عباس الحاج أحمد
نظم قسم «الذكاء الاصطناعي» في «جامعة ميشيغن» يوم السبت الماضي مؤتمراً علمياً حول مستقبل تعليم الآلة والسيطرة القادمة للذكاء الاصطناعي، بمشاركة أحد أهم رواد شركة «غوغل» وقائد تطوير google assistant سكوت هوفمان ومجموعة كبيرة من الباحثين والأكاديميين ومديري الشركات الذين عرضوا أعمالهم وتطلعاتهم.
تطلعات، قد تظنها خيالاً، ولكنها حقيقة تقترب من واقعنا بجهود مهندسي المختبرات.
في البداية، قدم هوفمان مختصراً لخطط «غوغل» المستقبلية، موضحاً أن السباق العالمي الحالي هو سباق المعلومات والداتا، وتعايش الإنسان مع الآلة سيتحول إلى حاجة بشرية يومية بتفاصيل حياتية لم نكن نتوقعها من قبل.
فالشركة العالمية العملاقة تُخطط لبرمجة احتياجات البشر اليومية كي يستعينوا بتطبيقاتها في أية خطوة يقدمون عليها مستقبلاً –مهما بدت بسيطة أو بديهية اليوم– كما أنها تعتمد سياسة خاصة بها للتسويق ولرصد المعلومات بإنزال منتجها في الأسواق والتعلم من خلاله الأفضل بهدف انتاج نسختها القادمة. قبل أن يعرض سلسلة من الفيديوهات التي توضح تعاطي الناس مع تطبيقات «غوغل» في السنوات القادمة والتي تبدأ بتأمين الراحة الكاملة للمستخدم… إذ أنها تحجز له مقاعد سهراته، تتحدث باسمه بالمكالمات الهاتفية (طريقة جديدة تعتمد على شخصية كل فرد)، تكتب عنه كل رسائله الإلكترونية وتبرمج كل تفاصيل حياته بدقة.
في المقابل، عرض أحد الباحثين أعماله المتعلقة بالسيارة ذاتية القيادة، والتي ستسيطر على الأسواق في مستقبل ليس ببعيد. فمثلاً، تم رصد حركة آلاف المشاة على الرصيف لتوقع الحركة المستقبلية لهم من خلال حركاتهم الآنية لبرمجة خوارزمية خاصة بالسيارات الذاتية القيادة لكي تتوقع حركة المشاة حولها. كما جرت مناقشات بين الحاضرين تتعلق بأخلاقيات البحث في مجال تعلم الآلة وتأثيره على الحياة الاجتماعية والذكاء العاطفي. فمثلاً تم طرح سؤال عن كيفية تصرف السيارة ذاتية القيادية في حال كانت أمام خيارين: دهس أحد المشاة أو الاصطدام بسيارة أخرى؟ سؤال فتح الأفاق لأسئلة جديدة ستفتح فرعاً جديداً لفلسفة الأخلاقيات.
كذلك تم عرض أبحاث عن أهمية «الذكاء الإصطناعي» في الطب والصناعة والاقتصاد، وقدرات الآلة في علم التنبؤ والتوقع مما يخفف من الحوادث والأزمات ويقلل من مخاطر «الفقاعات» المُحتملة، فيما أكد أحد الباحثين أنه من الصعب استخدام «الذكاء الاصطناعي» في سباق التسلح العالمي حالياً وذلك لصعوبة الوصول إلى بنك المعلومات الخاص بالدول.
وضع المؤتمر صورة واضحة المعالم لحياتنا المستقبلية. صورة تشبه خيال جول فرن وأحلام ليوناردو دافنشي. صورة تبدو قاتمة للبعض بينما تحلو ببياضها للبعض الآخر.
قد تقل ساعات عملنا وتزداد أوقات جلوسنا على الكنبة… سننعم برفاهية التكنولوجيا ولكن ربما سيختفي مظهر شروق الشمس صباحاً من أذهاننا.
وكما اختفت الحاجة إلى الزراعة والصيد من قاموس أساسيات حياتنا لربما ستختفي الحاجة إلى الشريك أو الصديق من أجندتنا. أجندة بدأت معالمها تتجلى بعد الواتس آب والفيسبوك في عالم يتسارع فيه التغيير بشكل مخيف. إلا أن بعض المتفائلين يعول على أن برمجة اللاوعي البشري مستحيلة، وبالتالي سيبقى الفن والحس وماورائيات الدماغ سبيلاً لإنقاذ الكائن البشري من صنع ما اقترفته يداه بذكائه الذي أصبح اصطناعياً. وكما كانت أيادي الأب تخترع أساليب التدفئة في بيوتنا الريفية العربية، وكما ابتكرت الأم طريقة مميزة لنسج خيوط قميص صوف لابنها، لربما تأتي الآلة لتصنع دفئاً بديناميكا حرارية تعلو على حرارة الشعر والأدب فتُلامس الهرمونات بذرّات مُوجهة، معوضةً لعنترة عبلته ولقيس ليلاه ولروميو جوليته ولنعيم الشيخ سميرته.
Leave a Reply