المثابرة على أمر ما لمدة ٣٤ عاماً ليست أمراً يسيراً، فما بالكم لو كان الأمر يتعلق بمهنة المتاعب؟
في 7 أيلول (سبتمبر) من كل عام، تحتفل «صدى الوطن» بمرور سنة جديدة على مسيرتها، في خدمة الجالية العربية وتشكيل الوعي السياسي والثقافي والاجتماعي للعرب الأميركيين في وطنهم الجديد، مع إصرار الواثق بأحقية القضايا العربية وقداسة لغتنا الأم!
34 عاماً، تغير خلالها الكثير الكثير في عالم الصحافة والثقافة والسياسة عموماً، وطالت المتغيرات الجارفة مجمل جوانب الحياة بنشاطاتها المختلفة. ولم تكن صحيفتنا –التي انطلقت بإمكانات مادية وتقنية ضئيلة– بمنأى عن تلك التحديات، لكنها حافظت بتصميم منقطع النظير على مواصلة رسالتها التي نذرت نفسها لها منذ العام ١٩٨٤، وهي دعم الحقوق العربية، وفي مقدمتها قضية الشعب الفلسطيني الذي يواجه منذ بدايات القرن الماضي، واحداً من أعتى الاحتلالات في التاريخ وأكثرها شراسة ووحشية وعنصرية، إضافة إلى الوقوف إلى جانب السوريين واليمنيين والليبيين والعراقيين، الذين واجهوا خلال السنوات السابقة صراعات دموية كادت تودي بالشعوب والأوطان، إبان ما عرف بـ«الربيع العربي»، والذي تبين أنه مجرد خديعة كبرى انطلت على الكثيرين منا.
والأهم، أننا –ورغم مواردنا المحدودة– تمكّنا من الصمود وحجز مكانة للجالية العربية في المجتمع الأميركي الإعلامي والسياسي، في بلد يمتلك أضخم الترسانات الإعلامية في العالم.
لقد نجحنا في تثبيت أقدامنا على أرضية صلبة مستندين إلى مبادئ ثابتة مكنتنا من تجاوز الصعوبات والتحديات والمحن، لنرافق نمو المجتمع العربي الأميركي الذي تحول إلى رقم أساسي في المشهدين السياسي والاقتصادي في ميشيغن وعموم البلاد، وهو ما أبرزته الانتخابات الأخيرة التي شهدت ترشح عشرات المرشحين العرب الأميركيين لأعلى المناصب الحكومية والتشريعية في مختلف أرجاء الولايات المتحدة.
لقد نجحنا ونجح العرب والمسلمون الأميركيون في امتصاص تأثيرات الحملات الشرسة التي انطلقت في أعقاب هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001، والتي ازدادت حدتها إعلامياً في أعقاب وصول دونالد ترامب إلى سدة الحكم في 2016، ولكن ذلك لم يدفعنا إلى التقوقع والانسحاب من الحياة العامة، بل على العكس.. بتنا أكثر إصراراً على حماية حقوقنا المدنية والدستورية، والانخراط في الحياة العامة، عبر الانتخاب والترشح لمناصب القرار.
هذه النجاحات الانتخابية، تؤكدها بشكل واضح الانتخابات التمهيدية الأخيرة، التي تمخضت عن اقتراب أول عربيتين مسلمتين من دخول مجلس النواب الأميركي عن ولايتي ميشيغن ومينيسوتا (رشيدة طليب وإلهان عمر)، إضافة إلى مرشحين آخرين لا تزال حظوظهم قائمة.
محلياً في منطقة مترو ديترويت، نجحت «صدى الوطن» خلال عقود من العمل والمثابرة، بالمساهمة في بلورة الثقل الانتخابي للعرب الأميركيين باعتبار أن صناديق الاقتراع طريق وحيد لتحصين الوجود العربي وحماية مكتسباته وحقوقه، حتى باتت السباقات المختلفة تشهد «زحمة» مرشحين عرباً أميركيين، كما أظهرت الانتخابات التمهيدية الماضية هذا الثقل، بترشح العربي الأميركي عبدول السيد لأعلى منصب تنفيذي في الولاية (الحاكم).
ومن بين المرشحين لانتخابات نوفمبر القادم، تبرز أمان (آيمي) فدامة المرشحة لعضوية مجلس ديربورن التربوي، كأول يمنية أميركية تسعى للفوز بمنصب عام في ولاية ميشيغن.
ففدامة، تسجل بترشحها سابقة في مجتمع الجالية اليمنية ذات التاريخ العريق والمديد في ولاية ميشيغن، وتمهد الطريق أمام النساء اليمنيات التي تحول التقاليد والموروثات الاجتماعية دون انخراطهن في الحياة العامة!
34 عاماً، من العمل والمثابرة دون أن ينال منا تعب أو يأس من مستقبل جاليتنا، الذي نأمل ونعمل لأن يكون زاهراً مشرقاً رغم جميع المصاعب والتحديات.
Leave a Reply