بالرغم من خسارته للسباق التمهيدي لحاكمية ولاية ميشيغن
رغم عدم تمكن العربي الأميركي عبدول السيد من الفوز ببطاقة الحزب الديمقراطي في سباق حاكمية ميشيغن، إلا أن زخم حملته الانتخابية بدا جلياً خلال اليوم الانتخابي الطويل، الثلاثاء الماضي، كما يبدو مستمراً ومتصاعداً في أوساط العرب الأميركيين والتقدميين على حد سواء.
وبخسارته أمام منافسته الديمقراطية غريتشن ويتمر بفارق 22 بالمئة من الأصوات الناخبة، فَقَد المرشح المصري الأصل فرصة أن يكون أول حاكم ولاية مسلم في الولايات المتحدة. ومع ذلك، فقد نجح في إلهاب مشاعر الناخبين الشباب والجاليات العربية، بشكل يعكس إشارات قوية على ملامح مستقبل «تقدمي» في ولاية ميشيغن.
حماسة الناخبين العرب والمتطوعين في الحملات الانتخابية للعديد من المرشحين العرب الأميركيين لم تكن خافية عن الأنظار لاسيما في أقلام الاقترع ذات الكثافة العربية في ديربورن وديربورن هايتس وهامترامك، إلا أن الحيوية الخاصة التي تميزت بها حملة السيد كانت طاغية بشكل واضح على الناخبين العرب، لاسيما الشباب منهم.
علي درويش، أحد الناخبين الذين التقتهم «صدى الوطن» في جولاتها الميدانية على أقلام الاقتراع الثلاثاء الماضي، أكد أن «حملة السيد بشكل خاص والمناخ السياسي المتوتر في البلاد دفع الشباب إلى إحضار آبائهم إلى مراكز الاقتراع».
إقبال كثيف
درويش، وهو أميركي من أصل لبناني ومتقاعدٌ من شركة «فورد»، قال إن «اليافعين باتوا يثقفون آباءهم قائلين: لدينا مستقبل هنا»، مضيفاً «إنه لفارق كبير أن يكون لدينا مرشح مسلم.. مؤهل ومتمرس جيداً»، لافتاً إلى أنه لاحظ إقبالاً كثيفاً على الانتخابات التمهيدية، «بشكل غير اعتيادي في فترة الظهيرة بديربورن».
من جانبه، لفت الناشط اليمني المخضرم علي بلعيد إلى أن العديد من المرشحين العرب الأميركيين قد حفزوا أبناء الجالية اليمنية للتوافد إلى صناديق الاقتراع، مشيراً إلى أنه بحلول الساعة الثالثة عصراً، أدلى حوالي 400 ناخب بأصواتهم في «مدرسة سالاينا» بمنطقة ديكس، ذات الكثافة اليمنية في جنوب ديربورن. وأكد رئيس «الجمعية الخيرية اليمنية الأميركية» (يابا) على أن «العديد من المهاجرين قد أحضروا أولادهم لكي يساعدوهم في عملية التصويت».
في السياق ذاته، عزا الناخب عبد الجليل أحمد، الإقبال العربي على صناديق الاقتراع إلى المناخ السياسي المتوتر الذي رافق انتخاب الرئيس ترامب، وقال «الكثير من الناس باتوا يدركون أن التصويت هو (حق) مكتسب.. إننا ندفع الضرائب.. نحن مواطنون.. لذلك من المهم أن ننتخب الأشخاص الذين يمثلوننا ويحمون مصالحنا».
أحمد الذي أدلى بصوته في قلم مدرسة سالاينا، أكد لـ«صدى الوطن» أنه يواظب على التصويت منذ أصبح مواطناً أميركياً في 1983، وقال: «أعلّم أطفالي أن يفعلوا نفس الشيء.. لأننا هنا لكي نبقى».
