التأخير في إعلان النتائج لم يمنع إطلاق مفاوضات «الكتلة الأكبر»
بغداد – بعد مرور ستة أيام على الانتخابات البرلمانية في «عراق ما بعد داعش»، لم تعلن «المفوضية العليا» للانتخابات نتائج التصويت النهائية، وبالتالي فإن الخارطة الجديدة للمجلس النيابي لم تكتمل عناصرها، وإن كانت الكفة تميل لصالح زعيم التيار الصدري في العراق السيد مقتدى الصدر بعدما أظهرت النتائج الأولية تقدم لائحته، «سائرون»، على بقية القوائم، المنافسة على مقاعد البرلمان الـ٣٢٩، وسط معلومات عن حلول إئتلاف «النصر» (بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادي) في المركز الثاني بـ51 مقعداً، وتحالف «الفتح» (بزعامة الأمين العام لـ«منظمة بدر» هادي العامري) للمركز الثالث بـ50 مقعداً، فيما حصل إئتلاف «سائرون» (التيّار الصدري وحلفاؤه) على 55 مقعداً.
التأخير في إعلان النتائج لم يمنع الأحزاب والكيانات السياسية في إطلاق ورشة مفاوضات تشكيل «الكتلة الأكبر»، التي ستسمّي بدورها رئيس الوزراء المقبل، وسط توقعات بدخول طهران–الرياض بقوة على خطّ المفاوضات، لاسيما بعد التقارب الصدري–السعودي.
والتقى الصدر يوم الخميس الماضي السيد عمار الحكيم في إطار المشاوات لتشكيل حكومة جديدة للبلاد. وأشار الحكيم إلى أنّ «الحكمة» و«سائرون»، سينطلقان للتباحث مع القوى الأخرى لتشكيل الحكومة، في حين أكد الصدر أنه يجري العمل على «تشكيل حكومة أبوية»،
ويرى المراقبون أن أمام زعيم التيار الصدري عدة خيارات لإنشاء تحالف يشكل أكثرية في البرلمان القادم من بينها أيضاً «ائتلاف الوطنية» بزعامة علاوي، الذي حصل على 22 مقعداً، لكن وعقب كل انتخابات تشريعية في العراق، تدخل الكتل الفائزة في مفاوضات طويلة لتشكيل حكومة أغلبية، وليس بعيداً أن تفقد القائمة الفائزة في الانتخابات التشريعية قدرتها على تشكيل حكومة، بفعل تحالفات بين مجموعات برلمانية أخرى.
إقبال ضعيف
وأعلنت المفوضية العليا للانتخابات أن نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية قاربت 45 بالمئة، واصفةً النسبة بالجيدة ومعلنة نجاح عملية الاقتراع يوم السبت الماضي. وقد وصل عدد المحافظات التي أعلنت فيها النتائج حتّى الآن إلى 16 محافظة من أصل 18 على أن تستكمل باقي النتائج في محافظتي دهوك وكركوك لاحقاً.
وتعد هذه النسبة، الأدنى منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003 بعيد الغزو الأميركي للبلاد، إذ سجلت انتخابات العام 2005 مشاركة بنسبة 79 بالمئة، و62.4 بالمئة عام 2010، و60 بالمئة عام 2014.
وتمت عملية التصويت بحسب قانون نسبي على أساس قوائم مغلقة ومفتوحة، وستُوزع الأصوات على المرشحين ضمن 87 لائحة في 18 محافظة وفقا لتسلسلهم داخل كل قائمة.
وكشفت النتائج الأولية عن تقدم تحالف «سائرون» في محافظة بغداد، يليه تكتل «الفتح» ثم ائتلاف «دولة القانون». وفي محافظة الأنبار أتت قائمة «الأنبار هويتنا» أولاً، تليها قائمة «الوطنية» ثم تحالف «القرار»، فيما بلغ المجموع الكلي لأصوات الناخبين في الأنبار 359 ألف صوت.
تحالف محتمل
وبانتظار إعلان النتائج النهائية، أعرب رئيس الوزراء العراقيّ حيدر العبادي عن استعداده للعمل والتعاون مع الكتل السياسية لتأليف «حكومة قوية خالية من الفساد والمحاصصة المقيتة» بحسب تعبيره و«غير خاضعة لأجندات أجنبيّة».
بدوره، يواصل زعيم إئتلاف «دولة القانون» نوري المالكي (الرابع في ترتيب القوائم بـ25 مقعداً وفق النتائج الأولية)، حراكه السريع لتشكيل «الكتلة الأكبر»، مع وصول وفودٍ كرديّة من مختلف القوى إلى بغداد للقائه، وبحث إمكانية انضمامها إليه. في حين يتم تداول معلومات حول لقاء عُقد بين جناحي «الدعوة» (المالكي والعبادي)، إلى جانب كوادر من «الفتح» (فصائل الحشد الشعبي)، أفضى إلى «توقيع وثيقة شرف تنص على عدم ترشيح العامري، والعبادي، والمالكي لرئاسة الوزراء، والعمل على تشكيل الكتلة الأكبر». وعلى هذا الصعيد، أكّد مصدرٌ مقرّبٌ من المالكي، أن «الاجتماع توصّل إلى نتائج طيبة لتشكيل الكتلة الأكبر»، محذّراً من «التأثير الإقليمي أو الدولي».
ومن جانبه، أشاد الوزير السعودي ثامر السبهان بتصريح الصدر الداعي إلى تحالف سياسي لا يشمل «حلفاء طهران».
الترحيب السعودي، والترويج لتحالف العبادي–الصدر، يعود إلى «استثناء الرجلين للحشد في تحالفاتهم المستقبلية»، في حين تشير مصادر مقرّبة من العبادي، إلى عجز الصدر عن «تثبيت حكمه»، نظراً إلى حجم كتلته المحدود وإمكانية «فرطها» لاحقاً، الأمر الذي يسهّل الطريق أمام ائتلاف «النصر» «كي يكون بيضة القبّان، ومنه رئيس الحكومة».
وبحسب صحيفة «الأخبار» اللبنانية حطّ قائد «قوّة القدس» الإيرانية، قاسم سليماني، رحاله في بغداد، وكانت أولى محطاته مع رئيس «التحالف الوطني» السابق إبراهيم الجعفري، حيث ناقش الجانبان نتائج الانتخابات الأوليّة، و«سيناريوهات» التحالفات المفترضة، وشكل الحكومة المقبلة. وقالت المصادر «سليماني طلب من الجعفري أن يلعب دور الوسيط لجمع الفرقاء الشيعة، لما يتمتع به الرجل من مقبولية منهم»، لافتاً إلى أن «الجعفري فضّل الانتظار والتأنّي بعض الشيء، حتى اكتمال إعلان نتائج الانتخابات واتضاح الصورة».
Leave a Reply