بيتسبرغ – في أدمى هجوم على الإطلاق ضد اليهود في الولايات المتحدة، أطلق مسلح، النار على حشد من المصلين في كنيس بمدينة بيتسبرغ ولاية بنسلفانيا السبت الماضي، مطلقاً موجة انتقادات واسعة ضد الرئيس دونالد ترامب تحمله مسؤولية تأجيج معاداة السامية واستنهاض اليمين القومي في الولايات المتحدة.
واقتحم المسلح روبرت باورز (46 عاماً) معبد «شجرة الحياة»، الذي يقع في حي يقطنه عدد كبير من اليهود أثناء صلاة الصباح وقتل ١١ مصلياً تتراوح أعمارهم بين 54 عاماً و97 عاماً وأصاب ستة آخرين من بينهم أربعة رجال شرطة قبل اعتقاله.
ووجهت وزارة العدل الأميركية ٤٤ تهمة فدرالية إلى باورز، 11 تهمة تتعلق بعرقلة ممارسة معتقدات دينية أدت إلى الموت و11 تهمة تتعلّق باستخدام سلاح ناري لارتكاب جريمة قتل، إضافة إلى جرائم الكراهية وإصابة أفراد الشرطة.
وأعلن وزير العدل الأميركي جيف سيشنز أن مطلق النار سيحاكم أمام القضاء الفدرالي بتهم تصل عقوبتها للإعدام.
وقال المدعي العام الفدرالي في غرب بنسلفانيا، سكوت برايدي، إن باورز أدلى بتصريحات عن الإبادة الجماعية ورغبته في قتل الشعب اليهودي خلال إطلاقه النار.
ونشر باورز عبارات معادية للسامية على الإنترنت منها عبارة نشرها صبيحة الهجوم، وانتقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتقاعسه عن منع سيطرة اليهود على الولايات المتحدة.
وأدى هذا الهجوم إلى حالة استنفار أمني في دور العبادة بأنحاء البلاد خشية وقوع هجمات مماثلة تستهدف اليهود.
وأوضح برايدي أن «حقيقة وقوع هذا الهجوم خلال صلاة، تجعله أكثر بشاعة»، وأشارت قائمة بأسماء الضحايا نشرها المسؤولون إلى أن من بين القتلى شقيقين في الخمسينات ورجلاً وزوجته في الثمانينات من العمر.
من جانبه، أمر الرئيس دونالد ترامب بأن يتم من السبت ولغاية الأربعاء تنكيس الأعلام فوق المباني الرسمية والحكومية والعسكرية داخل الولايات المتحدة وخارجها حداداً على أرواح ضحايا هذا الهجوم.
ووصف ترامب، المجزرة بأنها عمل شرير من أعمال القتل الجماعي وشر محض، ودعا الأميركيين للتسامي فوق مشاعر الكراهية ونبذ الانقسامات.
وقال ترامب في معرض تنديده بـ«الهجوم الشرير المعادي للساميّة» إنّ «معاداة السامية واضطهاد اليهود كانا إحدى السمات الأكثر قتامة والأكثر بشاعة في تاريخ البشرية».
وأضاف «يجب أن لا يكون هناك أي تسامح مع معاداة السامية أو مع أي شكل من أشكال الكراهية الدينية».
ورغم مواقفه الشاجبة للمجزرة، تعرض ترامب لانتقادات واسعة، وسط دعوات رافضة لاستقباله في بيتسبرغ، ولكن الرئيس الأميركي زار يوم الثلاثاء الماضي، معبد «شجرة الحياة» برفقة السيدة الأولى ميلانيا وكذلك ابنته إيفانكا وزوجها جاريد كوشنر، وهما يهوديان.
في المقابل، تجمع أكثر من ألفي شخص، معظمهم من اليهود، في مكان قريب في مسيرة احتجاج ضد زيارة الرئيس الذي يقول معارضوه إنه خلق مناخاً سياسياً يشجع على العنف ضد اليهود وسائر الأقليات في البلاد.
إلا أن جيفري مايرز –حاخام المعبد المستهدف– قال لوسائل الإعلام إن زيارة الرئيس الأميركي دائماً محل ترحيب. لكن مجموعة من الزعماء اليهود المحليين قالوا لترامب في خطاب مفتوح «غير مرحب بك في بيتسبرغ حتى تشجب تماماً القوميين البيض».
وقال المسؤولون الدينيون اليهود في رسالتهم: «في السنوات الثلاث الأخيرة، شجعت أقوالكم وسياساتكم حركة قومية للبيض تتسع يوماً بعد يوم. وصفتم بانفسكم جريمة القاتل بأنه شرير، لكن العنف الذي حدث هو (نتيجة) مباشرة لتأثيركم».
ودعا رجال الدين، ترامب إلى أن «يدين بلا تحفظ، النزعة القومية للبيض» و«الكف عن استهداف الأقليات وعن تعريضها للخطر» و«الكف عن مهاجمة المهاجرين واللاجئين» و«التزام سياسات ديمقراطية (…) تعترف بكرامة الجميع».
ورفض البيت الأبيض أن يكون وصف الرئيس لنفسه بأنه قومي، تحريضاً «للقوميين البيض» و«النازيين الجدد». وقال ترامب في المقابلة مع «فوكس نيوز» إنه ليس بحاجة لتوضيح القومية.
وأضاف «إنها تعني انني أحب هذا البلد، تعني أنني أقاتل من أجل هذا البلد» وتابع «أنا فخور بهذا البلد وأسمي ذلك قومية. أسميه أن تكون قومياً ولا أرى أي تفسير آخر غير ذلك».
يذكر أنه في عام 2017، رصدت «رابطة مكافحة التشهير» ارتفاعاً في عدد الحوادث ضد اليهود في الولايات المتحدة بنسبة 57 بالمئة مقارنة بالعام السابق، بما في ذلك تهديدات بالقنابل واعتداءات وعمليات تخريب وملصقات معادية للسامية.
مجزرة بيتسبرغ ليست الأولى ضد اليهود في الولايات المتحدة:
ففي عام 1985 قتل رجل أربعة أشخاص من عائلة واحدة في مدينة سياتل، واشنطن، بعد أن ظن خطأ أنهم يهود.
وفي عام 1999 اعتدى قوميون بيض على مركز للجالية اليهودية كان مكتظاً بالأطفال في لوس أنجليس، كاليفورنيا، ما أدى إلى إصابة خمسة أشخاص.
وفي عام 2014 قتل قوميون بيض ثلاثة أشخاص عندما أطلقوا النار خارج مركز لليهود بالقرب من كانساس سيتي، ميزوري.
Leave a Reply