ومثل الكثيرين غيره، صوّت أحمد للمرشح العربي لحاكمية ميشيغن، وقال: «إننا مدينون له لأنه يمهد الطريق لشبابنا، والتأكيد على أنه لا توجد حواجز لترشحهم لأية مناصب في الولايات التي يعيشون فيها لكي يخدموا مجتمعاتهم مثل أي شخص آخر».
ووصف السيد بأنه المرشح الوحيد الذي جابه العنصرية صراحة، بينما تجاهل الآخرون ذلك، أو انبرى بعضهم بتأجيجها بأنفسهم.
النائب العربي الأميركي عبدالله حمود (ديمقراطي–ديربورن) توقع لـ«صدى الوطن» متوسط الإقبال العربي على الانتخابات «بحوالي 30 بالمئة»، وهي نسبة مرتفعة جداً مقارنة بالانتخابات التمهيدية عموماً.
وأضاف حمود –الذي يستعد لولاية ثانية في مجلس نواب الولاية– أن هذا الموسم الانتخابي «تمحور حول التغيير وحول إشراك الشباب وكبار السن على حد سواء»، وقال: «عندما نقف جنباً إلى جنب، ونصوّت بشكل جماعي، فإننا نشكل قوة لا يستهان بها»، مؤكداً «نحن على وشك أن نكتب التاريخ».
عباس فرحات –وهو أحد المتطوعين في حملة النائب عبدالله حمود– وصف حملة السيد بأنها «سياسية وفكرية الأهداف»، مشدداً على أنها ألهمت العرب الأميركيين للتصويت بأعداد غير مسبوقة، وقال: «حتى من هم في عمر الـ18 أو الـ19 يشعرون وكأنهم يستطيعون إحداث التغيير». وأضاف «بيرني (ساندرز) أثبت أنه يمكن القيام بذلك، والسيد سيكتب التاريخ أيضاً».
نهاية حملة .. بداية حلم
وفي «مركز كوبو» بديترويت، تجمعت حشود كثيفة من مؤيدي السيد، وكان التفاؤل مسيطراً على الجموع المتنوعة من حيث الأعمار والخلفيات الثقافية.
وقبل صدور النتائج، قال تيلر هانتريس –وهو ناخب شاب كان حاضراً في تجمع كوبو– إنه منح صوته للسيد لأنه يمثل «أفضل فرصة لمستقبل ميشيغن.. فالسيد مرشح يؤمن بصدق رسالته»، مضيفاً «هذا نوع النزاهة الذي نحتاجه بين قادتنا في ميشيغن».
كذلك عبّر مايكل كيلمنسون عن تأييده للمرشح العربي الأميركي لكونه «المرشح الأكثر تقدمية والذي تحتاجه لانسنغ من أجل تغيير الأوضاع الراهنة»، واصفاً السيد بأنه «مستقبل السياسة في ميشيغن» ومؤكدا دعمه لبرنامجه التقدمي لاسيما «الرعاية الصحية للجميع» والتعليم المجاني، وقال: «إن الذين يترددون بالتصويت له بسبب دينه.. هم من كبار السن الذين لا يتواصلون مع المجتمعات المهاجرة، أما الأميركيون الأصغر سناً فهم لا يهتمون كثيراً لمسألة عقيدته الدينية».
وأكد على أنه «وبغض النظر عن النتائج فإن حملة السيد قد فازت.. لكونها أظهرت أن الناس مهتمون حقاً ببرنامجه وأظهرت الوجه الأكثر تقدمية في ميشيغن». وقال: «بغض النظر عما سيحدث.. فإن ميشيغن سوف تصوّت أكثر فأكثر لليسار».
عبدالرحمن الحلاق الذي أدلى بصوته في مدينة إبسيلاني، أكد أنها المرة الأولى التي يقوم فيها بالتصويت بالانتخابات التمهيدية، مؤكداً أن دافعه الأساسي هو «رؤية السيد الشاملة والخاصة للولاية». وأعرب عن اعتقاده بأن السيد لديه حظوظ عالية للفوز بسبب مؤيديه الكثيرين وبسبب دعم السناتور الأميركي بيرني ساندرز.
