أعلام فلسطين ترفرف في «هارت بلازا»: العدالة قادمة!
في ذكرى نكبة فلسطين، تظاهر عشرات النشطاء في ساحة «هارت بلازا» وسط ديترويت، الاثنين الماضي، احتجاجاً على نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وتضامناً مع «مسيرات العودة» التي قابلتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بقتل ٦٠ متظاهراً فلسطينياً وإصابة أكثر من 2800 آخرين قرب منطقة الجدار العازل في قطاع غزة ضمن فعاليات إحياء الذكرى الـ70 للنكبة.
في ديترويت، ردد عشرات المتظاهرين الذين جاؤوا من خلفيات إثنية متنوعة، هتافات تؤكد على الحقوق التاريخية للفلسطينيين وفي مقدمتها حق العود وسط دعوات المتظاهرين لـ«الانتفاضة والثورة» والمطالبة بالإفراج عن الأسيرة الشابة عهد التميمي.
وعزا متظاهر، فضل عدم الكشف عن هويته، مشاركته في الوقفة الاحتجاجية إلى «التنديد بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنقل السفارة الأميركية إلى القدس» ووصفه بأنه «مثير للاشمئزار»، مبدياً في الوقت ذاته تفاؤله حول «حركة مقاطعة إسرائيل» (بي دي أس)، بعدما تبين «بشكل لا لبس فيه بأنه لا يوجد وسيط نزيه بين الإسرائيليين والفلسطينيين».
وأشار المتظاهر إلى أنه لا يرى «أفقاً لحل الدولتين»، معرباً عن أمله في أن يتمكن الإسرائيليون والفلسطينيون من العيش بسلام، جنباً إلى جنب، في دولة واحدة.
وجاءت تظاهرة ديترويت تزامناً مع تظاهرات أخرى في المدن الأميركية الكبرى مثل نيويورك وأتلانتا وشيكاغو ولوس أنجليس.
من جانبه، أكد الناشط في منظمة «الصوت اليهودي من أجل السلام» دون غرينسبان على أن «المنظمات بدأت تستقطب المزيد من الشباب اليهودي لأن العديدين منهم باتوا يدركون أن انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان (في فلسطين) لا تنسجم مع القيم اليهودية». وقال «إن إدارة نتنياهو قد تحولت إلى أقصى اليمين ما يدفع حتى الكثير من الشباب اليهود إلى التشكيك في جدوى الدعم الأميركي المطلق لإسرائيل».
كما انتقد وسائل الإعلام الأميركية لتغطيتها الإخبارية المتحيزة ضد الفلسطينيين داعياً الشعب الأميركي إلى تثقيف نفسه بشأن حقيقة الصراع.
الناشطة في «الشبكة الفلسطينية المجتمعية في الولايات المتحدة» جوليا قاسم، شددت على أن مشاركتها في المظاهرة تندرج في سياق «الاحتجاج على تصرفات الحكومة الأميركية ضد إجماع المجتمع الدولي والشعب الأميركي»، في إشارة القرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس.
ولا يعترف المجتمع الدولي بالسيادة الإسرائيلية على القدس، ومن المفترض أن يتم بحث الوضع النهائي للقدس في المراحل الأخيرة من محادثات السلام وفقا لاتفاقية السلام الإسرائيلية– الفلسطينية عام 1993.
وتعد إسرائيل القدس «عاصمتها الأبدية غير المقسمة»، بينما يطالب الفلسطينيون بأن تكون القدس الشرقية، التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967، عاصمة لدولتهم المستقبلية.
وقد جاء إعلان ترامب العام الماضي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل لينهي عقودا من الحياد الأميركي بشأن هذه القضية واضعا الولايات المتحدة في خلاف مع معظم المجتمع الدولي.
ويرى الفلسطينيون بافتتاح السفارة في القدس انحيازاً أميركياً واضحاً لفرض إسرائيل سيطرتها على المدينة بأكملها.
وحضر افتتاح السفارة مسؤولون أميركيون كبار، بمن فيهم إيفانكا ابنة الرئيس دونالد ترامب وزوجها جاريد كوشنر فيما تغيب الرئيس عن الحفل.
الإحساس بالمسؤولية
وقال الناشط في «حركة الشباب الفلسطيني» يحيى حافظ: إن تحرير الفلسطينيين يعتمد بشكل كبير على الشباب الفلسطينيين، في الوطن وفي الشتات، وعلى إحساسهم بالمسؤولية الوطنية وتأكيدهم على ضرورة استمرار المقاومة. وأضاف: «إننا ندعو جميع شبابنا في المنافي لإظهار دعمهم بطرقهم الخاصة، ونشر الحقائق أمام الشعوب والحكومات، بكل الوسائل المتاحة».
موند سانكارا، الناشط في منظمة «ووركرز وورلد بارت» بديترويت، أشار إلى أن العلم الفلسطيني يذكره بالعلم الداعم لحقوق الأفارقة، والذي تجسده ألوانه (الأحمر والأخضر والأسود) «نفس الصراع من أجل التحرير والسيادة». وقال «عندما أنظر إلى النضال الفلسطيني والوحشية التي يواجهها الفلسطينيون على أيدي الإسرائيليين والأميركيين، أتذكر الوحشية التي أواجهها ويواجهها شعبي على أيدي العنصريين البيض والرأسماليين والامبرياليين»، مؤكداً «أن الكفاح الأسود والكفاح الفلسطيني التحرري مرتبطان ارتباطاً وثيقاً».
