ديربورن – «صدى الوطن»
فور تعيينه مدعياً عاماً فدرالياً لدائرة شرق ميشيغن –خلفاً للمدعي العام السابقة باربرا ماكويد– بادر ماثيو شنايدر إلى تحديد المسار العام لمكتبه بالقول خلال اجتماع «بريدجز» مع ممثلين عن الجاليات العربية في منطقة ديترويت في كانون الثاني (يناير) الماضي: «إن قوة أميركا في تنوعنا.. وهذا ما يجمعنا».
شنايدر أعرب في مناسبات عديدة عن نيته في مواصلة النهج الذي بدأته ماكويد –التي ترأست مكتب الادعاء الفدرالي منذ 2010 وكانت من بين 46 مدعياً فدرالياً استقالوا قبل عدة شهور بناء على طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب– مؤكداً على إقامة جسور وإطلاق حوارات بناءة مع المجتمعات المتعددة الخلفيات، الإثنية والثقافية والدينية، وفي مقدمتها المجتمع العربي الأميركي، الذي أقامت معه ماكويد علاقات وطيدة، تمخضت عن تعيين ثلاثة محامين عرب أميركيين في مكتب الإدعاء العام الفدرالي لشرق ميشيغن.
قبل توليه مسؤولياته الجديدة، كان شنايدر قد شغل منصب النائب الأول لمدعي عام ولاية ميشيغن (بيل شوتي)، حيث أشرف على حوالي 40 ألف قضية جنائية ومدنية، وخبرته في هذا المضمار لم تحول أنظاره عن «الدفاع عن الحقوق المدنية»، إذ أكد في حديث مع “صدى الوطن” على أنه «بينما تتغير القيادة في واشنطن كل اربع أو ثماني سنوات، لا يتغير التزام مكاتب الادعاء العام بالحقوق المدنية والتنوع وحماية المجتمع».
شنايدر زار –الأربعاء الماضي– مكاتب «صدى الوطن» في ديربورن، حيث أجري معه الحوار التالي:
■ ما الذي تتطلع إلى تحقيقه من خلال التواصل مع شرائح المجتمع؟
– إن (المدعي العام الفدرالية السابقة لشرق ميشيغن) باربرا ماكويد قامت بعمل رائع عبر تواصلها مع مختلف المجتمعات المحلية في شرق ميشيغن. لقد كانت شخصاً ذكياً ونابضاً بالحياة، وما أود فعله هو الاستمرار ومواصلة تلك المهمة والالتقاء بالناس وبناء حوار معهم لأننا إذا لم نفعل ذلك فسوف تواجهنا حقاً بعض المشاكل الخطيرة. فهنالك العديد من القضايا الهامة في منطقة ديترويت وأريد أن يكون التواصل معي متاحاً أمام الجميع.
■ المجتمع العربي الأميركي قلق من إدارة ترامب المناهضة للمسلمين والمهاجرين عموماً، ماذا تقول لهؤلاء الناس، وكيف تطمئنهم؟
– هنالك فرق بين ما نسمعه ونقرأه في الأخبار وبين ما نقوم به في المنطقة التي يغطيها مكتبنا، نسمع الكثير من الأخبار حول المهاجرين ولكننا نقوم بأشياء جيدة في المجتمع المحلي. رسالتي هي أنني أريد التواصل مع الناس وأرغب بالمقابل أن يتواصلوا معنا وأن يشرحوا مشاكلهم ومخاوفهم لوكالات إنفاذ القانون في ديترويت.
في سياق تعرفي على المجتمع العربي الأميركي بادرت إلى القيام بجولة في «المتحف العربي الأميركي» بديربورن.. كانت التجربة مثيرة بالنسبة لي وأعتبرها جزءاً من جهودي في الانخراط المجتمعي. وإنني اتطلع إلى إقامة علاقات وطيدة مع العرب الأميركيين وفعالياتهم المتعددة. في الأيام الأولى لتوليي هذا المنصب، اتصلت بعدد من الفعاليات المجتمعية، وفي اليوم الأول اتصلت بناشر “صدى الوطن” أسامة السبلاني وقيادات أخرى لأوكد على التواصل مع المجتمعين العربي والإسلامي.
■ بعد حملة إدارة ترامب على المهاجرين، زُج بالكثيرين في السجون.. هل لمكتبكم دور في هذا النوع من القضايا، وعلى ماذا تتركز جهودكم حالياً؟
– هنالك بعض المسائل التي ليس لنا أي انخراط فيها، ومنها على سبيل المثال، عمليات الترحيل الإدارية للأشخاص المتواجدين هنا.. ربما بشكل غير قانوني. مكتبنا ليس مولجاً بعمق في مثل هذه النشاطات، ذلك أن أولويات مكتبي هي مكافحة جرائم العنف والعصابات والفساد والإرهاب.. نريد أحياء آمنة وضمان خلوّ مجتمعاتنا من العصابات.
