هل تعافت ميشيغن اقتصادياً في عهد الحاكم الجمهوري .. وعلى حساب من؟
لانسنغ – «صدى الوطن»
قبل ستة أشهر من نهاية عهد الحاكم الحالي لولاية ميشيغن، وقّع ريك سنايدر موازنته السنوية الثامنة والأخيرة بالتركيز على إصلاح الطرق وتعزيز الإنفاق على التعليم والرعاية الصحية وعدد من الأولويات الأخرى.
ودأب سنايدر منذ توليه الحكم مطلع العام ٢٠١١، على تمرير موازنات منضبطة قبل أسابيع من موعدها، وذلك في إطار نهج اتبعه لتعزيز الاستقرار المالي للولاية، من ضمنه إنشاء صندوق احتياط نقدي للولاية برأسمال أولي بقيمة ٢ مليون دولار، وقد تجاوز حجمه حالياً مليارَ دولار، عقب رصد إسهامات إضافية ضمن الموازنة الجديدة التي صادق عليها مجلسا النواب والشيوخ في لانسنغ.
وبلغ الحجم الإجمالي لموازنة سنايدر الأخيرة ٥٦.٨ مليار دولار للسنة المالية التي تبدأ مطلع تشرين الأول (أكتوبر) القادم وتنتهي في ٣٠ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٩.
معارضة
ورغم نجاح سنايدر في انتشال ميشيغن من ركود اقتصادي عميق تجاوزت فيه معدلات البطالة نسبة ١٦ بالمئة إبان عهد الحاكمة السابقة جنيفر غرانهولم، يقول الديمقراطيون إن نجاحات الحاكم الحالي جاءت على حساب دافعي الضرائب، في حين حصلت الشركات الكبرى على إعفاءات ضريبية ضخمة خلال سنوات حكمه.
ويستند هؤلاء إلى ما كشفه التقرير المالي الشامل لموازنات 2011–2017، حيث تبين أن إيرادات الولاية من ضرائب الشركات تقلصت خلال هذه الفترة بنسبة 57.1 بالمئة، أو ما يعادل 1.2 مليار دولار. ولم تعد ضرائب الشركات ترفد خزانة الولاية بأكثر من 6.4 بالمئة من إيراداتها في العام 2017، مقارنة بـ12.2 بالمئة في ٢٠١١.
ويعود ذلك بالدرجة الأولى –وفق التقرير– إلى إلغاء ضريبة ميشيغن التجارية، والإلغاء التدريجي لضرائب معدات التصنيع.
في المقابل، ارتفعت إيرادات الولاية من ضريبة دخل الفرد بنحو ٢.٥ مليار دولار، أو ما يعادل ٣٢ بالمئة، مقارنة بالعام ٢٠١١ حينما كانت ضريبة الدخل ترفد خزانة الولاية بحوالي ٤٧ بالمئة من إيراداتها، مقارنة بـ٥٣ بالمئة في ٢٠١٧.
ويأتي هذا الارتفاع نتيجة فرض ضريبة على المعاشات التقاعدية ابتداء من العام ٢٠١٢، وكذلك نتيجةً للتعافي الملحوظ للوظائف والاقتصاد عموماً. مع الإشارة إلى أن سنايدر كان قد وقّع في شباط (فبراير) ٢٠١٨، على إعفاءات ضريبية جديدة على دخل الأسر والأفراد، مما يعني أن النسبة قد تعاود الانخفاض مجدداً في موازنة السنة المالية القادمة.
وخلال مراسم توقيع موازنة السنة المالية ٢٠١٨–٢٠١٩، قال سنايدر إن نسبة ضرائب الشركات من إيرادات الولاية «مقبولة ومنطقية»، لافتاً إلى أن نسبتها سترتفع بشكل واضح مع انتهاء مفعول الإعفاءات المعمول بها بحلول ٢٠٢٨ و٢٠٢٩.
