حفاظاً على مصداقية واشنطن والحلفاء الأوروبيين
واشنطن – محمد دلبح
دعت مجموعة كبيرة من المسؤولين الأميركيين السابقين من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي، الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى عدم الإنسحاب من الاتفاق النووي الإيراني. وتضم المجموعة 118 شخصية أميركية مرموقة من بينهم 49 من الضباط العسكريين الأميركيين المتقاعدين، 19 عضواً سابقاً في الكونغرس، و29 سفيراً أميركياً من بينهم خمسة سفراء سابقين لدى إسرائيل ومسؤولون استخباراتيون سابقون.
وأكد هؤلاء في بيان حمل تواقيع أعضاء المجموعة يوم الثلاثاء الماضي، تأييدهم للاتفاق الذي ألمح ترامب إلى أنه قد يتخلى عنه، بدعم من مستشاره الجديد للأمن القومي، جون بولتون.
وكان ترامب قد أعرب عن غضبه من أن طاقمه للسياسة الخارجية والأمن القومي في العام الماضي كان يعمد إلى إقناعه بعدم اتخاذ قرار الانسحاب من الاتفاق. وكان هذا أحد أسباب إقالته لكل من وزير الخارجية ريكس تليرسون ومستشاره للأمن القومي هربرت ماكماستر، وتعيين مارك بومبيو وجون بولتون الذي كان قد نشر في مجلة «ناشيونال ريفيو» مذكرةً مفصلة لكيفية الخروج من الاتفاق النووي الإيراني في 28 آب (أغسطس) 2017. وقال إن الغرض من المذكرة هو إظهار أن خيارات الانسحاب من «صفقة أوباما» النووية أمر ممكن وإن فريق ترامب لم يقدم له هذه الخيارات.
ترامب 12 أيار (مايو)، موعداً للبت بمصير الاتفاق بانتظار المفاوضات الجارية مع الحلفاء الأوروبيين لإجراء تغييرات عليه. ويقول مسؤولون أميركيون إن ترامب يفكر أنه إذا توحدت الولايات المتحدة وأوروبا بشأن تعديل الصفقة، فإن الموقعين الآخرين –روسيا والصين– لن يعارضا، ولن يكون أمام إيران خيار سوى الامتثال.
محتوى البيان
وقالت المجموعة الأميركية، التي تطلق على نفسها «الائتلاف القومي لمنع سلاح نووي إيراني»، إن «الحفاظ على التزام الولايات المتحدة بالاتفاق النووي الإيراني سيقوي موقف أميركا في التعامل مع كوريا الشمالية، وكذلك إيران»، إضافة إلى «الحفاظ على مصداقية أميركا وتأثيرها كزعيمة للعالم». وقال البيان إن «التخلي عن الاتفاق لن يخدم أياً من أغراض الأمن القومي».
وتقول المجموعة في بيانها الذي جاء بعنوان «حافظ على الصفقة الإيرانية: 10 أسباب وجيهة»: «إن الحفاظ على التزام الولايات المتحدة بالصفقة لن يؤدي فقط إلى تعزيز الأمن الأميركي والإقليمي من خلال تنفيذ مراقبة دولية غير مسبوقة لبرنامج إيران النووي، بل سيشكل سابقة أيضاً للتعاملات المستقبلية مع التهديدات الناشئة مثل كوريا الشمالية»، وأضاف أن «كوريا الشمالية لا يمكنها أن تدعي أن الولايات المتحدة تلغي الاتفاقات دون سبب».
وتقول المجموعة إن البقاء في الاتفاق سيساعد أيضاً على تعزيز القيادة الأميركية على المسرح العالمي وتعزيز العلاقات مع الحلفاء الغربيين. وقال البيان «سيتم الحفاظ على علاقات الولايات المتحدة مع الحلفاء الاوروبيين الرئيسيين الذين يعارضون الانسحاب الأميركي من أجل تعزيز مصالح الأمن القومي الأميركي بما يتجاوز الاتفاق النووي». و«ستقوم الولايات المتحدة ببناء المصداقية والحفاظ على نفوذها مع شركائها في المفاوضات لضمان التنفيذ الصارم للاتفاق، وأن تكون قادرة على قيادة الجهود لتعزيزها، أو الحصول على دعم قوي لفرض عقوبات إضافية إذا لزم الأمر».
ومن بين الموقعين على البيان المدير السابق لوكالة الأمن القومي ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) مايكل هايدن والمدير السابق للمخابرات القومية جيمس كلابر، ورئيس قيادة العمليات الخاصة الأميركية السابق الأدميرال المتقاعد أريك أولسون.
ماذا عن الجزرة؟
وأعرب هايدن في تصريح له عن قناعته بأن اختيار ترامب لبومبيو وبولتون يعني أنه ماض في قرار الانسحاب من الاتفاق النووي. وقال «من الواضح أن الرئيس ترامب أراد أن يفعل ذلك منذ بعض الوقت، حيث يصف الاتفاق بأنه أسوأ صفقة على الإطلاق، وأن التعيينات الجديدة ستزيل بعض حواجز الحماية التي حاولت في السابق ثني الرئيس. وبالتالي فإن التعيينات الجديدة تجعل الخروج من الصفقة أكثر احتمالاً».
وأوضح هايدن أنه رغم عدم إعجابه بترتيبات الصفقة «إذ كان بإمكاننا أن نطلب صفقة أفضل، خاصة وأن إيران كان يجب أن تكون هي الملتمسة للاتفاق، وليس نحن. كانوا بحاجة إلى تخفيف العقوبات»، مشيراً إلى أن الرئيس السابق باراك أوباما استخدم وسائل عديدة لتسويق الاتفاق لدى الكونغرس والشعب الأميركي.
وقال هايدن «ومع ذلك فإن إيران بهذا الاتفاق أبعد ما تكون عن امتلاك سلاح من دونه. والمخابرات الأميركية أكثر دراية بالتطورات النووية الإيرانية بسبب الاتفاق ونظام التفتيش». وأضاف مبرراً توقيعه على البيان أن الانسحاب من الاتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات على طهران «سيكون بمثابة استخدام العصا وتجاهل الجزرة، ويمكن أن يدفع إيران إلى استئناف برنامجها النووي ويعزلنا عن أصدقائنا الأوروبيين».
Leave a Reply