في نفس الوقت، فإن بعض البرامج الأمنية مثل مبادرة «ديترويت واحدة» و«عملية وقف إطلاق النار» للحد من العنف المسلح في ديترويت بالتعاون مع السلطات المحلية، هي بالضبط ما أعمل عليها.. إنني أدعم بشكل كامل مثل هذه البرامج وسوف أعزز جهود المكتب في كلا البرنامجين. ولقد وجهنا فريقنا للتعاون بشكل كبير مع البرنامجين ونحن مصممون وملتزمون بهذا الجهد الذي لن يأتي أكله بدون التعاون المجتمعي.
لقد كانت هناك عقلية سائدة بعدم الرغبة في الإبلاغ عما يجري، ولقد قابلتُ ضحايا جرائم وضحايا اعتداء جنسي لم يكونوا راغبين بالحديث عما تعرضوا له. الحس أو الانتماء الجماعي هو مسألة صعبة وشخصية بالنسبة للبعض، وبوجود عقلية متحفظة من هذا النوع فإنه من الصعب اختراق تلك المجتمعات للقبض على المجرمين، ولكنني أثق بشكل راسخ بأنه «إذا رأيت شيئاً، فقل شيئاً» لأنه لا يمكننا القيام بعملنا إذا لم يكن لدينا ذلك النوع من المعلومات.
■ هل بوسعك أن تطلق حواراً مع وزارة العدل حول قوائم مراقبة الإرهاب ولوائح الممنوعين من السفر والمظلومية التي تلحق بالكثيرين بسببهما؟
– هذه هي المرة الأولى التي أسمع بهذه المظلومية وعمق وجودها في مجتمعكم، وإنني أشكركم على طرح هذه المسألة الحساسة والتي تقض مضاجع الكثيرين كما بيّنتم. يجب أن يحدث أمر ما في هذا الشأن. لقد عينت في منصبي منذ ستة أسابيع فقط. هذا هو بالضبط نوع الحوار الذي يجب أن نقيمه.. نعم بإمكاني التواصل مع شركائنا في وكالات إنفاذ القانون والتحدث مع مسؤولي «مكتب التحقيق الفدرالي» (أف بي آي) ووكالة «خدمات الهجرة والتجنيس» (آي أن أس). يجب أن نقيم حواراً في هذا الشأن، ولكن حتى هذه اللحظة –التي نتحدث فيها أنا وأنت– لم يحدث أن تكلم معي أحد بهذا الخصوص.
■ هل انضم أي عربي أميركي مؤخراً إلى مكتب الادعاء العام الفدرالي في شرق ميشيغن؟
– لقد عينت محامية تدعى سيما محسن لكي تكون مساعدتي ويدي اليمنى، بدلاً عن دان ليمش.. الذي غادر مكتبنا مؤخراً.
■ خلال تولي ماكويد لمهامها، انضم ثلاثة عرب لمكتب الادعاء الفدرالي، هم المحامون عبد حمود وأماندا جواد وتشارلز خليل، هل سيستمر هذا التوجه تحت إدارتكم؟
– القاعدة لدينا هي توظيف الأفضل. لا نقوم بتوظيف المتخرجين تواً من كلية القانون وإنما نوظف أولئك الذين يمتلكون مروحة واسعة من الخبرة ليكونوا مدعين عامين أو منفذي قوانين أو مدافعين عن القوانين. التقدم للوظائف متاح للجميع ولكننا نقوم بتوظيف الأفضل.
■ لو مررت بأي شارع هنا في مدينة ديربورن وسألت أول العابرين عن اختصاصه لأجابك إنه على الأغلب من خريجي كليات القانون ويمارس المحاماة.. لدينا محامون بارعون فلماذا لا تتم الاستعانة بخبراتهم؟
– أنت على حق.. لقد قمت مؤخراً بجولة في ديربورن وشاهدت الكثير من مكاتب المحامين العرب الأميركيين..
■ ما هي أبرز الصعوبات التي يواجهها مكتب الادعاء الفدرالي في شرق ميشيغن؟
– هذه الدائرة تضم حوالي 8.5 مليون نسمة، ويضم مكتبنا أكثر بقليل من 100 مدع عام فقط يناط بهم التعامل مع مختلف القضايا الجنائية في دائرة ميشيغن الشرقية، لكن بينهم كثيرون يعملون على قضايا الحقوق المدنية.
■ ما هي الرسالة التي تود توجيهها للمجتمع؟
– كمدع عام فدرالي.. بعض الأشخاص لا يدركون طبيعة مهمتنا. لدينا قائمة أولويات، من الجانب الجنائي، مكتبنا يقاضي مرتكبي جرائم العنف وأولوياتنا هي مكافحة الجريمة والعصابات والفساد والإرهاب. توجد لدينا أيضاً أولويات مدنية لحماية الحقوق المدنية والدفاع عنها. هذا ما كان عليه الحال تحت إدارة ماكويد، ومن جانبنا.. سوف نستمر في هذا الاتجاه. عند وصولي إلى المكتب توقع البعض بأنني سأغلق «دائرة الحقوق المدنية» التي تضم ١٢ مدعياً عاماً ولكنني لم أفعل ذلك بسبب قناعتي بأهمية ضمان الحقوق المدنية للمواطنين، والتي تعتبر ركناً أساسياً من أركان الديمقراطية في بلادنا
Leave a Reply