وأضاف «ميشيغن تبلي بلاء حسناً في خلق الوظائف ومستويات الدخل ارتفعت بشكل دراماتيكي».
ورغم أن العديد من الخبراء الاقتصاديين يشيدون بسياسات سنايدر ودورها في تحسين المناخ الاستثماري في ميشيغن، إلا أن معارضي الحاكم الجمهوري يقولون إن تحويل العبء الضريبي عن كاهل الشركات يعني أن الشركات لا تدفع «حصتها العادلة»، وبالتالي لن تتوفر لدى الولاية الإيرادات الكافية للإنفاق على الخدمات الحيوية، مثل التعليم والصحة.
ومن جانبه، قال زعيم الأقلية في مجلس شيوخ الولاية، السناتور الديمقراطي جيم أنانيش: «لا شك أن العبء قد تحول بشكل كبير من دخل الشركات إلى دخل الأفراد، بينما في الوقت نفسه هناك مؤشرات على أن مدارسنا تتدهور وطرقنا تنهار».
وأضاف «السنوات السبع أو الثماني الأخيرة عظيمة بالنسبة لأقلية من سكان ميشيغن، لكن العديد من الوظائف الجديدة التي تم إنشاؤها كانت منخفضة الأجور، كما أن الأجور لكثير من أولئك الذين يعملون بالفعل ظلت راكدة».
وأردف قائلاً «بشكل عام، الناس ليسوا في الواقع أفضل حالاً، للأسف».
في المقابل، يعتبر أنصار سياسات سنايدر أن القول بأن الشركات لا تدفع «حصتها العادلة» مجرد افتراء وتضليل سياسي يتجاهل حقيقة أن الشركات تدفع أيضاً ضرائب الملكية العقارية وضرائب المبيعات، إلى جانب ضريبة دخل الشركات.
ويشار إلى أنه عند تولي سنايدر الحكم، كانت ميشيغن تعد من أكثر الولايات الأميركية فرضاً للضرائب على الشركات، وقد أصبحت حالياً من بين أفضل عشر ولايات من حيث الإغراءات الضريبية للشركات، مما انعكس إيجابياً في نمو الوظائف، وانخفاض معدل البطالة إلى أدنى مستوياته عند ٤.٥ بالمئة.
الإنفاق
تميزت سنوات سنايدر أيضاً، بارتفاع ملحوظ في الإنفاق الحكومي على الرعاية الصحية حيث بلغت نسبته 31 بالمئة بين عامي 2011 و2017، وذلك نتيجة ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية وتوسعة برنامج «مديكيد» عام 2013 بموجب قانون «أوباماكير»، إضافة إلى توسيع خدمات البرنامج المخصص لمحدودي الدخل لتشمل الرعاية الطبية لأسنان الأطفال المؤهلين.
كذلك، زاد إجمالي الإنفاق على التعليم –المدارس العامة (من الحضانة إلى الثانوية) والكليات والجامعات الحكومية– بنسبة طفيفة بلغت ٥.٥ بالمئة، من 15.3 مليار دولار في عام 2011 إلى 16.1 مليار دولار في عام 2017، حسبما تشير السجلات.
وذكر المتحدث باسم مكتب الميزانية في الولاية، كيرت وايس، إن الاقتطاعات الكبرى من تمويل التعليم التي أقرها سنايدر عام ٢٠١٢، تمت إعادتها بالكامل في الميزانية الجديدة.
وفي مقابل زيادة الإنفاق على التعليم والرعاية الصحية، قلصت حكومة سنايدر الإنفاق على الخدمات الاجتماعية (الولفير) بنسبة 25 بالمئة، في ظل انتهاج الجمهوريين لسياسات أكثر صرامة في ما يتعلق بتوزيع المساعدات الحكومية.
وتشمل موازنة ٢٠١٨–٢٠١٩ تخصيص مليار دولار لإصلاح الطرق والجسور المتهالكة في الولاية، إلى جانب زيادة الإنفاق على المدارس بمقدار ٣١٢ مليون دولار، ليصل إجمالي الإنفاق على التعليم المدرسي إلى ٩.٥٣ مليار دولار.
