عماد مرمل – «صدى الوطن»
خيمت الظلال القاتمة للعقدة الوزارية السنية على الساحة الداخلية في لبنان، بعدما تفاعلت «عوارضها» السياسية، تحت وطأة المواقف المتشددة والاتهامات المتبادلة، الأمر الذي حال حتى الآن دون تشكيل الحكومة العالقة في عنق الزجاجة.
لكن اللافت، أن القوى المعنية التي رفعت سقف خطابها الكلامي تعمدت ترك «أبواب خلفية» مفتوحة أمام مبادرات الحل، لاسيما تلك التي يقودها رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، بحيث بدا أن كلا من الرئيس سعد الحريري و«حزب الله» واللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين كان حريصاً على إبقاء خط الرجعة سالكاً، على رغم تبادل القصف السياسي الذي لم يتجاوز قواعد الاشتباك، وبقي تحت السيطرة.
وبينما يُرجّح أن تكون النبرة العالية في التخاطب جزءاً من محاولات تحسين الشروط التفاوضية، يميل المطلعون على مجريات الأمور إلى الاعتقاد بأنه لا بد في نهاية المطاف من ابتكار تسوية للعقدة السنية، على الطريقة اللبنانية، فلا يكون هناك غالب ومغلوب بل حل يسمح لكل طرف بأن يحمي كبرياءه وينال جزءاً من حقوقه، لافتين إلى أن رئيس الجمهورية ميشال عون يستطيع أن يؤدي دوراً أساسياً في المخرج.. والإخراج.
كسر الوكالة الحصرية
ويؤكد عضو اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين، النائب فيصل كرامي لـ«صدى الوطن» الإصرار على كسر الوكالة الحصرية شبه الكاملة، التي كانت ممنوحة لـ«تيار المستقبل»، على صعيد التمثيل الوزاري، موضحاً أن هذا المطلب ينطلق من حصيلة الانتخابات النيابية التي قلصت حجم كتلة «المستقبل»، ومنحت المستقلين عنه 10 مقاعد، من بينها ستة تعود إلى «اللقاء التشاوري» وتمثل في نهاية المطاف شريحة شعبية وازنة في الساحة السنية، سواء كانت تلك المقاعد متفرقة أو موجودة ضمن تكتل واحد.
ويلفت كرامي إلى أن النواب الستة تجمعهم خيارات سياسية مشتركة وبالتالي ليس صحيحاً أنه تم تجميعهم بشكل مفتعل ومصطنع، موضحاً انهم تجمعوا في إطار واحد بعد وقت قصير على انتهاء الانتخابات النيابية، ومشدداً على «أن العقدة ليست موجودة عندنا بل لدى من يرفض الاستجابة لمطلبنا المشروع والمحق».
ويشدد على رفض أية تسوية للعقدة السنية على قاعدة محاكاة المعالجة التي اعتمدت للعقدة الدرزية، مشيراً إلى أنه يعارض توزير شخصية سنية وسطية، من باب تدوير الزوايا، ويتمسك باختيار وزير من بين النواب الستة، «يعكس بأمانة ووضوح خطنا السياسي المقاوم والعروبي».
ويعتبر كرامي أنه من المفترض أن يجري اختيار الوزير السني المستقل من ضمن الحصة السنية في الحكومة وليس من حصة رئيس الجمهورية أو أي طرف آخر، «لأن المطلوب تثبيت الاعتراف بما نمثل في طائفتنا من مشروع سياسي وقاعدة وازنة».
لا تنازل
يؤكد النائب الشمالي عدم الاستعداد للتنازل عن المقعد الوزاري الذي بات يحمل رمزية سياسية تتجاوز قيمة المقعد بحد ذاته، مشيراً إلى أن «ما نطالب به هو مقعد واحد، وبالتالي فليس لدينا هامش للتنازل، خلافاً لمن يستحوذ على العدد الأكبر من المقاعد السنية في مجلس الوزراء».
ويلفت كرامي إلى أن أي وزير من النواب السنة المستقلين سيمثل صوت المقاومة في مجلس الوزراء وسيعكس الخيار الحقيقي والأصلي للطائفة السنية. ويتابع: «نحن قوى سنية تجاهر منذ عشرات السنين بأنها مؤيدة وحليفة للمقاومة التي تواجه إسرائيل، و«حزب الله» هو الذي يلتقي معنا في هذا الخط الذي رسمه عبد الحميد كرامي ودفع ثمنه الشهيد رشيد كرامي، ويشرفني أن أستمر عليه».
ويشدد كرامي على أن ما عجز «تيار المستقبل» عن أخذه في معركة الانتخابات النيابية «لن نعطيه له الآن طوعاً، ونحن لسنا بصدد إلغاء أنفسنا مهما اشتد الضغط علينا».
ويلفت إلى أن أحد الأجهزة الأمنية «بدأ في ممارسة الضغوط علينا من خلال ملاحقة بعض أنصارنا والتضييق عليهم في طرابلس»، مؤكداً «أن هذه الطريقة المجربة لن تنفع في دفعنا إلى التراجع عما هو حق لنا».
ويعتبر كرامي أن الرئيس الحريري لم يتمكن من إقناع الشريحة الأوسع من الناخبين السنة بالمشاركة في الانتخابات النيابية، كما تُبين نسبة المقاطعة الواسعة، وبالتالي فهو ليس قادراً لوحده على استقطاب الشارع واستنفاره ضدنا، «إلا إذا دخلت أجهزة معينة على الخط، ما يستوجب من رئيس الجمهورية الطلب منها عدم التدخل حرصاً على حياديتها من جهة والاستقرار من جهة أخرى».
ويشير إلى أن المؤتمر الصحافي الأخير للحريري ترك باباً مفتوحاً على الحل، ملاحظاً أنه لم يكن بالحدة التي توقعها البعض، ولافتاً إلى أن الرئيس المكلف ألمح إلى «اعترافه بنا كنواب سنة مستقلين، من خارج تيار المستقبل، بعدما كان في السابق يرفض الإقرار بحيثيتنا التمثيلية والسياسية».
Leave a Reply