ديربورن – «صدى الوطن»
على خلفية الأزمة السياسية والشعبية التي عصفت بلبنان خلال الأيام الأخيرة، إثر تسريب مقطع مصور كال فيه وزير الخارجية جبران باسيل كلاماً قاسياً بحق رئيس مجلس النواب نبيه بري، أقامت «شعبة حركة أمل –أميركا الشمالية»، الخميس الماضي، مهرجاناً خطابياً في «المركز الإسلامي في أميركا» بديربورن، أجمع خطباؤه على ضرورة نزع فتيل الأزمة وتجنيب البلاد مفاعيل الحسابات الطائفية والحزبية الضيقة التي تهدد استقرار الوطن وسلمه الأهلي.
واستهل عريف الاحتفال الزميل علي منصور كلمته بالتأكيد على أن «السلم الأهلي في لبنان فوق كل اعتبار، وأن الأمن الاجتماعي فوق الجميع وفوق المسؤولين من صغيرهم إلى كبيرهم»، مندداً بما تفوه به رئيس التيار الوطني الحر بحق الرئيس نبيه بري، وشاجباً في الوقت ذاته «أعمال الشغب وحرق الدواليب في الشوارع وإطلاق الرصاص والتعدي على الممتلكات الخاصة والعامة» التي لن تؤدي «إلا لتفاقم الأزمة وتسعيرها وتعقيدها.. في وقت يتحين فيه العدو الإسرائيلي الفرصة للانقضاض على لبنان وضرب مقاومته وتخريب سلمه الأهلي وسرقة ثرواته النفطية».
وفي السياق ذاته، أشار إمام «المركز الإسلامي الأميركي» محمد مارديني إلى ضرورة التمسك بمبدأ التعايش بين جميع المكونات اللبنانية كمبدأ وطني لا بديل عنه، وقال في إشارة إلى مفاعيل الأزمة المحتدمة في بلد الأرز: إن الخطأ يجب أن لا يُقابل بالخطأ ولا بد من إعلاء صوت الحكمة والمصلحة الوطنية لتجاوز المحنة”، مشيداً بمحاولات الرئيسين ميشال عون ونبيه بري لاحتواء المشكلة وتداعياتها في الشارع وفي المشهد السياسي بلبنان.
أضاف «إننا نرفض التطاول –ومن أية جهة كانت –على القامات الوطنية التي لها أكبر الأثر في استقرار لبنان وتثبيت دعائم استقراره».
وعبر مؤسس “المجلس الاغترابي اللبناني للأعمال” نسيب فواز عن استيائه وأسفه لما آلت إليه الأمور في الآونة الأخيرة، وقال «إننا نستنكر ما تعرض له الرئيس بري بما يمثله من قيمة وطنية حوارية، وبما يشكل من صمام أمان للوطن وأبنائه.. كما نستنكر التعرض للرئيسين عون والحريري، فالتعرض لهذه القامات يشكل تهديداً لكامل الوطن». أضاف «لقد كلفتنا لغة الشارع 18 عاماً من التقتيل والتهجير (في إشارة إلى الحرب الأهلية اللبنانية)» مؤكداً أن الرئيس بري «بصدره الرحب وبصيرته الحكيمة سيكون قادراً على تجاوز هذه المرحلة المؤسفة».
رئيس محكمة ديربورن القاضي سالم سلامة وصف بري بأنه «رجل الحوار وصاحب المبادرات الوطنية»، مؤكداً على «نبذ الخطاب المتدني الذي وصل إليه الخطاب السياسي في لبنان» ومشدداً على ضرورة أن ترتفع «الخطابات إلى مستوى اللياقات الأخلاقية والسياسية التي تعكس أواصر العلاقات الطيبة بين مختلف الأحزاب والهيئات والتيارات الوطنية»، وقال: «إن الطرف الضعيف قد يحتاج إلى شد العصب الطائفي والفئوي من أجل حسابات انتخابية، لكن هذا لا يبرر التطاول على الزعامات السياسية».
وأشار سلامة إلى أنه اتصل ببري وأن الأخير شدد خلال المكالمة الهاتفية بينهما قائلاً «نحن لا نريد التجريح بأحد».
ناشر «صدى الوطن»، الزميل أسامة السبلاني أثنى على مسؤولي «شعبة حركة أمل –أميركا الشالية» وطريقة تعاطيهم «الحضارية والوطنية» مع الأزمة، وقال «إن الأخوة لم يحرقوا الدواليب ولم يشتموا أحداً.. لقد تحركوا بكل ذوق وحضارة وقدموا احتجاجاً إلى القنصلية العامة اللبنانية بديترويت».
