كثيرة هي الأشياء الجميلة حولنا في الحياة، مقابل ضعف أبصارنا. سعداء الأرض يرون الجمال حيث هو، وهو في أمكنة كثيرة وفي أشياء كثيرة، لا ننتبه لها في زحمة الأيام.
أعتقد أن أجمل ما في الحياة النجاح. فالخمول بشع والإخفاق ثقيل. وحتى من يسعى حقاً ولا يوفّق فكأنّه نجح.
أجد متعة حين أقرأ حكايات النجاح في كلّ مكان، وأدعو لأصحابها بالمزيد، فلو لم يستحقوا النجاح لما وصلوا إليه. وهنا في ديربورن، رغم كل المنازعات التي تعطّل الحيوية الاجتماعية والسياسية بين زعماء ونشطاء الجالية، تبرز قصص النجاح العديدة والمشرِّفة التي تستحق التنويه.
الشيء المشرف الآخر والمهم في ديربورن، هو هذه الأخبار المفرحة عن تفوق الكثير من الطلاب العرب الأميركيين في المدارس الثانوية وفي الكليات والجامعات. هؤلاء الطالبات والطلاب بارقة أمل في صورة العربي التي تنهشها الهموم والخلافات التي تقلّل من قيمة الإنسان وعزمه على النجاح.
هؤلاء الطلاب وأهلهم يستحقون الاحترام. نجاح الابن أو الابنة هنا ليس بالأمر الهيّن. فالمغريات والانفلات وقلة الانضباط وسهولة الحصول على المال –سواء من الأعمال البسيطة أو من الأهل– وإغواء رفاق السوء والإعلام الفاسد الذي يستغل شعار الحرية لحضّ الشباب على الانفصال عن أهلهم.
ليس النجاح دوماً في العلوم ونيل الشهادات، فالبعض من شبابنا اختار الأعمال والحرف وبرعوا فيها. البعض طوّروا أعمال أهلهم وبعضهم حمل مسؤوليّة العائلة مبكراً. كل هؤلاء يختارون طريق النجاح بالمثابرة والصبر، بعيداً عن شرانق ماضٍ لم يعد يعني شيئاً.
هذا الجيل العربي الأميركي الجديد يريد أن يورّث النجاح، لا تثنيه فزّاعة النقد والتأنيب وجلد الذات العربية. هؤلاء صورة العربي الحقيقي الفخور بأصله وأخلاقه. هؤلاء الذين لم يزغلل بصرهم التعصب السلبي، ربما هم أملنا في المستقبل، وربما هم من باستطاعتهم تغيير الصور السلبية عنّا كعرب وكمسلمين.
ليست السعادة في جمع المال ودفاتر الشيكات وبطاقات الائتمان المفتوحة.
سئمنا من الشكوى والنق وضرب الرؤوس في الحائط، بأننا أمة الإخفاق والفشل… الأمة التي اخترعت الصفر وبقيت عنده، وهل تظنون بأن اختراع الصفر أمر هيّن؟
الفشل، هو ما سعوا إلى حشوه في رؤوسنا… لم يكن جيلنا –نحن الآباء– جيل الفشل، بل هو جيل حقق الاستقلال ونال حريات عديدة. ولكن لا حرية حقيقية مع الفقر والجهل.
Leave a Reply