بعد اتهام النائب الجمهوري عن الدائرة بالفساد
سان دييغو – انشغلت وسائل الإعلام الأميركية مؤخراً بمرشح عربي الأصل يبلغ من العمر 29 عاماً، بعد أن سطع نجمه بشكل لافت إثر فوزه ببطاقة الحزب الديمقراطي في الانتخابات التمهيدية للكونغرس الأميركي، بدائرة شرقي سان دييغو بولاية كاليفورنيا.
ومن المحتمل أن يصبح العربي الأميركي عمار كامبا نجار عضواً في الكونغرس في تشرين الثاني (نوفمبر) القادم، لاسيما بعد إدانة هيئة محلفين فدرالية –الأسبوع الماضي– لمنافسه الجمهوري دنكين هنتر وزوجته بإساءة استخدام 250 ألف دولار من أموال حملته الانتخابية.
وفي حال فوزه، سيكون المرشح الفلسطيني الأصل أحد أصغر البرلمانيين الأميركيين تحت قبة الكابيتول بالعاصمة واشنطن.
وبحسب تقارير إعلامية، فإن نجار المولود لأب فلسطيني مهاجر وأم مكسيكية، استقطب الأضواء بشكل مفاجئ في الولايات المتحدة، حيث تلقى مئات الرسائل البريدية لدعمه في الانتخابات، كما أجرى ما يزيد عن 20 مقابلة مع وسائل إعلام محلية مختلفة، وذلك بعد 24 ساعة فقط من توجيه الاتهامات بالفساد لهنتر، الذي يشغل مقعد «الدائرة ٥٠» منذ عشر سنوات.
وكان نجار، الذي عمل موظفاً لدى إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، قد حصل في الانتخابات التمهيدية، التي جرت في كانون الثاني (يناير) الماضي على 17 بالمئة فقط من أصوات الناخبين، وسيواجه في نوفمبر، هنتر الذي يحظى بتقدم طبيعي في سباق الدائرة الممثلة بنائب جمهوري منذ أربعة عقود، فضلاً عن أن هنتر كان محارباً قديماً في الجيش الأميركي وشارك في حرب العراق سابقاً.
نجار الذي ترك الإسلام واعتنق المسيحية في المرحلة الثانوية، وجد نفسه أمام فرصة ذهبية لشرح عناوين حملته الانتخابية أكثر من أي وقت مضى، لافتاً في مقابلة مع «أسوشييتد برس» إلى أنه «لا يبني نجاحه على بؤس الآخرين»، في إشارة إلى التهم التي يواجهها النائب هنتر وزوجته، وأضاف «أنا أشعر به (يقصد هنتر) وبعائلته، لكني أيضاً أشعر بالناس في دائرتنا الذين يستحقون تمثيلاً تشريعياً أفضل بعد سنوات عديدة من غياب التمثيل الحقيقي لها».
ويُعتبر النائب هنتر أحد السياسيين المخضرمين على مستوى ولاية كاليفورنيا، حيث ينتمي لعائلة تمتد جذورها السياسية لأجيال، إذ ظل والده نائباً عن الدائرة في الكونغرس منذ عام 1980، حتى فوز ابنه دنكين بمقعده عام 2008. ومنذ ذلك التاريخ يحتفظ هنتر الابن بمقعد والده، ويُعاد انتخابه كل سنتين.
ويطمح النجار إلى كسر احتكار عائلة هنتر لتمثيل دائرة شرقي سان دييغو في الكونغرس، مشيراً إلى أنه يريد الوصول إلى الناس الذين صوتوا لصالح أوباما في الانتخابات الرئاسية، عام 2008، قائلاً: «إنهم ليسوا جاهلين، بل يتم تجاهلهم من قبل حزبي وحزبهم والبلد بأكمله».
وأكد المرشح ذو التوجهات التقدمية، أن لديه «حلولاً معقولة» تتجاوز سقوف حزبه الديمقراطي، بما في ذلك توفير الرعاية الصحية للجميع دون رفع من المديونية العامة للحكومة، إضافة إلى توفير تعليم جامعي مجاني للأميركيين يقوم على الجدارة والحاجة.