وتضمن ميزانية سنايدر أيضاً، توفير الرعاية الصحية لـ٦٧٠ ألف شخص، وتعزز صفوف شرطة الولاية، وإلغاء خصخصة خدمة طعام السجون وإعادتها إلى القطاع العام بتكلفة ١٣.٢ مليون دولار، إلى جانب إغلاق سجن في ظل استمرار التراجع في عديد نزلاء سجون الولاية. وستوفر الخطوة أكثر من ١٩ مليون دولار لصالح خزانة ميشيغن.
ويشار إلى أن ولاية سنايدر الثانية والأخيرة –بحسب دستور ميشيغن– تنتهي مطلع العام ٢٠١٩، حيث ستجرى الانتخابات لاختيار خليفة له في تشرين الثاني (نوفمبر) القادم. ويسعى نائب الحاكم الحالي براين كالي إلى الفوز بتسمية الحزب الجمهوري رافعاً شعار مواصلة نهج سنايدر في الحكم.
سنايدر يطلق «خطة مارشال» لتنمية اليد العاملة وتلبية متغيّرات سوق العمل
ماسكيغون – يوم الأربعاء الماضي، وقع الحاكم ريك سنايدر على قانون رصد بموجبه مبلغ ١٠٠ مليون دولار لتنمية مواهب اليد العاملة في ميشيغن لمدّ الشركات المحلية بالمهارات المطلوبة، وكذلك تطوير النظام التعليمي لإعداد الطلاب والمعلمين بما يتناسب مع تحولات سوق العمل والاقتصاد المتغيّر.
وأطلق سنايدر على البرنامج اسم «خطة مارشال للمواهب» في إشارة إلى «خطة مارشال» الأميركية لإعادة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
وتهدف الخطة، التي تم تقديمها لأول مرة في شباط (فبراير) الماضي، إلى سد فجوة المواهب في الولاية وإعداد الطلاب بشكل أفضل للعمل في وظائف ذات رواتب عالية وفي إطار الطلب، من خلال استثمار الملايين في التدريب المهني المبتكر وتنمية القوى العاملة وبرامج التعليم. وهذا يشمل 30 مليون دولار لإنشاء وتوسيع البرامج الخاصة بمجالات العمل ذات الطلب العالي.
ووفقاً لسنايدر، سيكون لدى ميشيغن أكثر من ٨١١ ألف فرصة عمل لملئها بحلول 2024 في مجالات تواجه نقصاً حرجاً في اليد العاملة الماهرة.
وتركز معظم الخطة على إعادة هيكلة نظام التعليم العام في الولاية لتزويد الطلاب والمعلمين على نحو أفضل بالأدوات التي يحتاجون إليها للتكيف مع سوق العمل المتغير باستمرار. وهذا يشمل إنشاء المزيد من برامج التعلم المهني، وإعداد المناهج الدراسية الجديدة، إلى جانب دعم المرشدين والمدرّسين المهنيين.
وقال سنايدر، في مدينة ماسكغيون حيث وقع قانون تمويل الخطة، إن أحد الأسباب الرئيسية التي دفعته إلى إطلاق البرنامج، كان ما توصل إليه تقرير «لجنة تعليم ميشيغان للقرن الحادي والعشرين»، الذي صدر في مايو 2017، وحدد المجالات التي فشل فيها نظام التعليم بالولاية في تزويد الطلاب بالمهارات المطلوبة، لإعدادهم للدراسة الجامعية والمهنية معاً.
وأضاف أن الخطة تتلخص في خلق «مفهوم التعلم مدى الحياة» حيث يمكن للناس الوصول إلى مزيد من فرص التعليم المهني، إما لإعادة تدريبهم في خط عملهم الحالي أو تدريبهم في مجالات جديدة في إطار مواكبة التغيرات في سوق العمل.
Leave a Reply