يوزع النائب بطرس حرب وقته وجهده في هذه الأيام بين بيروت والبترون، استعداداً للاستحقاق المرتقب في 6 أيار (مايو) المقبل. يبدو النائب «المخضرم» مطمئناً إلى مصيره الانتخابي وهو المرشح على لائحة واحدة مع “تيار المردة” في دائرة الشمال الثالثة (البترون– بشري– زغرتا– الكورة)، لكنه يتفادى الركون الى هذا الشعور حتى لا يتسرب إليه الاسترخاء في معركة مصيرية لا تحتمل السهو.
يدقق حرب في كل التفاصيل المتصلة بحملته الانتخابية تفادياً لمفاجأة غير محسوبة في صناديق الاقتراع، آخذاً في الحسبان أنه يواجه السلطة وليس مجرد مرشح منافس على المقعد الماروني، تبعاً لمقاربة ابن البترون.
ويقول حرب لـ«صدى الوطن» إن قانون الانتخاب المعتمد كارثي ونتائجه ستكون كارثية، ولا يمت إلى الإصلاح والتطوير بصلة، بل هو قانون تخريب الحياة السياسية وضربها، إذ أنه سيمنع تشكيل معارضة حقيقية وسيفرز قوى مفتتة لن تستطيع أن تفعل شيئاً، بعدما جرى جمع الأضداد في لوائح واحدة على قاعدة تحالفات ظرفية تنتهي في 7 أيار (مايو)، مشدداً على ضرورة تعديل هذا القانون في المرحلة المقبلة. ويضيف مبتسماً: «إنه باختصار قانون زواج المتعة، إنما من دون متعة».
قضاة خاضعون
ويتهم حرب، مرشحي السلطة باستخدام مقدرات الدولة في معاركهم الانتخابية، لافتاً الانتباه إلى أن الأسوأ في هذا المجال هو تأثير جهات سياسية على بعض القضاة الذين يصدرون أحكاماً بالإدانة أو بالبراءة على ذوق السلطة، ووفق قياس الممسكين بها، بحيث أن القاضي بات يتولى أحياناً المرافعة عن المدعى عليه بدل محاكمته، «ويبدو أن التشكيلات القضائية الأخيرة وُضعت لهذا الغرض، من دون أن ينفي ذلك وجود قضاة نزيهين، وأنا اتجنب التعميم في موقفي».
ويشير حرب إلى غياب تكافؤ الفرص في الانتخابات، لأن المرشحين المتواجدين في السلطة يوظفون إمكانياتها لمنافسة خصومهم في الدوائر، مؤكداً أن أبواب الدولة مشرّعة على سبيل المثال أمام منافسه على المقعد الماروني في البترون الوزير جبران باسيل الذي استخدم نفوذه لتأمين أكثر من 500 وظيفة لأشخاص من المنطقة خلال العامين الماضيين، إضافة الى التهويل والتلويح بمحاسبة من يخالف إرادتهم بعد الانتخابات، معتبراً أن هناك استغلالاً لحالة الفقر المتفاقم وابتزازاً للناس على قاعدة: لقمة العيش في مقابل مصادرة الرأي الحر، «وأنا أتوقع ظهور رد فعل معاكس عند بعض الأهالي ممن لا يقبلون بهذه المساومة، لانهم يدركون أن من يجوّعهم هو ذاته من يطعمهم».
ويرى حرب، أن الانتخابات يجب أن تكون مناسبة لترجمة علاقة راقية وسليمة بين القوى السياسية والناخبين، ملاحظاً أن البعض يرفع شعار مكافحة الفساد ثم يحاول شراء الأصوات، «علماً أن رشوة الناخب هي قمة الفساد وتشكل اعتداء على كرامة المواطن».
ويشدد حرب على أن المطلوب وضع سياسات اقتصادية ومالية حكيمة، تسمح بالاستثمارات التي من شأنها إيجاد فرص عمل على اساس الكفاءة، بعيداً عن اشتراط الولاء الحزبي، وتوزيع الرشوة الوظيفية لمصلحة انتخابية.