كما يرفض النجار فكرة بناء الجدار مع المكسيك التي يتبناها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، معتبراً أنها غير مجدية، وذلك بسبب حقيقة أن 40 بالمئة من الذين يدخلون الولايات المتحدة بشكل غير قانوني يصلون إليها بالطائرة. وبدلاً من الجدار مع المكسيك، يرى المرشح الديمقراطي وجوب تشديد العقوبات على أرباب العمل الذين ينتهكون قوانين الهجرة ويقومون بتشغيل عمال غير شرعيين. كذلك لفت إلى أن الأطفال من أبناء المهاجرين يتوجب منحهم الجنسية الأميركية على الفور.
تبرأ من نضال جده
أما الحياة الشخصية لنجار فتبدو مثيرة بعض الشيء، حيث نشأ ابناً لمهاجر فلسطيني. وعندما بلغ الثامنة من عمره، انفصل والده عن والدته، المكسيكية الأصل، والتي تبنى لاحقاً اسمها العائلي (كامبا) وديانتها المسيحية. وبسبب الفقر الذي عاشه اضطر ليعمل أول مرة وهو في سن الـ15 عاماً، حيث عمل حينها حارساً لتأمين بعض الأموال.
وقضى نجار جزءاً من طفولته في مدينة غزة بالأراضي الفلسطينية التي تعود أصوله إليها، لذلك فهو يتحدث اللغة العربية، إلى جانب إجادته للإنكليزية والإسبانية.
وبالإضافة إلى ذلك، فهو حفيد القيادي الفلسطيني أبو يوسف النجار، ما استجر عليه ضغوطاً من الجماعات الداعمة لإسرائيل، بسبب تاريخ جده النضالي ضد الاحتلال الإسرائيلي، بوصفه أحد مخططي عملية أولمبياد ميونيخ عام 1972 التي أسفرت عن مقتل 11 إسرائيلياً.
وكانت إسرائيل قد اغتالت النجار، الجد، مع كمال عدوان وكمال ناصر في بيروت في عام 1973.
وبعد خروج القصة للنور، شدد الحفيد على أنه من دعاة السلام في الشرق الأوسط وإنه ترك وراءه «ماضي عائلته المظلم». وقال في هذا السياق «أعتقد أن كل شخص يحاسب على جرائمه، وأنا أجيب على ما يخصني»، مشيراً إلى أنه «لا يجب أن يحاسب على أفعال آخرين».
وتخطى عمار الأزمة بتأهله للانتخابات العامة لمواجهة هنتر، وحظي بدعم الحزب الديمقراطي في الولاية بعد تغلبه على خمسة مرشحين آخرين في الانتخابات التمهيدية.
لكنه لا يزال يواجه بعض التحديات، ففضلاً عن أن تاريخ عائلته الذي قد يشكل فرصة للهجوم عليه، فإن لجنة الحملات الانتخابية في الحزب الديمقراطي خصصت موارد ضعيفة لحملته، مانحة الأولوية لحملات انتخابية أخرى في الولاية.
وكانت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية قد نشرت تقريراً حول المرشح الفلسطيني الأصل تحت عنوان: «حفيد إرهابي مجزرة ميونيخ مرشح للكونغرس.. ويتغنى بنغمة مسالمة حول إسرائيل». وكتب نجار في بيان نشر في آذار (مارس) الماضي: «لتحقيق السلام، سيضطر الفلسطينيون والإسرائيليون إلى اتخاذ نفس الخيار الشخصي الذي كان علي اتخاذه، ألا وهو ترك الماضي المظلم وراءنا حتى يصبح المستقبل أكثر إشراقاً في عيون أطفالنا».
وأضاف: «من أجل الضحايا، كنت آمل ألا يتم تسييس تلك المأساة، لكن إذا كان يجب إعادة فتح الجروح القديمة، عندها أصلي لله أن يكون هنالك غرض لآلامهم التي لا توصف، وأدعو الله أن يكون ذلك الغرض هو رؤية السلام الذي يحظى بالأولوية من قبل أبناء جيلي من الفلسطينيين والإسرائيليين والبشرية جمعاء».
وكان والد عمار، ياسر النجار، قد عاد من كاليفورنيا إلى غزة التي عاش فيها الطفل بين سني الـ9 والـ12 قبل أن يعود ثانية إلى سان دييغو، قبل أحداث الحادي عشر من أيلول 2001. وفي هذا الإطار، قال عمار: «كنت أهرب من الحرب.. التي لسوء الحظ كانت تتبعنا. لكن هذه هي أميركا. إنها قصة عودة.. إنها قصة الناس الذين يفرون من الماضي المأساوي ويأملون في مستقبل ناجح».
