ذات سواد، اجتمع الباطل والحق
ظلّ الباطل يغري الحق فرقّ وغفا
قتل الباطل في الليل الحقّ،
وأحرقه حتى صار رماداً
جاء القلم الأبيض،
حوّل كل رماد الحقّ مداداً
فإذا ما فتّش أهل الحق، فلن يجدوه
طوال الدهر إلّا في الحبر
(جوزيف حرب)
انتهيت للتو من قراءة كتاب «الحب والنسيان» للكاتب الأفريقي الجنوبي أندريه برينك.
الرئيس الراحل نيلسون مانديلا، وقبل أن يسلّم الحكم إلى خلفه ثابو مبكي، دعا الكاتب أندريه بريك للقائه في مكتبه: «كان يجلس (مانديلا) على كنبته وأنا على مقعد ملاصق له، ثم مال إلى الأمام، وضع يده اليسرى على معصمي قائلاً: «عندما كنت في السجن، أنتم (الكتّاب) غيرتم الطريقة التي كنت أنظر فيها إلى العالم».
كان يفكّر بكل الكتّاب الذين ألّفوا الكتب التي قرأها في سجنه طيلة ٢٧ عاماً. لقد كان يحتفي بالأدب، بالكلمة بالقراءة، بكل واحدة من الذكريات التي وردت في «الحب والنسيان» وكيف يمكن أن تكون الكلمة سلاحاً لتغيير الطريقة التي ننظر فيها إلى العالم.
يتساءل الكاتب حول العنصرية وكيف لم يتمكّن البيض من رؤية ما يجري أمام أنظارهم.
يقول: قضيت طفولتي بين السود، من المستحيل ألّا أكون قد رأيت. لقد كان عليَّ أن أعرف. ويروي قصّة ابن أحد أصدقائه البيض من مدينة كيب تاون، وقد ارتبط بصداقة مع طفلٍ أسود في دار الحضانة. خلال أشهر، ذات ظهيرة، كان الطفل الأبيض هنا عندما جاء والد صديقه الأسود، يبحث عن ابنه ساعة مغادرة المدرسة، وقف الطفل مندهشاً وهو ينظر إلى الرجل. في صباح اليوم التالي، انتظر الطفل الأبيض صديقه، وما إن رآه، ركض إليه متحمساً وقال له لاهثاً: «لم تقل لي إن والدك أسود»!
الكتاب أكثر من رائع عن أن الكراهية والمرارة تجعل الإنسان مرتهناً للآخرين ومُنحدَراً إلى الرق. هل هذا ما نراه في فلسطين المحتلة؟ نفوس من بني إسرائيل، تنزلق بهم الكراهية لمن حولهم، والمرارة لما جرى لهم، يوم كانت أوروبا تكتب على الأبواب «يمنع دخول اليهود والكلاب» وتهوي بهم إلى العبودية، عبودية الباطل حيث يقتل الحق، وفي غياب ثقافة الحب والنسيان، ثقافة الكلمة والقراءة التي تجعل الإنسان إنساناً، مثل نيلسون مانديلا مثلاً!
Leave a Reply