تشكل السياحة مظهراً بارزاً من حضارات الأمم والشعوب في مختلف أنحاء العالم، لكن من المؤسف أن ترى اللبنانيين العائدين من عطلتهم الصيفية يحدثونك عن نشاطاتهم السياحية في… تركيا، وكأنهم لا يعرفون شيئاً عن الكنوز السياحية في وطنهم الأم والتي تكاد لا تخلو منها منطقة في لبنان، سواء من المعالم الطبيعية أو التاريخية الفريدة من نوعها في العالم.
بالطبع لا نلقي اللوم حصراً على جهل اللبنانيين بمعالم بلدهم الغنية والمتنوعة والتي لا يمكن زيارتها كلها في صيف واحد، إنما المسؤولية تقع أيضاً على عاتق المسؤولين الذين يتوجب عليهم تسويق السياحة والاهتمام بكل جانب من جوانبها، آخذين بالاعتبار كل ما يسهل على الزوار التعرف على المعالم السياحية والوصول إليها، خاصة في بلد عابق بالتاريخ مثل لبنان.
بلد الأرز يقع في قلب العالم القديم، بين أوروبا وآسيا وأفريقيا. فيه تجتمع الثقافات وتتفاعل الحضارات على مر التاريخ. يجمع بين الثقافتين العربية والغربية، والديانتين المسيحية والإسلامية، وتنتشر في أنحائه الآثار الشاهدة على تاريخ غابر، من الآثار الفينيقية والمعابد الرومانية إلى المساجد الأثرية والقلاع الصليبية… هو فسيفساء غنية وموسوعة لحضارات العالم القديمة والحديثة، ولكن من المؤسف أن أبناءه يجهلون ما فيه.
فالأماكن السياحية في لبنان يجهلها الكثيرون من اللبنانيين المغتربين، الذين باتوا يفضلون السياحة في تركيا بعد قضاء بعض الوقت من عطلتهم مع الأقارب في وطنهم الأم.
من مغارة جعيتا إحدى عجائب الطبيعة السبع، وجبيل مهد الأبجدية، إلى بعلبك وقلعتها الشهيرة بأعمدتها ومعابدها، جوبيتر وباخوس وفينوس، مروراً بآثار عنجر وصيدون وصور، والمهرجانات، وثلوج الجبال وكروم العنب والشواطئ الصخرية والرملية، وضجيج بيروت وسكون القمم الشامخة شموخ الأرز. كل هذا، ويأتيك لبناني يتباهى بما زاره من المدن والمنتجعات التركية، جاهلاً بأسماء وقصص حفظها لبنان على مر العصور.
هل زار اللبنانيون المغتربون أياً من هذه الأماكن السياحية الجميلة؟ أليس الأحرى بهم أن يتعرفوا على بلدهم وتاريخهم ويشجعوا السياحة فيه، وأن يتذكروا الأمانة الملقاة على عاتقهم في تعريف أبنائهم بحضارة وطنهم الأم وجذورهم الثقافية.
ليس هناك من فرع لا ينتمي إلى أصل، فإذا انتفى الأصل اضمحل الفرع وتلاشى.
Leave a Reply