دق الطبل
ويؤكد حرب أن باسيل استعمل منصبه كوزير للخارجية من أجل جمع الـ«داتا» المتعلقة بالمغتربين، ومن ثم سلمها الى التيار الحر الذي تولى الاتصال بالمغتربين لاستقطابهم انتخابياً استناداً الى هذه الداتا، «بينما نحن حُرمنا من هذه الفرصة»، مبدياً قلقه إزاء آلية اجراء الانتخابات التي اعتمدت في الاغتراب. ولا يلبث حرب أن يضيف قائلاً: هل يجوز أن سفيرنا في باريس «يدق» على الطبل، ومع ذلك عُيّن في واحدة من أهم السفارات بسبب ولائه السياسي؟
ويواصل حرب سرد المخالفات التي يرصدها «راداره»، لافتاً الانتباه إلى أن هناك شكاوى في الادارة من أن بعض الموظفين يحرقون المراحل ويتقدمون على زملاء لهم أعلى منهم مرتبة، «فقط لانهم مدعومون من خط سياسي معين».
انحياز رسمي
ويصل حرب في جردة الحساب الى الشمال، متهماً محافظ الشمال رمزي نهرا بأنه موظف عند وزير الخارجية، ومتسائلاً: كيف يمكن لهذا الشخص المنحاز علانية وجهاراً الى رئيس «التيار الحر» أن يشرف على الانتخابات في المحافظة؟
ويضيف حرب: أمام كل ما يجري أصبح السطان سليم مجرد «خزمتشي» عند باسيل. (سليم الخوري هو شقيق الرئيس بشارة الخوري، ولُقب بـ«السلطان سليم» بفعل السلطة الواسعة التي كان يمكلها في محيط الرئيس).
ويشكو حرب من عدم وجود قناة اتصال منتظمة مع وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي «لا يجيب على اتصالاتي إلا بالمصادفة، فيما الخط الهاتفي لمدير عام الأحوال الشخصية يبقى مقفلاً».
المطر المالي
وينبه إلى أن المال السياسي دخل بقوة على خط الانتخابات، وبعض الدوائر تمطر دولارات، موضحاً أن هناك مندوبين يشترون الأصوات، «ولكن الأسوأ هو وجود شرائح شعبية لا تزال تجهل كيفية الاقتراع وفق القانون الجديد، الأمر الذي سيتسبب في أخطاء كثيرة أثناء التصويت، وهذا بدوره سينعكس على النتائج».
ويتوقع حرب أن تتمخض صناديق الاقتراع عن مفاجآت كبرى، «وهناك من سيعض أصابعه ندماً على قبوله بهذا القانون الانتخابي»، مرجحاً أن ينخفض حجم عدد من الكتل النيابية الى النصف، او الثلث، ومشيراً إلى أن الرئيس سعد الحريري قد يدفع ثمنا كبيراً.
ويوضح أن خلافه السياسي مستمر مع الحريري الذي اختار أن يتموضع على ضفة أخرى بعد ذهابه بعيداً في التحالف بينه وبين «التيار الحر».
ويؤكد حرب أن وضعه الانتخابي في البترون جيد، «لكن لا شيء محسوم»، معرباً عن ثقته في أن لائحتنا هي الأقوى في دائرة الشمال الثالثة، «ووفق تقديراتنا توجد أربعة مقاعد مضمونة للائحة، فيما تتركز المعركة على المقاعد الستة الأخرى».
موقف «القوات»
ويستغرب انتقاد «القوات اللبنانية» للتحالف الذي يجمعه مع رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية، قائلاً: العماد ميشال عون كان ولا يزال حليف «حزب الله»، وعلى رغم ذلك دعمت «القوات» ترشيحه، فلماذا يسمحون لأنفسهم بذلك بينما يعترضون على تحالفاتي التي فرضتها طبيعة القانون، متجاهلين في الوقت ذاته أنهم رفضوا أصلاً التحالف معي.
ويشير حرب إلى أن المجلس النيابي الجديد سيكون مخيباً للآمال، وسيتولى تكريس المزارع السياسية، «لأن قانون الكذبة الكبرى لا يمكن أن يولّد مجلساً إصلاحياً، ولا أدري كيف سيتمكنون من تشكيل الحكومة المقبلة بعد الانتخابات».
Leave a Reply