انفراج في مسار تشكيل حكومة جديدة خلفاً للعبادي
بغداد – في مفاجأة سياسية شكلت انفراجاً غير متوقع في مسار تشكيل حكومة جديدة في العراق، أعلن «ائتلاف الفتح» بزعامة الأمين العام لمنظمة «بدر» هادي العامري، و«حركة سائرون» بزعامة السيد مقتدى الصدر، تشكيل تحالف بينهما وفق برنامج حكومي موحد، مما يمهد الطريق لتشكيل الكتلة الأكبر وتسمية رئيس جديد للوزراء خلفاً لحيدر العبادي.
وأثمر التفاهم الأولي سريعاً في تحفيف حدة التوتر الذي أعقب انتخابات، وسط مطالبات بعض الكتل والمرمشحين بإعادتها بسبب المخالفات التي شابتها.
وحققت كتلة الصدر المدعومة من الرياض، نصراً كبيراً في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، استناداً إلى برنامج شامل تعهدت فيه بمكافحة الفساد وتوفير فرص العمل وتحسين الخدمات وإشاعة الاستقرار.
انفراج
وجاء تحالف الصدر مع العامري –أحد أبرز حلفاء إيران في العراق– في إطار نهج براغماتي لاحتواء أي توتر داخلي بعد حرب مكلفة مع تنظيم «داعش» الإرهابي.
وتم إعلان التحالف الجديد في مدينة النجف الأشرف لإبداء الوحدة بين القادة الشيعة.
وانضم العامري إلى تحالف الصدر مع زعيم «تيار الحكمة» عمار الحكيم، رغم الحديث في الأروقة السياسية عن تحالف مرتقب يضمّ العامري ونائب رئيس الجمهورية نوري المالكي، إلى جانب عدد من القوى الكردية و«السنية»، بدعم إيراني.
وأكد الصدر أن التحالف بين «سائرون» و«الفتح» هو تحالف حقيقي ضمن الأطر الوطنية.
ومن جانبه، شدد العامري على أنه تمّ بحث التحالفات وأهميتها في هذه المرحلة. وأشار إلى تشكيل لجان للبحث مع جميع الأطراف للإسراع في كتابة البرنامج الحكومي.
العامري الذي أمضى نحو عقدين معارضاً للرئيس العراقي الراحل صدام حسين أثناء اقامته في إيران والذي يتحدث الفارسية بطلاقة، من أقوى الشخصيات في العراق.
وتسيطر منظمة «بدر» التي يتزعمها على وزارة الداخلية، وقد لعب دوراً حاسماً في المعركة ضد «داعش» ضمن تشكيلات «الحشد الشعبي».
والعامري مقرب من الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس المسؤول عن العمليات الخارجية بالحرس الثوري الإيراني والذي يتمتع بنفوذ كبير في العراق.
في السياق، التقى وفد من تحالف «الفتح» برئاسة الأمين العام لحركة «عصائب أهل الحق» الشيخ قيس الخزعلي بتيار «الحكمة» برئاسة السيد عمار الحكيم.
بدوره، أعلن المتحدث باسم الصدر، جعفر الموسوي، أن «أبواب التحالف الجديد بين كتلتي سائرون والفتح مفتوحة لائتلاف النصر والكرد أيضاً للانضمام إليه».
من جانبهما، اعتبر الحزبان الكرديان الرئيسيان، «الديمقراطي الكردستاني» و«الاتحاد الوطني الكردستاني»، إعلان تشكيل تحالف بين «سائرون» و«الفتح» خطوة إيجابية وبداية لخارطة طريق سياسية.
وقال الحزبان في بيان مشترك لهما إن التحالف شكل من أجل تجاوز الأزمة السياسية. وأضاف البيان أنه سيتم تشكيل وفد مشترك لبدء المباحثات، على أمل العمل وفق المشتركات، وتشكيل حكومة توافقية وطنية.
