراب من مطار أبو الضهور العسكري يثير تساؤلات تتعلق بالمدى الذي تسعى دمشق للوصول إليه من وراء الهجوم والتداعيات المترتبة عليه وأهمها النزوح المدني من تلك المناطق.
ويرى المراقبون أن العملية الحالية لن تتقدم باتجاه مدينة إدلب قريباً، بل تهدف في الوقت الراهن إلى تأمين طريق حلب–حماه–حمص دمشق، وحصر المسلحين في جيوب صغيرة متفرقة يسهل استهدافها لاحقاً، فيما ذهب آخرون إلى التأكيد بأن الجيش السوري يهدف هذا العام إلى التخلص من تنظيم «النصرة» بعد هزيمة تنظيم «داعش» في العام الماضي.
غضب تركي
في المقابل، خرج وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، ليؤكد ضرورة أن تتحمّل إيران وروسيا مسؤولياتهما، إزاء هجوم الجيش السوري في محافظة إدلب. وأوضح أن «الأوضاع على الساحة السورية معقدة، لذا من المتوقع أن يحدث بعض الخروقات لاتفاق وقف إطلاق النار، لكن ما يحصل في الفترة الأخيرة من اعتداءات على مناطق خفض التصعيد، تجاوز حد الانتهاكات المتوقعة»، مضيفاً أنه «لولا الدعم الإيراني والروسي، لما تجرّأ النظام السوري وقام بهذه الانتهاكات».
ولفت إلى أن بلاده ستتشاور مع روسيا وإيران بشأن الجهات التي ستشارك في مؤتمر سوتشي المرتقب، مبيناً أنه لن يشارك أحد في المؤتمر دون إجماع الدول الثلاث على قبول مشاركته.
وفي سياق متصل، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن الاستعدادات حول «مؤتمر سوتشي» وصلت إلى مرحلة مهمة بفضل جهود بلاده وتركيا وإيران. وبدوره، أكّد الناطق باسم الكرملين ديميتري بيسكوف، أنّ بلاده تواصل مشاوراتها مع أنقرة وطهران لتحديد الجهات التي ستشارك في المؤتمر.
وبالتوازي، أعربت فرنسا عن قلقها إزاء الهجوم الذي ينفّذه الجيش السوري، شرق إدلب، داعية إلى احترام اتفاق «خفض التصعيد» الذي أبرم في أستانا، في حين لم تصدر الولايات المتحدة موقفاً حول التقدم الواسع للجيش السوري.
أحداث إدلب بعد سيطرة المسلحين عليها
– 23 آذار (مارس) 2015: «جيش الفتح» (وهو ائتلاف عدة فصائل تابعة للمعارضة المسلحة تفكك لاحقاً) يعلن عن معركة بهدف السيطرة على إدلب، وبعد خمسة أيام استطاع السيطرة على كامل المدينة، وكانت ثاني مركز محافظة بعد الرقة تخرج عن سيطرة الجيش السوري.
– 9 أيلول (سبتمبر) 2015: «جيش الفتح» يؤكد إحكام السيطرة على كامل إدلب (المدينة مع الأرياف)، بعد سيطرته على مطار أبو الضهور العسكري بريف إدلب الشرقي آخر تواجد للجيش السوري في المحافظة.
– نهاية 2015: فصائل المعارضة المسلحة في إدلب تدخل فصلاً يعتبر هو نهاية «جيش الفتح»، وكان من أبرز الأحداث التي شهدتها المحافظة:
1 – بداية تفكك جيش الفتح بعد إعلان فصيل «جند الأقصى» انسحابه منه، واتهام بقية الفصائل له بانتمائه لتنظيم «داعش»، وانتهى المطاف بـ«جند الأقصى» إلى استئصاله من إدلب، والسماح لبقية عناصره بالذهاب إلى مناطق سيطرة «داعش».
2 – انتهاء وجود «جيش الفتح» بعد إعلان هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) عن تشكيل إدارة مدنية لإدلب وإنهاء إدارة «جيش الفتح» لها.
