ديربورن تتفاعل مع النقاش الوطني حول التصدي لحوادث القتل الجماعي:
حسن خليفة – «صدى الوطن»
في إطار حملة وطنية للمطالبة بالتصدي لحوادث القتل الجماعي وتحديداً في المدارس، نظم طلاب من ثانويات ديربورن مساء الثلاثاء وقفة تضامنية مع أسر ضحايا مجزرة ثانوية «مارجوري ستونمان دوغلاس» بولاية فلوريدا، تخللتها إضاءة شموع وإلقاء كلمات وقصائد تخليداً لذكرى الضحايا وللمطالبة بالحد من انتشار السلاح وتعزيز الصحة العقلية.
الحفل الذي أقيم أمام «مكتبة هنري فورد المئوية» على شارع ميشيغن أفنيو، أعقبته ندوة بمشاركة النائبة في الكونغرس الأميركي ديبي دينغل، وعضو مجلس نواب الولاية عن ديربورن عبدالله حمود، إلى جانب قائد شرطة المدينة رونالد حداد، لمناقشة سبل تفادي وقوع مثل هذه المجازر في المجتمع المحلي والاطلاع على الإجراءات المتخذة لمواجهة حوادث من هذا النوع.
وكان قد قتل 17 شخصاً بينهم ١٤ طالباً، عندما فتح مراهق مضطرب يبلغ من العمر 19 عاماً، النار الأربعاء الفائت داخل مدرسة «مارجوري ستونمان دوغلاس» في مدينة باركلاند (جنوب شرقي فلوريدا) يوم عيد الحب في ١٤ شباط (فبراير) الجاري، مشعلاً الجدل مجدداً بشأن مسألة العنف المرتبط بحيازة الأسلحة في الولايات المتحدة، حيث تسجلت 33 ألف وفاة سنوياً في عمليات إطلاق نار، فيما يلقي آخرون اللوم على انتشار الاضطرابات العقلية وتجاهل معالجتها.
إضاءة شموع
في الوقفة التضامنية التي نظمت بالتعاون مع «النادي الديمقراطي»، تحدث سبعة طلاب من المدارس الثانوية في ديربورن هم ماكسين مكي ونور مغنية وألكسندر رستم (من ثانوية ديربورن)، والعباس فرحات وريما سعد (من فوردسون)، وجنة قبيسي وغدي بزيع (من أدسل فورد).
وكانت من المتحدثين أيضاً، نادين حمادة، وهي مقيمة في ديربورن تخرجت من ثانوية «مارجوري ستونمان دوغلاس» عام ٢٠١٣.
وعبرت حمادة التي سافرت إلى فلوريدا للمشاركة في تأبين الضحايا قبل عودتها إلى ميشيغن، عن بالغ صدمتها من حدوث المجزرة في ثانويتها السابقة، قائلة إنها لم تكن تتخيل أبداً أن يحدث ذلك، محذرة من أن «الحادثة يمكن أن تتكرر في أي مكان».
وقالت بتأثر شديد «إنه أمر يفطر القلب.. علينا أن نحرص على عدم نسيان الضحايا، وأن تكون الحادثة الأخيرة من هذا النوع وألا يستمر هذا بعد الآن».
الحفل الذي اختتم بتلاوة أسماء الضحايا والوقوف دقيقة صمت لأرواحهم تخلتله دعوات للمشرعين في الكونغرس الأميركي للحد من فوضى انتشار الأسلحة، وانتقد بعض الطلاب «الجمعية الوطنية للسلاح» (لوبي الأسلحة) والرئيس دونالد ترامب، في حين أكد آخرون أن حوادث القتل الجماعي ليست بسبب «مشكلة السلاح» فقط، بل هي بسبب انتشار الأمراض العقلية أيضاً.
وقالت الطالبة قبيسي إنه لو تسنى لمرتكب مجزرة ثانوية فلوريدا تلقي العلاج النفسي «كنا بالتأكيد تفادينا الأمر».
وشارك في الوقفة مسؤولون محليون بينهم عضو المجلس البلدي ليزلي هيريك وإمام دار الحكمة الإسلامية الشيخ محمد علي إلهي وآخرون.
حملة وطنية
وجاء تنظيم الوقفة بمشاركة سياسيين ومسؤولين محليين، في سياق حملة وطنية أطلقها طلاب ناجون من مجزرة ثانوية فلوريدا.
كما أعلن طلاب ناجون من حادث إطلاق النار أنهم سينظمون مسيرة في واشنطن من أجل دفع المشرعين الأميركيين إلى تعديل القوانين التي تجعل الأسلحة النارية متاحة وسهلة الاقتناء.
