ديترويت – «صدى الوطن»
فور تعيينه كبيراً لموظفي مجلس الأمن القومي وسكرتيراً تنفيذياً ومساعداً لمستشار الرئيس دونالد ترامب، الجمعة الماضي، أثار فْرَد فليتز موجة انتقادات من السياسيين وجماعات الحقوق المدنية بسبب تصريحات سابقة أدلى بها للإعلام واتهم فيها المجتمعات المسلمة في ولايتي ميشيغن ومينيسوتا بتوفير بيئة حاضنة للإرهاب.
ويعتبر مجلس الأمن القومي بمثابة منتدى استشاري للرئيس الأميركي الذي يترأس اجتماعاته ويطلع من خلاله على الخيارات المتاحة لاتخاذ القرارات المتعلقة بالشؤون الخارجية والأمنية.
وجاء قرار تعيين فليتز سكرتيراً تنفيذياً للمجلس بقرار من مستشار الأمن القومي جون بولتون، في أواخر أيار (مايو) المنصرم، لتقابله موجة انتقادات واسعة من قبل منظمات حقوقية وسياسيين بارزين في ولاية ميشيغن، بينهم الحاكم الجمهوري ريك سنايدر، وعضوا مجلس الشيوخ الأميركي عن ميشيغن السناتوران الديمقراطيان ديبي ستابينو وغاري بيترز، وعضو مجلس النواب الأميركي الديمقراطية ديبي دينغل.
وأصدرت مجموعة من المنظمات، مثل «المعهد العربي الأميركي»، و«مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية» (كير) و«الرابطة العربية الأميركية للحوق المدنية»، و«المحامون المسلمون»، و«مركز قانون الفقر الجنوبي»، و«رابطة مكافحة التشهير» اليهودية، بيانات أعربت فيها عن صدمتها من قرار تعيين فليتز في منصب رفيع ، بوصفه نموذجاً جديداً من المسؤولين «الراديكاليين» و«مروّجي الإسلاموفوبيا» و«نظريات المؤامرة» في إدارة الرئيس دونالد ترامب.
ماذا قال فليتز؟
وكان فليتز، المحلل السابق في «وكالة الاستخبارات المركزية» (سي آي أي)، قد قال في مقابلة مع موقع «بريتبارت نيوز» العام الماضي: «في الولايات المتحدة، هناك بعض المجتمعات التي لم تندمج. أنا لا أقصد مجتمعات مثل الأميش أو اليهود، لكنني أقول بأن هناك جيوباً للجاليات المسلمة في ميشيغن ومينيسوتا تثير قلقي».
فليتز، الذي كان نائباً أول لرئيس «مركز سياسات الأمن»، وهو مركز دراسات محافظ، صرح أيضاً بأن «مشكلة هذه المجتمعات المسلمة هي أنها تجعل أفرادها عرضة لهذه النظرة الراديكالية للعالم التي تريد تدمير المجتمع الحديث، وخلق خلافة عالمية، وفرض الشريعة على كل شخص على وجه الأرض».
كما هاجم فليتز الجاليات المسلمة في بريطانيا قائلاً «إنهم يتعمدون عدم الاندماج، ويتعلمون أن يكرهوا المجتمع البريطاني، مما يشكل بيئة حاضنة للتطرف»، مؤكداً أن «نظام قضائي موازٍ من محاكم الشريعة الإسلامية يعمل الآن في المملكة المتحدة».
رد سنايدر
وقال آري أدلر، المتحدث باسم حاكم الولاية ريك سنايدر، في بيان رداً على تصريحات فليتز عن المسلمين في ميشيغن: «لدينا نسيج غني ومتنوع ثقافياً في ميشيغن، بما في ذلك عدد كبير من السكان المسلمين».
وأضاف «السكان من جميع الخلفيات الدينية والعرقية يوفرون تنوعاً خاصاً يشكل جزءاً من إرث ميشيغن ومستقبلنا» لافتاً إلى أن الحاكم سنايدر «عمل بثبات ونجاح مع العرب الأميركيين والكلدان في ميشيغن لسنوات عديدة، وما زال ملتزماً بالعمل مع الشركاء في المجتمع لمواصلة جهوده لجعل ميشيغن مكاناً مرحّباً للأميركيين الجدد».
رد دينغل
ديبي دينغل، النائبة الديمقراطية عن ولاية ميشيغن في الكونغرس الأميركي –الدائرة ١٢ التي تشمل ديربورن– أعربت عن استيائها الشديد من تصريحات فليتز بشأن المسلمين في الولاية وقالت في بيان: «في ميشيغن وعموم الولايات المتحدة، المسلمون أطباء ومحامون ومعلمون وقادة مجتمعيون وبعضهم من أكثر الأميركيين الذين أعرفهم وطنيةً».
وأضافت النائبة التي تسعى لإعادة انتخابها هذا الخريف: «إنهم حرفياً جيراني في ديربورن، المدينة التي احتضنتنا لعقود»، مؤكدة أنه «يجب ألا يكون هناك مكان للعنصرية والتعصب في السياسة، خاصة في البيت الأبيض».
وشددت دينغل، التي تولت النيابة خلفاً لزوجها عميد الكونغرس السابق جون دينغل، على أهمية «عدم السماح للخوف والكراهية بتقسيمنا.. ولتصريحات غير مسؤولة كهذة بجعلنا أقل أمناً».