ووفق النتائج المعلنة، الشهر الماضي، حل تحالف «سائرون» في المرتبة الأولى بـ54 مقعداً من أصل 329، يليه تحالف «الفتح» بزعامة هادي العامري بـ47 مقعداً وهو تحالف مكون من أذرع سياسية لفصائل الحشد الشعبي».
وبعدهما حل ائتلاف «النصر» بزعامة العبادي بـ42 مقعداً، بينما حصل ائتلاف «دولة القانون» بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي (2006–2014)، على 26 مقعداً.
لا إعادة للانتخابات
على صعيد آخر رفض رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الثلاثاء الماضي، إعادة إجراء الانتخابات البرلمانية، مشدداً على ضرورة المضي قدما في تشكيل الحكومة المقبلة.
وعقب اجتماع لمجلس الوزراء برئاسته، قال العبادي في مؤتمر صحفي «لا عودة إلى الوراء والانتخابات جرت ويجب تشكيل حكومة جديدة».
وأضاف أن «إلغاء الانتخابات (التي أجريت في 12 مايو/أيار الماضي) بحاجة إلى أمر قضائي». وتابع أنه «ليس من صلاحية الحكومة والبرلمان إلغاء نتائج الانتخابات».
وكان العبادي يرد على دعوة رئيس البرلمان سليم الجبوري، إلى إعادة إجراء الانتخابات، في أعقاب حريق نشب في أحد مخازن لتجميع صناديق الاقتراع شرقي بغداد يوم الأحد الماضي.
وجاء هذا الحريق قبيل البدء بعملية الفرز والعدّ اليدوي لأصوات الناخبين في ظل حديث كتل سياسية عن حدوث عمليات تزوير وتلاعب في أجهزة الاقتراع الإلكترونية.
وقال العبادي في المؤتمر الصحفي، إن «التحقيقات الأولية بشأن حادث الحريق تفيد بأنه كان متعمداً».
وصوّت مجلس الوزراء العراقي في اجتماع رسمي الثلاثاء الماضي على تشكيل لجنة تتولى مهمة استقبال الشكاوى من المواطنين ضد الجهات التي تسببت بالإخلال بالانتخابات البرلمانية، بحسب التلفزيون الرسمي.
وعلى خط موازٍ، تسلّمت وزارة الداخلية من «الأدلة الجنائية» و«الدفاع المدني» كشفاً تفصيلياً عن حادثة حرق مخازن «المفوضية العليا المستقلة للانتخابات»، والتي أسفرت عن تلف عدد من صناديق الاقتراع، بجانب الرصافة في العاصمة بغداد. وسلّمت الوزارة، بدورها، التقرير إلى مكتب رئيس الوزراء الذي تحدثت مصادره عن وجود إشارات واضحة إلى تورط جهات من داخل «المفوضية» في عملية الحرق، إلى جانب تورط عناصر حماية المخازن في الواقعة. وهو اتهامٌ ترافق مع رفض المحكمة الاتحادية العليا طلباً تقدمت به «المفوضية» للطعن في تعديلات أجراها البرلمان على قانون الانتخابات، ألغى بموجبها العد والفرز الإلكترونيين واعتمد اليدويين.
ووفق الدستور العراقي، ينتخب البرلمان الجديد رئيساً للجمهورية بأغلبية ثلثي النواب، خلال 30 يوماً من انعقاد الجلسة البرلمانية الأولى.
ويكلف الرئيس الجديد مرشح الكتلة الأكبر في البرلمان بتشكيل الحكومة ويكون أمامه 30 يوماً لتشكيل الحكومة وعرضها على البرلمان للموافقة عليها.
وإذا فشل رئيس الوزراء المكلف في تشكيل الحكومة خلال 30 يوماً، أو إذا رفض البرلمان الحكومة المقترحة، يتعين على الرئيس تكليف مرشح آخر بتشكيل الحكومة، خلال 15 يوماً.
Leave a Reply