3 – شهدت إدلب مواجهات بين «جبهة فتح الشام» (النصرة سابقاً، ومتزعمة هيئة تحرير الشام حالياً) وفصائل المعارضة المسلحة التي خرجت من حلب، وانتهت بانصهار عدد منها في «أحرار الشام».
4 – شهدت أيضاً الفترة التي أعقبت خروج المعارضة المسلحة من شرق حلب، تفكك أقوى فصائل المعارضة، وهي حركة «أحرار الشام»، عندما انشقت قوة ضاربة فيها منضوية تحت اسم «جيش الأحرار» وانضمت إلى هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) التي شكلتها جبهة فتح الشام.
5– سيطرت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) على معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا والمناطق المحيطة به بعد مواجهات مع حركة أحرار الشام.
– 15 أيلول (سبتمبر) 2017: الدول الضامنة لمسار أستانا (روسيا وتركيا وإيران) تعلن توصلها إلى اتفاق يقضي بإنشاء منطقة خفض توتر في محافظة إدلب، وفقاً لاتفاق موقع في أيار (مايو) 2017. وجرى الاتفاق في ختام الجولة السادسة من مفاوضات أستانا بشأن الأزمة السورية.
– 17 أيلول (سبتمبر) 2017: بعد اتفاق أستانا بأيام، تركيا تعزز قواتها قرب الحدود مع سوريا، والإعلان عن وصول رتل عسكري يتكون من نحو ثمانين ناقلة جند مدرعة تابعة للجيش التركي إلى الحدود مع سوريا، وقد تمركزت القوات التركية في منطقة «المخيم القديم» القريب من مدينة الريحانية الواقعة على الجهة المقابلة لمعبر باب الهوى في ريف إدلب الشمالي.
– 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2017: الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يعلن أن محافظة إدلب تشهد عمليات عسكرية جديدة يقوم بها الجيش الحر بدعم من الجيش التركي، موضحاً أن الجيش التركي سيقدم الدعم دون عبور الحدود إلى سوريا، هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) نددت وقتها بالعملية العسكرية التي تستهدف إدلب بدعم تركي روسي، وقالت في بيان إنها لن تكون «نزهة للفصائل التي وقفت بجانب الروس». لتعود لمرافقة وحماية عناصر الجيش التركي التي دخلت إدلب ضمن مناطق خفض التصعيد.
أبرز الأحداث الميدانية في سوريا عام 2017
– أنهى الجيش السوري تواجد تنظيم «داعش» في ريف حلب وحمص والسلمية ودير الزور وصولاً إلى الحدود العراقية، فيما تبقى جيوب صحراوية معزولة تحت سيطرة التنظيم الإرهابي، وكانت أبرز المعارك: فك الحصار عن مدينة دير الزور وتحرير مدينتي الميادين والبوكمال.
– تقدم للجيش السوري في ريف دمشق وريف السويداء الشرقيين على امتداد الحدود الاردنية.
– إنهاء التواجد المسلح في على طول الحدود اللبنانية في القلمون وجبل الشيخ.
– إنهاء التواجد المسلح في بعض أحياء دمشق وبعض الجيوب في ريفها (برزة – القابون – وادي بردى)
– تقدم «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في ريف الرقة والسيطرة على مدينة الرقة والطبقة.
والتقدم على طول ضفة نهر الفرات الشرقية في دير الزور.
– تقدمت التنظيمات المسلحة المدعومة من تركيا في شمال ريف حلب وصولا إلى مدينة الباب.
– التنظيمات المسلحة المدعومة من الولايات المتحدة تمددت من التنف شمالاً على حساب تنظيم «داعش».. واندحرت جنوباً وشرقاً أمام الجيش السوري.
– انتهى وجود «جبهة النصرة» أو «هيئة تحرير الشام» في بعض الجيوب، وتقلصت مساحات سيطرته في مناطق عدة، فيما يحتفظ بتواجد قوي في الغوطة الشرقية وريف إدلب وريف درعا.
Leave a Reply