حملة ضد الفساد والمحسوبية .. أم لرئاسة البلدية؟
على خلفية اتهامه بالمحسوبية وابتزاز السكان من قبل عضو مجلس ديربورن هايتس البلدي بيل بزي، تقدم مدير «دائرة المباني والهندسة» في بلدية ديربورن هايتس، محمد صبح، بطلب الاستقالة من منصبه في 17 أيلول (سبتمبر) الماضي، بعد حوالي عشرين عاماً من الخدمة في بلدية المدينة التي تحولت إلى مركز استقطاب للعرب الأميركيين، كمقيمين وكأصحاب أعمال تجارية، على حد سواء.
وفي اجتماع للمجلس البلدي، عقد في 25 سبتمبر، أكد بزي أن شكاوى من 20 شخصاً على الأقل، من السكان والوكلاء العقاريين، تدّعي بأن الدائرة التي يرأسها صبح تمنح تصاريح بلدية «خلف الأبواب المغلقة»، وتنتهج أسلوب المحسوبية مع البعض، في حين يُطلب من معظم أصحاب الأعمال وأصحاب المنازل الآخرين، الانتظار في طابور طويل، لإنجاز معاملاتهم.
وعبّر بزي عن اشمئزازه حول ما أسماه بـ«تضارب المصالح»، مشيراً إلى أن صبح «قام بتحرير مخالفات تطالب إحدى المسنات بإصلاح منزلها بتكلفة تراوحت بين 15 و20 ألف دولار، ثم عرض عليها شراء المنزل منها، وهو ما حصل بالفعل، ثم قام بإدراج المنزل للإيجار بعد ثلاثة أيام، من دون القيام بالإصلاحات المزعومة»، وفقاً لبزي الذي انتخب لعضوية المجلس البلدي العام الماضي.
وقال: «إذا كان أحد المدراء العاملين تحت قيادة رئيس البلدية، يسيء استخدام السلطة، من خلال إخبار أحد السكان بأن منزله يحتاج إلى الكثير من الإصلاح، وكان صاحب المنزل مسناً ومصاباً بمرض عضال، ويتوجب عليه بيع منزله، ثم يقوم (المدير) باستغلال هذا الوضع.. فهذا تضارب في المصالح، وهو أمر مثير للاشئمزاز».
اتهامات زائفة؟
من جانبه، وصف صبح، مزاعم بزي بأنها «أكاذيب واتهامات زائفة بهدف الاستهداف الشخصي»، وأفاد لـ«صدى الوطن» أنه فيما يتعلق بالمخالفات التي حررها، فقد تم تعيينه بشكل عشوائي لإجراء التفتيش على المنزل، مشيراً إلى أن تكلفة الإصلاحات تبلغ حوالي 10 آلاف دولار.
وأكد أنه لم يتحدث لصاحبة المنزل المسنة، وإنما تحدث مع ابنتها، مشيراً عليهما أن بإمكانهما إما دفع تكاليف الإصلاحات أو بيع المنزل، ما يضع المشتري الجديد تحت طائلة المسؤولية.
وبحسب صبح، فقد كان أصحاب المنزل يتلقون –للتو– عروضاً ببيع العقار، وعندها عرض صبح عليهم شراءه عبر وكيل عقاري، لافتاً إلى أنه قام أولاً بإجراء الإصلاحات اللازمة، ثم أدرجه للإيجار بعد ثلاثة شهور.
واستدرك بالقول: «لكن تلك التهم.. ليست هي ما دفعني إلى الاستقالة»، مؤكداً أنه تقدم بطلب الاستقالة إلى رئيس البلدية دان باليتكو في 17 سبتمبر.
وأشار إلى أنه كان يفكر بالاستقالة منذ بعض الوقت، لأن «هنالك الكثير من الأكاذيب (التي يتم تداولها) من وراء ظهره» على مدى السنوات الثلاثة الماضية، بما فيها الاتهامات بالمحسوبية عند الموافقة على منح التصاريح للسكان.
وكان رئيس البلدية قد أرسل رسالة إلكترونية إلى أعضاء المجلس البلدي أخبرهم فيها بأن صبح مستقيل من منصبه اعتباراً من 27 سبتمبر.
والجدير بالذكر أن صبح كان قد تقاعد من عمله في بلدية ديربورن هايتس في 2012، ولكنه استمر بالعمل معها بموجب عقد مؤقت، لافتاً إلى أنه كان يواجه صعوبات في التفاوض مع بلدية المدينة بهذا الشأن، و«هذا السبب هو نفسه الذي دفع ثلاثة مدراء آخرين في البلدية إلى الاستقالة من مناصبهم مؤخراً». وأشار إلى أن عضو المجلس بيل بزي كان يستهدف رؤساء الدوائر المعينين من قبل رئيس البلدية، للضغط على (دان باليتكو) ودفعه إلى الاستقالة.
بعض من أعضاء مجلس ديربورن هايتس، ممن تحدثت «صدى الوطن» إليهم، أقروا، بدون الكشف عن هوياتهم، ما قاله صبح، وأن «الهدف هو جعل منصب رئاسة البلدية شاغراً، ليتوجب ملؤه».
من جانبه، أصر بزي، على أن هدفه هو إلقاء الضوء على مظالم وشكاوى المواطنين، لافتاً إلى أنه وعد خلال حملته الانتخابية لعضوية المجلس البلدي بتحقيق «الشفافية والمسؤولية في حكومة المدينة».
وقال لـ«صدى الوطن»: «إنه تلقى سيلاً من المكالمات الهاتفية، كان بينها حوالي 100 اتصال في يوم واحد» من السكان لشكره على الوقوف إلى جانبهم.
وشدد: «لقد أقسمت على احترام الدستور.. وليس رئيس البلدية أو مدراء الدوائر الأخرى»، مضيفاً: «لقد طفح الكيل، سكاننا يدفعون الكثير من الضرائب، إنهم بحاجة إلى مكان آمن للعيش، وبحاجة إلى شخص ما لكي يعتني بهم».
وأكدت مصادر متعددة لـ«صدى الوطن» أن شرطة ديربورن هايتس قد فتحت تحقيقاً في الموضوع، وصادرت بعض السجلات من مكتب صبح في «دائرة البناء والهندسة».
خدمة مشكورة
عضو المجلس البلدي دايف عبدالله، أفاد «صدى الوطن» بأن «مزاعم بزي تستند على العاطفة والتحيز.. دون الأخذ بعين الاعتبار صعوبة الاحتفاظ بتوظيف مدراء جدد للدوائر الأربع التي استقال مديروها مؤخراً». وقال: «ما فعلوه مع محمد.. هو أنهم جعلوه مذنباً دون فرصة لإثبات براءته.. مما دفعه إلى الاستقالة».
وأكد أنه بصفته وكيل عقاري وعضواً في المجلس البلدي، فقد تعامل مع صبح على مدار 20 عاماً ولم يواجه أية مشكلة، وقال: «دائرة البناء والهندسة.. هي واحدة من أكثر الدوائر ربحية في البلدية وإن صبح بذل جهوداً مكثفة كانت تجلب ما يقارب مليوني دولار سنوياً (إلى خزانة البلدية)».
وتابع «هذه الدائرة سهلت على الناس افتتاح الأعمال التجارية في المدينة، وانتعاش الحركة المرورية حول المباني التجارية».
وأشار عبد الله إلى أنه منفتح على سن مرسوم بلدي يضع حداً لتضارب المصالح بين رؤساء الإدارات البلدية وبين مالكي المنازل وأصحاب الأعمال التجارية.
Leave a Reply