وختمت بيانها بالقول «إن حرية الدين هي دعامة أساسية لديمقراطيتنا ويجب أن نقف سوية كأميركيين لحماية القيم والمثل العليا التي تجعل هذه الأمة عظيمة».
رد ستابينو
بدورها، أصدرت عضو مجلس الشيوخ الأميركي عن ميشيغن، السناتور الديمقراطية ديبي ستابينو بياناً أعربت فيه عن امتعاضها من تصريحات فليتز السابقة.
وقالت في البيان الصادر يوم الأربعاء الماضي «إن السكرتير الجديد لمجلس الأمن القومي أدلى بتعليقات غير مقبولة عن مجتمعاتنا المسلمة في ميشيغن».
وأضافت السناتور الساعية لإعادة انتخابها هذا الخريف: «إن التنوع في ميشيغن يجب أن يكون دائماً محل احتفاء، ولطالما ساهم بجعل ولايتنا مكاناً رائعاً للعيش فيه».
حقوقيون
وقالت رولا عون، المديرة التنفيذية لـ«الرابطة العربية الأميركية للحقوق المدنية» في ديربورن، لصحيفة «ديترويت فري برس»: «هذه الخطوة مدمرة.. إن الحصول على شخص لا تستند معرفته إلى شيء سوى نظريات المؤامرة يضرّ بسياساتنا الخارجية والداخلية. من المخيف أن نعرف أن هذا الشخص هو مستشار مقرب للرئيس».
وسبق لفليتز أن عمل كبيراً لموظفي بولتون أثناء توليه منصب السفير الأميركي في الأمم المتحدة في عهد الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش.
ومن جانبها، قالت مايا برّي، المديرة التنفيذية لـ«المعهد العربي الأميركي» في العاصمة واشنطن، إنها «قلقة للغاية» من تعيين فليتز في هذا المنصب المؤثر.
وأردفت: «إنها الكراهية والتعصب.. ولها عواقب حقيقية. فهؤلاء أشخاص سيصنعون القرارات… ونحن ندفع رواتبهم» كدافعي ضرائب، مشيرة إلى أن «أشخاصاً مثل فليتز كانوا على الهامش لكنهم الآن في السلطة».
ولفتت بري إلى أن فليتز يجهل تماماً مساهمة المسلمين والعرب الأميركيين في ولاية ميشيغن التي تضم أعلى نسبة من السكان المتحدرين من الشرق الأوسط، وفقاً للتعداد الوطني في الولايات المتحدة.
ويتركز المسلمون الأميركيون في ولاية ميشيغن بمنطقة ديترويت الكبرى، لاسيما في مدينتي ديربورن وهامترامك اللتين تحولتا في السنوات الأخيرة إلى محط أنظار المعلقين اليمينيين المعادين للإسلام.
ومن جانبه، وصف جوناثان غرينبلات، الرئيس التنفيذي لـ«رابطة مكافحة التشهير» اليهودية، في بيان له، «مركز السياسة الأمنية» الذي عمل فيه فليتز، بأنه «منظمة معادية للإسلام ومروجة لنظريات المؤامرة»، قائلاً إن الدور الرئيسي الذي اضطلع به فليتز في هذه المؤسسة «يجب أن يستبعده تلقائياً من منصب يتعامل مع شؤون الأمن القومي والسياسة الخارجية».
وكانت منظمة «كير» قد دعت إدارة ترامب إلى إلغاء تعيين فليتز باعتباره قيادياً في منظمة تروج لكراهية الإسلام وله تاريخ من العلاقات الوثيقة بمجموعات وشخصيات معادية للمسلمين.
رد مجلس الأمن القومي
وفيما امتنع فليتز عن الرد على الانتقادات، مكتفياً بالقول عبر موقعه الإلكتروني إنه «لا يقوم بمقابلات إعلامية في هذا الوقت»، قال متحدث باسم مجلس الأمن القومي لصحيفة «ديترويت فري برس»: «إن موجة الانتقادات لفليتز ووصفه بالإسلاموفوبيا، ليست إلا محاولة جديدة من قبل البعض لرسم إدارة ترامب بفرشاة معاداة الإسلام».
وقال المتحدث «إن فليتز يدعم سياسات الرئيس للأمن القومي والسياسة الخارجية. وستكون مهمته الإشراف على عملية داخلية شفافة لتقديم المعلومات وتنسيق عرض الخيارات المتاحة للرئيس وأعضاء مجلس الأمن القومي»، لافتاً إلى أن الكلام عن أن فليتز أصبح في وضع يسمح له بالترويج لأجندة شخصية، «كلام غير مدروس وسخيف». وأضاف أن القول بأن بولتون يعمل على عقد عصابة معادية للمسلمين هو «أمر غير حقيقي ومثير للاشمئزاز».
ونقلت الصحيفة عن المتحدث قوله إن «فليتز لا يؤمن بأن المسلمين يحاولون السيطرة على الولايات المتحدة أو اختراق الحكومة الأميركية»، مؤكداً أنه يرفض أي نوع من التمييز ضد أي دين، ولكنه «يتمسك بمواقفه المناهضة للإسلام الراديكالي كحركة عالمية تشن حرباً على الحضارة المعاصرة، مع علمه بأن الإسلام الراديكالي يشكل تهديداً أكبر على الأغلبية الساحقة من المسلمين المسالمين في العالم».
Leave a Reply