مكَّة وفيها جبال النور، طالّة على البيت المعمور
دخلنا باب السلام، غمر قلوبنا السلام
بعفوِّ رب، غفور
واحد مافيش غيره، ملا الوجود نوره
دعاني لبيته، لحد باب بيته،
وأما تجلّى لي، بالدمع ناجيته
لقد أبدع الشاعر بيرم التونسي بهذه الكلمات شعراً، والتي خلدتها السيّدة أم كلثوم غناءً، في أغنيتها: القلب يعشق كل جميل.
تأمل هذا الشعور، أن يغمر قلبك سلام عفو ربٍّ غفور. يغمرك مثل الأب المسامح، حين يعود إلى حضنه الابن الضال. لا يسأله لماذا شردت وماذا فعلت.. يغمره ويسامحه.
ومن كان في قلبه ذرة إيمان وخشوع، ينهمر دمعه أسفاً وندماً على ما فرَّط به في أيامه. وقد يعود إلى ربِّه عبداً خاضعاً، مثل الملايين المتساوين أمام رحمة الله بالقبول والغفران.
الدعوات للحبايب الحجاج أن يغمر قلوبهم سلام الله وتشملهم رحمته ويبقى يوم العيد مباركاً، رغم كل الآلام والسواد حولنا، وكل عيد والجميع مغمورون بالسلام والصحة.
لا تخطىء عين الزائر إلى مكة المكرَّمة، والتغيير الكبيرمن مدينة مكرَّمة دينياً إلى مدينة حديثة. مدينة خلصت منها هيبة الإيمان والخشوع وطهارة الدين الحنيف. ازدحمت البروج والأسواق والدعايات التجارية ومكبرات الصوت الناشزة على مدار اليوم. المملكة تخصص ميزانية دولة لتجديد ستار الكعبة المشرَّفة كل سنة وتتباهى بذلك العمل، وتعامل بإهمال شنيع ومتعمد جبل النور المطل على مكة المكرَّمة، من ارتفاع 642 متراً. هذا الجبل الذي تبتَّل في غاره رسول الله النبي محمد عليه السلام، ونزلت فيه أول آيات القرآن الكريم، قابع في ظلام دامس، مهملٌ ومحاطٌ بأحياء عشوائية في سفحه من الباعة والوافدين وتجار الخرافات يرمون فيه النفايات والمخلفات، وتتلوّن حجارته بكتابات كل من هبَّ ودب.. درجاته الخرسانية بدائية وغير آمنة، هذا عدا عن انتشار أنواع من السعادين، أو ما يسمَّى بـ«البابون» التي تزعج الحجاج والزائرين وتخطف منهم الطعام.
«الذي رأى غير الذي سمع»، ملايين المسلمين على مدار السنة تهوي قلوبهم لتلبية دعوة الله وزيارة بيته الحرام، ويدر ذلك، الملايين على مملكة آل سعود. ألا يمكن تخصيص ميزانية قليلة لتنظيف جبل النور وتنظيمه حضارياً أو إنشاء «تلفريك» للصعود إلى قمته؟
Leave a Reply