وأعلنت مجموعة من الطلاب لشبكة «أي بي سي» الإخبارية أن المظاهرة بعنوان «مسيرة من أجل أرواحنا» ستقام في 24 آذار (مارس) المقبل، وستتزامن مع مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد، متعهدين بحادث جعل إطلاق النار الأربعاء الماضي، نقطة تحول في النقاش الذي تشهده البلاد حول الحد من انتشار الأسلحة.
وأشاد طلاب ثانويات ديربورن، بخطاب إيما غونزالس وهي من الطلاب الناجين، حيث وجهت انتقادات لاذعة للرئيس دونالد ترامب، منددة بحصوله على أموال من «لوبي الأسلحة» لتمويل حملته الانتخابية في 2016.
وألقت غونزالس (18 عاماً) السبت الماضي خطاباً نارياً أمام حشد من الطلبة وذويهم والمقيمين في منطقة فورت لودرديل المجاورة.
وقالت غونزالس «إلى جميع السياسيين الذين تلقوا تبرعات من الجمعية الوطنية للأسلحة النارية، عار عليكم!»، وقد هاجمت الطالبة، ترامب بسبب ملايين الدولارات التي قالت إن حملته الانتخابية تلقتها من هذا اللوبي في 2016، طالبة من الحشد أن يردد بدوره عبارة «عار عليك!».
وأضافت الفتاة «إذا قال لي الرئيس في وجهي إن ما حدث هو مأساة فظيعة وإنه لا يمكننا أن نفعل شيئاً حيال ذلك، سأسأله كم تقاضى من الجمعية الوطنية للأسلحة؟ أنا أعلم: ثلاثون مليون دولار». وصرحت الطالبة لاحقاً «إن السماح بشراء أسلحة آلية ليس قضية سياسية، بل هي مسألة حياة أوموت».
ندوة عامة
ومباشرة بعد حفل إضاءة الشموع، أقام تحالف SAFE لمكافحة المخدرات، بالتعاون مع شرطة ديربورن، ندوة حوارية في «جامعة ميشيغن–ديربورن» بمشاركة سياسيين ومسؤولين في المنطقة، لبحث سبل التصدي لخطر وقوع حوادث إطلاق نار جماعي في المجتمع المحلي.
قال مدير منظمة «سايف»، حسن عبدالله، إن «الأمنيات والصلوات لم تعد تكفي» مطالباً بضرورة إطلاق نقاش عام بشأن هذه المشكلة.
الندوة استقطبت العشرات من سكان ديربورن الذين حضروا للاطلاع على الإجراءات الأمنية المتبعة في حال وقوع حوادث إطلاق نار جماعي.
من جانبه، أكد قائد شرطة ديربورن أن دائرته تنسّق بشكل وثيق مع المدارس المحلية، مشبهاً العلاقة بينهما بـ«الكف والقفّاز»، ومشدداً على أن أمن المدارس يحظى بأهمية قصوى لدى الشرطة.
وأشار حداد إلى أن منحةً حصلت عليها الدائرة مؤخراً، أتاحت زيادة عدد العناصر المفروزين لأمن المدارس من ثلاثة عناصر إلى سبعة، إلى جانب تنفيذ دوريات ميدانية مفاجئة، إضافة إلى ٧٠٠ دورية معلنة سنوياً.
وركز المشاركون في الندوة على مسألة الصحة العقلية، وضرورة تأهيل المعلمين لمعرفة الطلاب الذي يعانون من اضطرابات نفسية أو اكتئاب.
وشددت النائبة دينغل على أهمية معالجة مشكلة الصحة العقلية لدى الطلاب من دون تعريضهم للتشهير، لافتة إلى أنها تعمل مع مشرعين آخرين في الكونغرس على إعداد مشروع قانون في هذا الشأن.
وأضافت «نريد قانوناً يعالج هذه المشكلة ويتفادى تكرارها مرة أخرى» مؤكدة على أن «الطلاب لا يجب أن يختبئوا في الخزانات ويتدربوا على كيفية التصرف في حال وجود مطلق نار».
ومن جانبه، شدد النائب عبدالله (ديمقراطي عن ديربورن) على أن الصفوف يجب أن تكون مكاناً للتعليم والإلهام قائلاً «نرسل أبناءََنا إلى المدرسة وليس إلى السجن»، مطالباً بفرض قيود مشددة على حيازة السلاح.
وأضاف «علينا أن نصادر هذه الأسلحة من الشارع»، لافتاً الانتباه إلى أن «ولاية ميشيغن وحدها فيها ١١ مليون قطعة سلاح.. وسكان ميشيغن لا يتجاوزون ١٠ ملايين نسمة».
ومن بين المشاركين في الندوة أيضاً، رئيس مجلس مفوضي مقاطعة وين، غاري وورنتشاك، الذي علق على طرح تدريب وتسليح المعلمين قائلاً «بصراحة نحن لا ندفع لهم كفاية كمعلمين». وأضاف: «إنه ردّ فعل عاطفي على فعل غير معقول».
Leave a Reply