بلال شرارة
كان المحامي عصام علي عباس وزوجته الدكتورة ريما وأولادهما علي، إيزابيلا وجيزيل عائدين من عطلة رأس السنة في فلوريدا إلى منزلهم في ضواحي ديترويت عندما صدمتهم شاحنة «بيك آب» كانت تسير عكس السير مما أدى إلى اشتعال النار بسيارتهم ووفاتهم جميعاً رحمهم الله.
هذه الفاجعة الاغترابية حصلت ونحن نتابع أيضاً وقائع محاولة انقلابية في الغابون بأفريقيا، فنحن لنا هناك أيضاً جالية ومصالح ويهمنا ما تؤول إليه أوضاعها.
وعندنا في الوطن المقيم –لبنان– كانت الأرض تشتعل بالثلوج والأمطار وكنا «نتلجلج» من زاوية إلى أخرى لنحفظ قدراً من الدفء.
نحن لا نعرف على أي جنب نلقي بأنفسنا. فقد شكل الاغتراب على الدوام قرش لبنان الأبيض في الأيام السوداء وشكل الخزان الإنساني الذي نتبادل وإياه المواساة في الأحزان.
كادت الدولة ذات مرة أن تنتبه وأن تعترف بأن الاغتراب يحتاج إلى حكومة وليس لوزارة اغتراب فحسب ولكنها عادت وألغت وزارة المغتربين..!
كادت الدولة أن تنتبه لأهمية الاغتراب في الانتخابات الأخيرة وأن تفتح باب التسجيل في السفارات لمشاركة المغتربين. ولكن الاغتراب كان قليل الثقة بالدولة فبالكاد شارك بالانتخابات في حين أن اللبنانيين في ديربورن مثلاً حققوا إقبالاً انتخابياً مذهلاً خلال انتخابات الكونغرس النصفية وحكومة الولاية والقضاء والتعليم.
لم يعد من المهم أن تنتبه الدولة اللبنانية إلى ذلك اللبنان المنتشر في العالم وإلى أهمية وثقل الجاليات اللبنانية المنتشرة فيه، المهم –من الآن وصاعداً– أن ينتبه اللبنانيون في أماكن انتشارهم إلى هذا اللبنان.
الدولة في مكان آخر. سوف تذهب قنصلة لبنان العام في ديربورن لتقديم واجب العزاء بفاجعة عائلة عصام عباس وزوجته وبينما لأنه لا يفوتها واجب، وسوف تقدم واجب العزاء باسم أركان الدولة ولكن هذا لا يعني أنهم انتبهوا لهذه المأساة الفاجعة التي وقعت علينا نحن أهالي بنت جبيل على كل واحد منا حتى صار يتلمس نفسه ويتصل بمن له بالحميمين من الأهل أو الأبناء أو الأقارب ويطمئن عليهم.
هل يا ترى لفت أحد، نظر الحكومة والوزارات المختصة كيف يهدد تطور سياسي ما أوضاع الجالية اللبنانية في الغابون. هل انتبهت الحكومة والمعنيون إلى القوانين والعقوبات الي يوقعها الكونغرس ووزارة الخزينه الأميركية على لوائح تضم لبنانيين وكيف ينعكس ذلك على تحويلات الاغتراب اللبناني. هل هناك حكومة أصلاً؟
اللبنانيون يجري عصرهم في كل السياسات وفي كل القارات وفي صفحات الوفيات بينما الدولة عندنا وطوائفها وأحزابها «سمعان مش هون». نحن الذين لا زلنا أحياء ونرى ونعرف كيف تسير دولتنا عكس السير وتكاد تصدمنا عند كل ناصية غير أننا لا زلنا نرواغها حتى لا تشتعل النيران بذاكرتنا.
رحم الله عصام عباس وعائلته، ونسأله تعالى أن يعيد الأمن والاستقرار إلى الغابون وأن يجلو غبار ثلوج العاصفه نورما عن لبناننا الحبيب.
Leave a Reply