بلال شرارة
أسابيع مرت على الانتخابات النصفية الأخيرة، ولا بد أن خبراء الانتخابات والسياسة توقفوا طويلاً أمام ميزان الربح والخسارة، وقاسوا مراراً، النسب المئوية للناخبين، وأشكالهم وألوانهم وأعراقهم وأجناسهم وحتى طوائفهم ومذاهبهم.
أنا لست محللاً استراتيجياً يسبر الوقائع والتعقيدات الأميركية، فهناك ٥٠ ولاية أميركية لا اعرف منها حتى ولاية ميشيغن التي يسكن إليها الأميركيون من أصول لبنانية–بنت جبيلية.. فهي على الأغلب كبيرة ومتسعة وتساوي مرات ومرات مساحة وطني لبنان، وأنا بالكاد أعرف أغلب البنتجبيليين هنا، فكيف كل المتحدرين من اصل لبناني أو عربي؟
لكن الأمر لا يحتاج خبيراً استراتيجياً وديموغرافياً للإحساس بالفكرة بعد السكرة، بعد الهزيمة المدوية للمرشحين العرب في مجلس ديربورن التربوي، ولا الشعور بالفرحة العارمة لفوز رشيدة طليب في انتخابات الكونغرس وانعكاس ذلك على العديد من قضايا الجالية العربية في منطقة ديترويت، وفي الطليعة ما يتصل بالهجرة وبعض عناوين السياسة الخارجية الأميركية.
وإذ يرى البعض حصول تقدم من حيث نسبة المشاركة العربية في الانتخابات من ١٥–١٦ بالمئة إلى ما يزيد عن ٤٠ بالمئة، فإن آخرين يرون أن السمه الغالبة هي في تشتت الصوت العربي ليس فقط بين المرشحين وحملاتهم، بل أيضاً في البيت الواحد بين جيل وآخر.
فالشباب من ابناء الجالية يرون أنهم اندمجوا تماماً في الحياة الأميركية وانهم يعرفون هيكليات الحكم والسياسة وتربوا على أن الانتخابات أسلوب حياة وليست مجرد عملية موسمية. وهذا ما انعكس بقوه في مشاركتهم الفعالة وتحقيقهم لنتائج مبهرة (مثل عبدول السيد وعبدالله حمود).
هؤلاء الشباب ينظرون باستغراب إلى مواقف آبائهم في العديد من القضايا فيتعجبون من لبننة أو عرقنة أو «تطويف» و«مذهبة» الانتخابات، فيرون في آبائهم عقليات تعود إلى أوطانهم التي انحدروا منها أولاً.
في الواقع، هناك انقسام تام بين الشباب العربي الأميركي وقضاياه من جهة، وبين قضايا وقيم آبائهم المهاجرين من بلداننا الأم. وذلك ليس أمراً مستغرباً نظراً للغياب الثقافي للسفارات والقنصليات ومؤسسات الرأي العام العربية هنا. ورغم ذلك قد يكون الجيل العربي الأميركي الشاب مفتاح أمل واطمئنان لمستقبل الجالية والقضايا العربية،
من قضية فلسطين، إلى التصدي لسياسات الإدارة الجمهورية الحالية ضد الهجرة، مروراً بالمحاولات المستمرة للإساءة إلى مجتمعاتنا المهاجرة عبر ترويج «الإسلاموفوبيا»، واتهام الجاليات العربية والإسلامية في ميشيغن بنشر الشريعة الإسلامية والتشدد.
الأمل ينعقد على الشباب مثل النائبة طليب وغيرها من السياسيين المبشرين، للدفاع عن قضايا العرب والمسلمين محلياً ودولياً، فتَلزّم إسرائيل حدودها، وتتحقق الحقوق الفلسطينية.. وتتوقف حرب اليمن… ونستعيد ازدهار العراق وسلام سوريا…
Leave a Reply