وأشار إلى أن الجالية اللبنانية بديربورن كانت قد «استقبلت الوزير باسيل قبل عدة سنوات وأقامت له حفل تكريم لائقاً وحاشداً تكريماً للعماد (حينها) ميشال عون». أضاف «نقول بكل صراحة.. إن التعرض لرئيس مجلس النواب نبيه بري يساوي التعرض لفخامة الرئيس ميشال عون.. لذلك إننا نندد بالشتائم التي طالت الرئيس عون وعائلته لأننا أوفياء لمن وقف إلى حانبنا وحمى ظهرنا عندما تخلى عنا الجميع في حرب تموز ٢٠٠٦». وتابع متسائلاً: «ماذا فعلنا لكي نسمع هذا الكلام من باسيل وكنا قد حملناه على رموش أعيننا.. ماذا فعلنا غير أننا دفعنا ضريبة الدم كي يبقى لبنان حراً وعظيماً؟»، وأردف «لم نشتمه ولن نشتمه.. لكننا نعتب عليه وهو حليف الحليف ونقول له لماذا فعلت ما فعلت يا معالي الوزير؟».
وأشار السبلاني إلى احتمال اجتماع الرؤساء الثلاثة في القصر الجمهوري، واستدرك قائلاً «لكن يجب ألا ننسى سيد المقاومة الذي استطاع الجمع بين الحلفاء لتضميد الجراح.. السيد نصر الله عمل بصمت لوأد الفتنة حين خرج بعض الأقزام يتحدثون عن حرب أهلية ثانية.. لقد كان السيد والنبيه يسمعان طبول الحرب التي تقرعها إسرائيل في الجنوب فهل سمعها باسيل وهو يستقل طائرته إلى أبيدجان؟».
وشجب مسؤول شعبة «حركة أمل – أميركا الشمالية» محمد شباني تصريحات الوزير باسيل معتبراً أنها «سقطة بعيدة كل البعد عن منطق بناء الدولة لذلك يجب تصحيحها تفادياً لتوتير الأجواء واحتقان النفوس»، ووصف تعليقات وزير الخارجية بأنها «كلام يفتقر إلى المسؤولية الوطنية وأبجدية الأدبيات السياسية خاصة من شخص يفترض به أن يكون رأس الدبلوماسية اللبنانية»، وقال «بري قامة وطنية عرفها اللبنانيون مصدراً للجمع وابتكار الحلول كلما ضاقت السبل ولطالما كان في طليعة المدافعين عن لبنان وعن حقوق اللبنانيين بمختلف طوائفهم».
ودعا من أسماهم بالحكماء والعقلاء في لبنان إلى تكثيف جهودهم من أجل «رأب الصدع والعودة بالخطاب السياسي اللائق إلى لبنان وشعبه».
ممثل المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في ميشيغن السيد ابراهيم صالح أشاد بالمسيرة الوطنية الجامعة لرئيس مجلس النواب نبيه بري، مشيراً إلى أن أول ما فعله إبان زيارته لبلدته تبنين عقب التحرير في عام 2000 كان زيارة الكنيسة في تلك القرية الجنوبية، وقال «إن كلمة السفهاء عند الجهلاء نار حارقة، لكنها تنزل على الحكماء برداً وسلاماً»، مشدداً على «بناة الأوطان لا يردون الموتورين».
ودعا جميع الأطراف في لبنان إلى اعتبار أن المصلحة الوطنية هي البوصلة التي يجب أن يحتكم إليها جميع الأطراف، متعالين عن المصالح الفئوية، معتبراً أن بري خير مثال على القامات السياسية التي تضع الوطن في المقام الأول.
تجدر الإشارة إلى أن «حركة أمل» أصدرت بياناً الخميس الماضي شكرت فيه «الذين تحركوا بشكل عفوي وغير منظم من خلال مسيرات سيارة، أدت إلى بعض الاشكالات التي لا تعكس صورة وموقف الحركة» وطالبهم «أن يتوقفوا عن أي تحرك في الشارع لقطع الطريق عمن يريد حرف النظر عن الموضوع الأساسي وضرب علاقات اللبنانيين مع بعضهم» ودعا «جميع الحركيين على اختلاف مستوياتهم إلى المساعدة على تطبيق هذا الأمر».
كما شكر البيان «كل الذين عبروا عن استنكارهم وتضامنهم بعد الكلام المسيء الذي صدر بحق الرئيس نبيه بري» مشدداً على أن الحركة «تؤكد ثقتها بوعي الناس والتزامهم بما يعزز الاستقرار والمصلحة الوطنية».
كما أصدر «التيار الوطني الحر» بياناً في اليوم نفسه حذر فيه محازبيه ومناصريه من تنظيم أية وقفات احتجاجية أمام السفارات اللبنانية في بلدان الاغتراب. وقال البيان: «إننا نحذر من الانجرار إلى حملات التضليل والمشاركة في أي تحرك يهدف إلى زرع التفرقة والفتنة بين اللبنانيين المغتربين».
وشدد البيان على أن «استيراد المشاكل الداخلية وزرعها في صفوف اللبنانيين في الخارج لن يؤدي إلا إلى المزيد من الانقسام»، مشدداً على الالتزام «بأقصى درجات ضبط النفس حفاظاً على مصلحة التيار الوطني الحر والمصلحة الوطنية».
Leave a Reply