وفي حديث مع «هآرتس»، أدان نجار أفعال جده، وقال «إنه لا يستطيع أبداً فهمه والتغاضي عن أفعاله»، مضيفاً أنه «لا يوجد مبرر مطلقاً لقتل مدنيين أبرياء».
وتضمن التقرير الذي نشرته الصحيفة الإسرائيلية دفاع اثنين من الحاخامات اليهود عن المرشح الفلسطيني الأصل، وقال الحاخام ناداف كاين إن نجار أخبره بأن الجدل حول جده دفعه للعمل من أجل إحلال السلام، وأضاف بأن أمن إسرائيل مهم بقدر أهمية حقوق الإنسان الفلسطيني.
وجاء في البيان: «الترتيب النهائي سيكون صفقة سلام لا يريدها أحد لكن الجميع بحاجة لها. في نهاية المطاف، ستيعين على إسرائيل الاعتراف بأخطائها كدولة ذات سيادة وقبول حقوق الفلسطينيين في تقرير المصير والاستقلال والمساواة. على الفلسطينيين أن ينبذوا العنف والتعصب وأن يعترفوا بجيرانهم اليهود وأن يقبلوا الحقائق الجديدة».
أبو يوسف النجار (1930–1973)
قيادي فلسطيني بارز، كان أول قائد عام لقوات العاصفة، وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ورئيس اللجنة السياسية لشؤون الفلسطينيين في لبنان، وكنيته أبو يوسف.
ولد في قرية يبنة بقضاء الرملة وأتم فيها دراسته الابتدائية، ثم انتقل إلى الكلية الإبراهيمية في القدس، حيث أنهى دراسته الثانوية. وعمل معلماً في قريته لمدة عام، ثم اضطرته نكبة عام 1948 إلى ترك بيته والنزول في معسكر رفح للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة. وفيه عمل محمد يوسف النجار معلماً حتى سنة 1956.
انتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين سنة 1951 ولكنه تركها سنة 1958.
عرف أبو يوسف في معسكر رفح وفي القطاع عامة بمواقفه الوطنية. وقد اعتقل لأول مرة، أربعة أشهر سنة 1954 لأنه قاد إحدى المظاهرات وطالب فيها بالتجنيد الإجباري للشبان الفلسطينيين. كما اعتقل ثانية في آذار سنة 1955 لأنه قاد إحدى المظاهرات احتجاجاً وشجباً لمشروع التوطين في شمالي سيناء الذي حاولت وكالة غوث اللاجئين تنفيذه.
غادر قطاع غزة على متن مركب شراعي سنة 1957 إلى سوريا ومنها توجه إلى عمان. وانتقل بعدها للعمل في دائرة معارف قطر. وفي سنة 1967 تفرغ للعمل في حركة فتح.
انتخب محمد يوسف النجار في 1969 عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عن حركة فتح. كما اختير رئيساً للجنة السياسية العليا للفلسطينيين في لبنان. وكان يدعو دائماً إلى تجنب كل المظاهر والتصرفات التي قد تسيء إلى العلاقات الفلسطينية اللبنانية.
وفي 1973، جددت عضويته في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وأسندت اليه رئاسة الدائرة السياسية فيها.
شارك أبو يوسف في الكثير من المؤتمرات والندوات العربية والدولية، وكان يؤكد دائماً على رفض الشعب العربي الفلسطيني لقرار مجلس الأمن 242 وإصرار المقاومة الفلسطينية على القتال حتى النصر، ويطالب الدول العربية والصديقة بزيادة دعمها ومساندتها للثورة الفلسطينية. وفي المؤتمر الإسلامي الرابع الذي عقد في ليبيا في 1973 ترأس محمد يوسف النجار الوفد الفلسطيني.
اغتاله الموساد الإسرائيلي في منزله بشارع فردان في بيروت بتاريخ 10/4/1973، واستشهدت معه زوجته رسمية أبو الخير على أيدي وحدة إسرائيلية خاصة استهدفت أيضاً كمال ناصر وكمال عدوان. وتخليدا لذكرى أبو يوسف أطلقت السلطة الوطنية الفلسطينية اسمه على مفترق طرق رئيس في مدينة غزة وإحدى المدارس وعلى أكبر المستشفيات في مدينة رفح.
Leave a Reply