مريم شهاب
في مجلسٍ ضمَّ عدداً من الرجال المرعوبين من زوجاتهم، ومن النسوان اللواتي أخذن حقوقهن وفتَّلن شواربهن، استلمت إحدى الحاضرات الحديث وأدارته عن الأحوال الحاضرة والفوز العظيم الذي حققته المرأة في الوصول إلى الكونغرس الأميركي، وحاكميَّة الولاية وغيرها من المناصب القيادية التي جعلت الكثير من الستات، وخصوصاً العربيات، يشعرن بالفخر والاعتزاز كونهن سيدات ويشكرن الله كثيراً لأنه خلقهن إناثاً، ولأنهن موجودات في أميركا، حيث المرأة وحدها هي فارسة الفرسان وسيِّدة الميدان وصاحبة السلطان.. وقلَّما تجد امرأة في زمن ترامب، «البومة الشقراء»، لا تسمّ بدن زوجها كل ليلة، وهي مقتنعة غالباً بأنها على حقٍ.
فالرجل هنا، في اليونايتد ستيتس، أوف أميركا، لا وجود له إلى جانب المرأة، هي أمامه دوماً، وهذا منتهى العدل، والمرأة أيضاً هي التي تطلب يد الرجل للزواج وهي التي تخونه ليلة العرس، إذا طاب لها ذلك، دون أن يجرء على أن يفتح بوزه ويعطس. هي أيضاً التي تتركه في البيت لتمضي إلى حيث يطيب لها أن تسهر وتسكر، تؤدبه على مزاجها وتتهمه باغتصابها إذا توترت أعصابها، وتطلِّقه لأنه قليل أدب وطويل وهبيل ويمنعها من الانصراف الكلي إلى اهتماماتها وفي طليعتها تسوُّق الفساتين والجزادين والأحذية وأدوات التجميل.. والنميمة التي لا تنتهي عن رفاقها وأصحابها وأهل زوجها.
إذن لماذا كل هذا الفرح والمرح كون بعض النسوة فزن بمناصب انتخابية؟ وأين هي إبداعات المرأة عبر السنين والأيام؟ وإذا كان ذكاء المرأة كذكاء الرجل تماماً وعقل المرأة كعقل الرجل تماماً وأن المرأة أخذت حقوقها وصارت كالرجل تماماً، لماذا الدنيا خربانة والأخلاق «عدمانة» في البلد؟
الله يرحم الحاجة حليمة، أظرف سيِّدة كانت في قريتنا، حين تقول: خربت الدنيا لمَّا صارت المرأة تدخن سيجارة وتسوق سيَّارة. يعني هاتيك اللواتي فزن بالانتخابات الأخيرة «بدن يشيلو الزير من البير».
في هذا الزمن التي قلَّت، لا بل انعدمت فيه هيبة الرجال وتوارت فيه المرأة الملهمة للشعراء والفنانين، المرأة الجميلة الفخورة بجمالها وذوقها وحنانها وأنوثتها، وغابت الأم التي تزهو بعائلتها وبنجاح أولادها، مبروك لكن هذا النجاح، عسى أن نرى بعض سيداتنا وحبيبات قلوبنا الشرقيات، وهن غير متذمرات وغير «منرفزات»، وإن غداً لناظره قريب.
Leave a Reply