سأل ابن أمه: لماذا تبكين؟ فاختصرت إجابتها بـ«لأنني امرأة!» وحين زم الابن شفتيه مسهباً في الاستفهام، احتضنته قائلة: لن تفهم ذلك يا بنيّ مادمت تدرج بين مجتمع متجبر يتقبل ويستمرىء اضطهاد المرأة! حتى إذا أحارته الإجابة راح يسأل أباه: لماذا تبكي أمي بسبب أو من دونه؟ فألقى الأب إجابته على عواهنها، بأن جميع النساء هكذا! من دون أن يكلف نفسه في البحث عن حيثيات الأسباب الحقيقية الكامنة وراء ذلك.
بقي الابن دائراً في سورة حيرته وحتى حين توردت زهرة شبابه، لم يحصل على الجواب الشافي الذي يرضي تساؤلاته حول سبب حزن أمه!
ومن موروث الحكمة وردنا أن حكيماً سئل عن مصدر بكاء المرأة فأجاب بأن المبدىء المنشىء سبحانه حينما خلقها، جعل لها عزيمة كما لو كانت أكتافاً قوية تتحمل أثقال الهموم، ومنحها ذراعين ناعمتين حنونتين لتهب الراحة للأسرة، وعضّدها بجهاز داخلي محكم ليكون بمستطاعها تحمل آلام الحمل وإرهاصات الولادة، في مقابل صدر واسع يتحمل معاناة إدارة ظهورهم عنها حينما يكبرون، ووهبها القدرة الخارقة للنهوض بأعباء الأسرة والعناية بأفرادها، من نظافة مكانهم ومنامهم إلى نظافة ملابسهم وطعامهم حتى نظافة سلوكهم، لتبقى صامدة أمام أصعب الظروف وأعتى المحن دون أن تبدي نأمة من تذمر أو أن تسمح للانهيار في أن يفتّ من عضدها أو أن ينال شيئاً من صلابتها، أجل، تلك هي تضحيات الأم العظيمة، فكيف لا تبكي حين يطالها غول النكران؟
وفي أيامنا هذه، تمرّ علينا الحوادث المؤلمة التي تتعرض لها المرأة من دون أن تجد لها الحلول العادلة لاسيما في بلداننا العربية، كأن يقتل الزوج زوجته ثم تسقّط التهمة عن جريمته، وإذا دخل السجن فسرعان ما يطلق سراحه، أليس في ذلك إهانة للضحية التي تستتبعها إهانة لأهلها وهم يرون المجرم يسرح ويمرح أمام أعينهم، فأين العدالة والضمير الذي حكم بإطلاق سراحه، ولماذا لا يأخذ العقاب العادل الذي يوازي جريمته، ومثل هذه الحوادث تتكرر في بلدان الشرق دون الغرب الذي سبقنا في حماية المرأة وتحقيق المساواة.
وحتى هنا، قد يأخذ اضطهاد المرأة مجرى آخر دون ذلك كأن تتعرض للضرب والإهانة عدا عن إسماعها الألفاظ النابية من الأزواج السيئين، ولكنها تصبر وتعض على جروحها.
لقد لفتت انتباهي خطبة لرجل دين استمعت إليها وكان يوصي الرجال بصلة الرحم، ولكن لماذا لا يوصي الرجال بالزوجات؟ فاستغليت الموقف ورحت أسأله بعد انتهاء خطبته: لماذا أيها الشيخ الجليل تواظبون على دعوة الرجال إلى حماية الأم والأخت دون الزوجة، هل هي «حرف ساقط» أم هي «نكرة»؟ فتبسم وقال: لا نريد أن يزعل الرجال منا!
بينما المرأة هي التي تنجب الأبناء وترعاهم حتى يصبحوا رجالاً، ومنهن من تعمل لتشارك زوجها الأعباء المادية، فتتعاظم قدرتها على الاحتمال وتتفوق على الزوج.
وبمناسبة قرب يوم المرأة العالمي (٨ مارس) أتمنى أن تعطى المرأة حقها بقوانين منصفة تحفظ قدرها سواء في الأسرة أو في المجتمع، ولتحمي إنسانيتها أولاً وأخيراً.
وقد قال الإمام علي عليه السلام: «ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم».
Leave a Reply