«تسونامي فضي» يجتاح الولايات المتحدة خلال العقدين القادمين
ديترويت – «صدى الوطن»
ليس سراً أن الأميركيين اليوم يعيشون حياة أطول. ولكن وراء هذا الاتجاه التصاعدي في متوسط أعمار السكان تكمن تغيرات ثقافية واجتماعية واسعة بانتظار الولايات المتحدة خلال العقدين القادمين، حيث من المتوقع أن يتجاوز المسنون (فوق ٦٥ عاماً) عدد الأميركيين دون ١٧ عاماً، بحلول العام ٢٠٣٥، وذلك لأول مرة في تاريخ البلاد.
غير أن المفاجأة، بحسب دراسة قام بها خبير الديموغرافيا والإحصاءات كيرت متزيغر، هي أن ميشيغن ستبلغ «نقطة التحول» هذه قبل معظم الولايات الأميركية الأخرى، كاشفاً أن فئة المسنين في الولاية ستتخطى صغار السن بحلول العام ٢٠٢٥، وذلك لعدة عوامل خاصة بالولاية.
وقال متزيغر، وهو مدير سابق لمركز الدراسات الحضرية بجامعة «وين ستايت» ومؤسس مركز Data Driven Detroit للأبحاث، إنه توصل إلى هذا الاستنتاج المذهل استناداً إلى بيانات مكتب الإحصاء الأميركي، ووزارة النقل بولاية ميشيغن، و«معهد أبحاث العمالة والتوظيف والاقتصاد» بـ«جامعة ميشيغن–آناربر».
عوامل خاصة بميشيغن
متزيغر الذي يشغل رئاسة بلدية بلزنت ريدج، أوضح لصحيفة «ديترويت فري برس»، بأن هناك العديد من العوامل التي ستعجّل في تقدّم ولاية ميشيغن بالسن، مقارنةً ببقية الولايات الأميركية.
فإلى جانب العوامل المشتركة –مثل انخفاض معدل المواليد وتطور الطب وبلوغ جيل الـ«بيبي بومرز» سن التقاعد– شهدت ولاية ميشيغن خلال العقدين الأخيرين نزوحاً كبيراً للشباب في العشرينات من العمر، لاسيما بين العامين ٢٠٠٨ و٢٠١٢ بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة التي عانت منها الولاية وانعدام فرص العمل التي دفعت آلاف اليافعين إلى مغادرة ميشيغن بحثاً عن وظائف جديدة في ولايات أخرى.
ويُسمّى الأميركيون الذين ولدوا بين العامين ١٩٤٦ و١٩٦٤ بـ«جيل بيبي بومرز»، بفعل الزيادة الكبيرة في معدل المواليد الجدد خلال السنوات التي أعقبت الحرب العالمية الثانية.
وبحسب متزيغر، سيؤدي بلوغ هؤلاء سن التقاعد خلال السنوات القادمة، إلى زيادة كبيرة في أعداد المسنين في أنحاء الولايات المتحدة. ويطلق الخبراء اسم «التسونامي الفضي» على هذه الموجة المرتقبة التي ستجعل عدد المسنين يتجاوز اليافعين للمرة الأولى في تاريخ أميركا.
غير أن مفعول «التسونامي الفضي» سيكون أكثر تأثيراً في ميشيغن من معظم الولايات الأخرى، إذ أن الأشخاص الذين يبلغون سن التقاعد في ولاية البحيرات العظمى عادة لا يجنون ما يكفي من الدخل ليتمكنوا من الانتقال والعيش في ولايات صديقة للمسنين مثل فلوريدا أو أريزونا، مما يعني أنهم سيقضون آخر سنين حياتهم في ميشيغن، بحسب متزيغر.
كذلك تفتقد ميشيغن مقارنة بولايات الجنوب والساحلين الشرقي والغربي، إلى الأعداد الكافية من المهاجرين –لاسيما اللاتينيين والآسيويين الذين أغرقوا العديد من الولايات الأخرى على مدى العقود الماضية.
ومن المعروف أن أسر المهاجرين والأقليات أكثر إنجاباً مقارنة بالأميركيين البيض.
مقاطعة وين الأكثر شباباً
خلافاً للاتجاه العام في ولاية ميشيغن، تتميز مقاطعة وين بارتفاع نسبة الشباب من سكانها، وذلك لعدة عوامل أبرزها كثافة الجاليات العربة والأفارقة الأميركيين الذين يتميزون بارتفاع معدل الإنجاب والأسر الكبيرة، ولكن ذلك لن يجعلها بمنأى عن «التسونامي الفضي»، وفقاً لميتزغر.
انعكاسات
لا شك أن ارتفاع نسبة المسنين ستكون له انعكاسات اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية متفاوتة في ميشيغن.
فمن ناحية، سيزداد الإقبال على التصويت، ولكن في المقابل لن يكون من السهل –مثلاً– تمرير مقترحات انتخابية بتمويل المدارس العامة عبر زيادة ضرائب الملكية.
كما سيشكل المسنون قوة انتخابية وازنة لجعل المدن أكثر ترحيباً بكبار السن، مثل تعزيز النقل العام وتطوير أرصفة المشاة وتحسين الخدمات الصحية.
كذلك، سيؤدي «التسونامي الفضي» إلى ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية بشكل ملحوظ، لاسيما أعباء برنامج «مديكير» الخاص بكبار السن، والتي سيتحملها المجتمع ككل.
ولكن من جهة أخرى، يتميز جيل المسنين الجدد، بأنهم يتمتعون بأفضل مستوى من الصحة العقلية والبدنية مقارنة بالأجيال السابقة، وفقاً لمديرة برنامج التمريض في «جامعة لورنس التكنولوجية» تيريز جاميسون.
ثقافياً، يميل المسنون إلى التطوع والانضمام إلى نواد اجتماعية وزيارة المكتبات العامة والمعارض الفنية، وكذلك مساعدة أسرهم مادياً ومعنوياً، إلى جانب كونهم أقل ميلاً إلى ارتكاب الجرائم، مما سينعكس إيجاباً على أمن وسلامة المجتمعات.
Leave a Reply