في جلسة خالية من الهموم والخصوم، صدفة، جمعتني مع مجموعة من الصبايا. صبايا الإنترنت، الحاملات لأغلى وأحدث أنواع التلفونات الحديثة، يتبادلن عبرها الصور والأخبار والنكات الهزيلة ومقاطع الفيديو السخيفة في معظمها.
إحدى الصبايا أعجبتها أغنية وأمتعتها، لم تعرف معانيها، ثم سألت الحاضرات: شو يعني طاقة؟
كانت الأغنية التي سمعتها وأمتعتها هي أغنية المرحومة صباح، «يا أمي طل من الطاقة»، وجواباً على سؤالها: يا قمورتنا العزيزة، هي فتحة صغيرة في حيطان البيوت القديمة، للقرى والبلدات الجبليّة النائية عن المدن، كانت تستعمل لتهوية الغرف خلال مواسم الشتاء القارس، حيث تكون الأبواب والشبابيك مقفلة و«مطربقة» إتقاء للريح والزمهرير والصقيع.
وهذه الطاقة ما غيرها، كانت الوسيلة السريّة للعشاق أيام زمان كي يروا بعضهم بعضاً، ويتبادلوا النهدات في ظل تشدّد الأهل وعدم السماح لأبنائهم وبناتهم للإلتقاء في مواعيد غراميّة، كما هي الآن في عصر العولمة والإتصالات السهلة المتاحة بدون رقابة الأهل والإخوان.
لذلك غنّت صباح الطاقة بفرح كبير، وجعلت الحبيب نفسه يطل منها وهي تقول:
«يا أمي طل من الطاقة، وعليّي دل من الطاقة، شلَحلي فُلّ من الطاقة، وغمزني وفَل يا أمي».
وغنّت فيروز أيضاً الطاقة بمعناها العاطفي البريء في أغنيتها «الأوضة المنسيّة» حيث تقول: «والعليّة مشتاقة ع حب وهَمّ جديد، فيها طاقة والطاقة مفتوحة للتنهيد».
وأيضاً الصوت الهادر نصري شمس الدين غنّى وعاتب الحبيب:
«كل العشاق بيناموا، وأنا سهران عالطاقة»…
وهناك أغنية أخرى سباقة عن الطاقة يقول مطلعها:
إن كنِّك (إذا أنتِ) مشتاقة، طلّي من الطاقة، ومن وردات خدودك زتّيلي (إرمي لي) باقة»!
وهكذا كان من زمان، لم يكن لأولئك العشاق سوى هذه الطاقة للإطلالة منها على الحبيب. وقد ذكرها بعض الأدباء، وخلدها بعض الشعراء. هذا كان من زمان، ورزق الله على أيام زمان. ثم سألت الصبية الحلوة: شو رأيك، أيام الطاقة مش أحسن من هلأيام؟
Leave a Reply