نصر قضائي لحركة BDS في أميركا
قضت محكمة فدرالية أميركية في السابع والعشرين من أيلول (سبتمبر) الماضي، بإبطال العمل بقانون أقرته ولاية أريزونا ضد «حركة مقاطعة إسرائيل» BDS، لانتهاكه حرية التعبير المكفولة في المادة الأولى من الدستور الأميركي.
القانون الذي أقرته ولاية أريزونا عام ٢٠١٦، يلزم الجهات والشركات الساعية إلى التعاقد مع حكومة الولاية، بالتعهد بعدم الانخراط بـ«حركة مقاطعة إسرائيل» مقابل الموافقة على التعامل معها.
وقالت القاضية ديان جاي. هوميتيوا في حكمها الصادر عن المحكمة الفدرالية في مدينة فينيكس: «إن الحد من قابلية أي شخص في المشاركة في حملات عامة لمناهضة إسرائيل يمثل عبئاً على حق التعبير للشركات الراغبة في مقاطعة إسرائيل»، وأضافت أن «نوعية الخطوات الجماعية التي يستهدفها القانون تتضمن بالتحديد حق التجمع والتعاون الممنوح للأميركيين ومواطني أريزونا للشروع في التغيير السياسي والاجتماعي والاقتصادي».
وكان مجلسا النواب والشيوخ في الولاية أصدرا قانوناً وقعه حاكم الولاية دوغلاس دوسي في آذار (مارس) 2016، يفرض على أية شركة تريد أن تتعاقد مع أية مؤسسة حكومية في الولاية أن تقدم تعهداً خطياً بأنها لا تقاطع إسرائيل ولن تقاطعها في المستقبل. وكانت ولايات أخرى قد أصدرت قوانين مماثلة بضغط من المؤسسات المؤيدة لإسرائيل، إلا أن القرار الذي اتخذته محكمة فينيكس الفدرالية، يسري على قوانين مماثلة أقرتها ولايات أميركية أخرى بينها ميشيغن، لأنها تمس بالحقوق المكفولة دستورياً.
وسبق لمحكمة فدرالية في ولاية كنساس أن أبطلت العمل بقانون مماثل وأجبرت السلطة التشريعية في الولاية على ادخال تعديلات جوهرية عليه للقبول بدستوريته.
وكان الاتحاد الأميركي للحريات المدنية ACLU تقدم بدعوى قضائية ضد حكومة أريزونا نيابة عن مكتب المحامي مايكل جورداهل الذي دأب على التعاقد مع الولاية لتقديم خدمات قانونية للسجناء في مقاطعة كوكونينو منذ 12 عاماً.
وقال جورداهل في استدعائه «إن المقاطعة وسيلة مهمة للمواطنين للقيام بعمل جماعي من أجل إحداث تغيير اجتماعي، وإن هذه الطريقة السلمية في الاحتجاج محمية دستورياً، وبصرف النظر عن الموقف من قضية إسرائيل وفلسطين، ينبغي أن يكون واضحاً أن لنا كأفراد الحق في الانخراط بعمليات مقاطعة سلمية والحق في عدم صرف أموالنا بالطريقة التي نختارها».
ودافع جورداهل عن حقه في التعبير عن آرائه السياسية من خلال رفض شراء سلع أو خدمات تعرضها شركات داعمة للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وقال إن من حق مكتبه الذي يعمل فيه بمفرده أن يقاطع وأن يقدم خدمات قانونية لشركات ومؤسسات أخرى تقاطع السلع والخدمات الإسرائيلية، لكن قانون الولاية الجديد منعه من ممارسة هذا الحق.
وقال المحامي في الالتماس إنه أيد مقاطعة إسرائيل بسبب معاملتها السلبية نع الفلسطينيين، وإن ذلك نابع من معتقداته الدينية ومواقفه السياسية، التي يكفلها الدستور.
وأوضح أيضاً أن القانون الذي أقرته أريزونا بحظر مقاطعة إسرائيل، يمس بحرية التعبير والحرية الدينية التي نص عليها الدستور الأميركي.
ويذكر أن المحكمة الدستورية العليا في أميركا قضت منذ عقود بأن المقاطعة لأسباب سياسية حق مكفول دستورياً، كما حظرت على الحكومة الطلب من الأفراد التوقيع على تعهدات تتعلق بآرائهم السياسية من أجل الحصول على وظائف أو عقود حكومية أو أية تقديمات أخرى.
وقالت المديرة القانونية في «اتحاد الحريات المدنية» في أريزونا، كاثي برودي، التي تابعت القضية عقب صدور الحكم، إن قرار القاضية هوميتيوا يؤكد مجدداً أن المقاطعة السياسية محمية دستورياً كشكل سلمي من أشكال الاعتراض وأن ليس من صلاحيات الحكومة أن تملي على الناس –بمن فيهم الذين يتعاقدون مع الحكومة– القضايا التي يمكنهم أن يساندوها أو لا.
من جهته، قال المحامي في الاتحاد، براين هوس، إن قرار محكمة فينيكس الفدرالية، يوجه رسالة قوية لكل المشرعين في كل الولايات، بأن حق المقاطعة لا يزال حياً وجيداً في الولايات المتحدة وأن على حكومات الولايات ألا تحاول أن تستخدم امتيازاتها المالية لحرمان المتعاقدين من حقهم في التعبير.
وتمثل «حركة مقاطعة إسرائيل» والمعروفة اختصارا باسم BDS (مقاطعة، سحب الاستثمار، عقوبات» (BDS) أوسع نشاط شعبي لاسيما في أوساط الطلاب والحقوقيين للضغط على إسرائيل لوقف الاستيطان وانهاء الاحتلال والعقاب الجماعي ضد الشعب الفلسطيني.
وتستقطب الحركة دعماً ملحوظاً من الشباب في المدن والجامعات ما يثير قلق الجماعات والقوى المؤيدة لإسرائيل والتي تسعى على الدوام الى الضغط على الحكومات المحلية وعلى الكونغرس لإصدار تشريعات تجرّم مقاطعة إسرائيل تحديداً.
ويعمل أنصار إسرائيل في الولايات المتحدة على فرض قيود على حركة BDS المتنامية، عبر تجفيف الدعم المعنوي والمالي الذي يوفره أنصار القضية الفلسطينية في الولايات المتحدة وحول العالم، لاسيما بعد انتشار مؤيديها في المؤسسات الأكاديمية والدينية والاجتماعية.
Leave a Reply