وأنحت الناشطة الفلسطينية الأميركية د. دعد قطاطو باللوم على الخلاف بين حركتي «فتح» و«حماس»، وعلى لامبالاة السلطة الفلسطينية و«منظمة التحرير الفلسطينية»، لكون الخلاف يعزز انحسار فرص السلام، كما انتقدت زعماء العالم العربي لأنهم لم يحركوا ساكناً، اعتراضاً على قرار ترامب بنقل السفارة الأميركية، ونددت بمواقف السعودية ومصر وتواطئهما إزاء استمرار الحصار على قطاع غزة، وقالت: «هذه قضية عربية، وليست قضية فلسطينية فقط».
وأكدت قطاطو على أن «مسيرات العودة» في قطاع غزة، لا تخضع لضغط حركة «حماس»، مؤكدة «أن المحتجين يتظاهرون مدفوعين بالاقتصاد المتهاوي والبطالة والانتهاكات اليومية لجنود الاحتلال لحقوق الفلسطينيين».
وشددت على أهمية تثقيف الشباب الفلسطيني في الشتات حول تاريخهم «حتى يتمكنوا في يوم ما من العودة إلى ديارهم وأراضيهم».
وحشية بلا حدود
القيادي في «الشبكة الفلسطينية المجتمعية في الولايات المتحدة» جورج خوري، سرد قصصاً مخيفة حول الزيادات التدريجية في وحشية القمع الإسرائيلي للفلسطينيين منذ بدء الاحتلال.
وعاد خوري (76 عاماً) بالذاكرة سبعة عقود، وقال إنه تعرض مرة للتوبيخ الشديد من والده لكونه قد أحضر إلى المنزل علبة سجائر وأقلاماً، حيث اكتشف أنها متفجرات كانت تنشرها الدولة العبرية للإيقاع بالمواطنين وإيذائهم.
وأشار إلى أنه وجد في إحدى المرات قطعة شوكولاته مغلفة بالسيلوفان، ليكتشف لاحقاً أنها محشوة بنثار الزجاج.
وذكر لـ«صدى الوطن» أنه كان شاهداً على فصل العائلات من قبل سلطات الاحتلال التي حمّلت في إحدى المرات الرجال في شاحنة ونقلتهم إلى مسجد مجاور حيث تم إعدامهم جميعاً.
وكانت والدة خوري وأشقاؤه الخمسة قد سيقوا نحو 9 أميال خارج قريتهم، ونقلوا إلى قرية بيرزيت الواقعة في الضفة الغربية المحتلة.
ومن جانبه حث الناشط والكوميديان الفلسطيني الأميركي، عامر زهر، المحتجين على الصمود ومواصلة نشاطاتهم الاحتجاجية، وقال: «ستصبح الأمور أكثر صعوبة.. عدالتنا قادمة.. غضبنا مبرر.. إنهم يريدون سرقة الفلافل والحمص والقدس لأنه لدينا واحدة من أغنى الثقافات على كوكب الأرض.. لا تخافوا عن الإفصاح عمن أنتم ومن تكونون.. سيحاولون إسكاتكم.. استمروا قدماً».
مذبحة المتظاهرين في غزة
كان الفلسطينيون يشاركون في احتجاجات جماهيرية مثلما اعتادوا على مدى الأسابيع الستة الماضية ضمن مسيرات العودة.
وقالت إسرائيل إن «40 ألف فلسطيني شاركوا في الاحتجاجات العنيفة في 13 موقع بالقرب من منطقة الجدار العازل في قطاع غزة» الاثنين الماضي.
وألقى الفلسطينيون الحجارة بينما استخدم الجيش الإسرائيلي الرصاص الحي والقناصة والغاز المسيل للدموع بينما كان الدخان الأسود يتصاعد من الإطارات المحترقة.
وقال الجيش الإسرائيلي إن عشرة آلاف من «مثيري الشغب العنيفين» تجمعوا على طول السياج الأمني وإن قواته كانت تعمل «وفقا للإجراءات المعتادة».
وقال مسؤولون فلسطينيون إن 59 فلسطينياً على الأقل لقوا مصرعهم، بينهم ستة أطفال، كما جُرح أكثر من 2800 فلسطيني خلال مشاركتهم في مسيرات العودة التي انطلقت في منطقة الجدار العازل في قطاع غزة.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في تغريدة إن «كل بلد لديه التزام بالدفاع عن حدوده، وحركة حماس أعلنت نيتها تدمير إسرائيل وإرسال الآلاف لاختراق السياج الحدودي لتحقيق هذا الهدف، سنستمر بالرد بحزم للدفاع عن سيادتنا ومواطنينا».
وأدان الرئيس الفلسطيني محمود عباس «المجزرة»، فيما قالت الأمم المتحدة إن ما يجري «يعد انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان»، فيما استدعت بعض الدول سفراءها من تل أبيب احتجاجاً على القمع الإسرائيلي، أبرزها تركيا وجنوب أفريقيا.
أما المتحدث باسم البيت الأبيض، راج شاه، فاعتبر أن: «حماس مسؤولة عن سقوط هذا العدد المأساوي من القتلى»، مضيفاً أن «حماس تتصرف عن قصد».
Leave a Reply