عبد الإله الصائغ
الجذر اللغوي لمادة «حور» في معجمات اللغة طويل متشعب وما يهمنا منه هو أن الحوار يعني التعاود والتعاطي والتجاوب. وفي كتب المصطلح يكون الحوار تواصلاً بين طرفين بحيث يوصل كل طرف ويستقبل منه وإليه. نحن مهمومون بالحوار الإعلامي. ففي أربعينيات القرن العشرين حتى ثمانينياته كان الحوار الإعلامي نموذجاً للانتقاء بين الكلمات والأفكار بأسلوب جذاب حضاري يضيف للمتلقي رغبة في التهذيب، وكان رجال الإعلام عمالقة عباقرة، إلى أن هبّ علينا تسونامي الإعلام السياسي والديني فلم يعد المتلقي همّاً مقدّساً، بل تمركز الحوار وتمحور حول الخبر بأي لغة دون اهتمام بالكيف.
تفتح الكثير من الصحف الورقية فينتابك الأسى على الافتراءات والبذاءات وتهرب إلى التلفاز فيواجهك المذيع (أو المذيعة) بوجه لا يرف له جفن من الكذب وبأسلوب رخيص، فتتذكر الإذاعة وتكرس وقتاً لها (عفواً دائماً ثمة استثناء فأنا لا أعني كل الإعلاميين)، المذيعة (أو المذيع) تسمي البذاءة باسمها وتحارب الخصم (بكل ما يمتلك الشرقي من عناصر الخطابة بالعنتريات التي ماقتلت ذبابة –نزار قباني–) بتنا لا نخشى على الأجيال الجديدة من التقاط ثقافة دونية الحوار فقط بل بتنا نخشى على أنفسنا نحن أيضاً من لغة حوار لا تستحي من الناس ولا تخشى من الله ولا تحسب للقضاء حساباً… فإلى أين نحن متجهون؟
معك ممول؟ إذن افتح صحيفة أو إذاعة أو فضائية وقل ما تشاء, ولتكن الغاية إرضاء الممول وحده!
إن العودة إلى زمن الإعلام الرصين مستحيلة، ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جله، ونحن نعوِّل على الناس الغيارى كي يتدخلوا بالعقل والمنطق ويبتعدوا عن تشجيع الإعلامي ذي اللغة الموبوءة المفخخة فيقولون للمتطرف، أنت متطرف، وللمتملق، أنت متملق.
نتمنى على ناسنا مقاطعة الإعلام الرديء. والمشكلة لا يحلّها سوى الناس، إذ لم تعد الحكومات ممسكة بزمام الإعلام، والممول يدفع للمؤسسة الإعلامية من أجل التغرير بالناس والتمويه على الناس. فلنجرب معاً… وطوبى لمن حلّ في التجربة!
Leave a Reply