ولكن مع صدور النتائج تباعاً واقتراب لحظة الحسم، بدأ أنصار السيد في قاعة «كوبو» يشعرون بالإحباط، ولكن التفاؤل لم يغب.
علاء الدين بركات، وهو ناخب من ديربورن، قال: «لعل ميشيغن ليست مستعدة بعد لحاكم مسلم»، مضيفاً «مع أنه أطلق حملة مشابهة لحملة ساندرز أهلته لهزيمة هيلاري كلينتون في الانتخابات التمهيدية بميشيغن، إلا أنه (السيد) لا يملك امتياز الرجل الأبيض ولا يحمل اسماً أبيض».
وأكد محمود قاسم –وهو ناخب من ديربورن– أيضاً تفاؤله بحملة «السيد.. الذي انتشرت أفكاره بين الناخبين في جميع أنحاء ولاية ميشيغن».
كما أبدت فاديا فرج ثقتها من أن دعم ساندرز يمكن أن يعزز فرص السيد، وقالت: «إذا لم يربح.. فقد عبّد الطريق أمام الأقليات للترشح للمناصب». أضافت: «نحن جميعاً في بوتقة واحدة وسوف نظهر للعالم أجمع أن ميشيغن موحدة.. لن نستسلم».
فرج التي شاركت في حملة السيد عبر الاتصال بالناخبين أكدت أن بعضهم كانوا يغلقون هواتفهم لمجرد سماع اسمه، ومع ذلك فقد واظبت على الاتصال بالناس، لأنه «عليك أن تريهم.. أننا جيرانكم»، بحسب ما قالت، مضيفة «الأمر برمته يتعلق بالأمل»، في إشارة إلى شعار الحملة الانتخابية للرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.
ومع تكشف الملامح النهائية لنتائج الانتخابات، صعدت الناشطة الحقوقية ليندا صرصور خشبة المسرح في مركز «كوبو» لترفع من معنويات المحتشدين، وقالت: «إن حركتنا هي من النوع الذي ينتظر حتى احتساب آخر صوت».
صرصور التي رافقت السيد في جولاته بمدن الولاية خلال الأسبوع الأخير، أضافت: «جميعنا فائزون.. لأننا مستمرون بالإيمان بما نعتقد».
وعندما أظهرت النتائج أن ويتمر متقدمة على السيد بما لا يقل عن 14 بالمئة، اعتلى السيد المسرح ولم يكن باستطاعته البدء بإلقاء خطابه، بسبب حماسة المؤيدين وتشجيعهم له، مرددين: «بعد أربع سنوات»، في إشارة إلى تشجيعه للترشح في الدورة الانتخابية المقبلة.
في الأثناء، لم يتمكن البعض من حبس دموعهم.
وألقى السيد كلمة مؤثرة، شكر فيها المجتمعات المتنوعة التي ساندت حركته، مشدداً على أننا «غيرنا كل جزء من النقاش.. وأثبتنا أن حركتنا اهتمت بجمع الناس من جميع الخلفيات، تحت سقف واحد، يؤمنون بالأفكار التي بُني عليها هذا البلد».
وأضاف أن «العمل نحو ولاية أكثر إنصافاً وثباتاً لا ينتهي عند هذه الخسارة»، لكنه يستمر غداً «عندما تتحول هذه الحركة –في الخريف المقبل– لدحر (المرشح الجمهوري بيل) شوتي في الانتخابات العامة»، داعياً مؤيديه إلى الاستمرار بالانخراط في الحزب الديمقراطي والوقوف خلف ويتمر والتمسك بـ«المثل والقيم التي نريد أن نرسخها في العالم»، على حد تعبيره.
Leave a Reply