عماد مرمل – «صدى الوطن»
على الرغم من «عواصف» الأزمة الحكومية والضغوط الاقتصادية التي تضرب لبنان في هذه المرحلة، لا يزال الأمن ممسوكاً إلى حد كبير، بعدما نجحت المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية في تحييد الوضع الأمني عن الملفات الساخنة والخلافات الداخلية.
وإذا كان العدو الإسرائيلي قد حاول أن يستفيد من العوارض المترتبة على انعدام الوزن الحكومي والسياسي في هذه الفترة، ليطلق «درع الشمال» في مواجهة الأنفاق المزعومة ثم ليبني جدار الفصل الإسمنتي على نقاط حدودية متنازع عليها مع لبنان، فان الجيش اتخذ قراراً بمواجهة الخروق الإسرائيلية البرية برغم الفارق في موازين القوى العسكرية، فيما اجتمع مجلس الدفاع الأعلى ومنحه التغطية السياسية.
أكثر من 4 آلاف موقوف
ويؤكد مصدر عسكري رفيع المستوى في الجيش لـ«صدى الوطن» أن الوضع الأمني ممتاز، وهو تحت السيطرة الكاملة، كاشفاً عن أنه جرى عام 2017 وحده اعتقال 3,743 إرهابياً، ولافتا إلى انه لم يسجل منذ شهر نيسان في العام ذاته اية حادثة إرهابية على الاراضي اللبنانية، بعد ضبط الوضع نهائيا وتحرير كل الجرود وصولا إلى الحدود السورية من المجموعات التكفيرية، فيما خُصص العام 2018 لتنظيف لبنان وكنسه من بقايا الإرهابيين حيث تم توقيف 490 شخصاً، واليوم بات الجيش متفرغاً للعمليات الاستباقية، وتحول من رد الفعل إلى الفعل.
ويشير المصدر إلى أن 99 بالمئة من الإرهابيين دخلوا إلى لبنان من الأراضي السورية، إلا أن الوضع تغير مع استعادة الدولة السورية السيطرة على أجزاء واسعة من أراضيها، لاسيما الحدود مع لبنان، واليوم تتركز الجهود على مراقبة الحدود ومنع أي تسلل إلى الداخل اللبناني.
ويوضح المصدر العسكري أن التنسيق الأمني اللبناني–السوري قائم ولم ينقطع حتى في ذروة الأزمة السورية، عبر مكتب التعاون والتنسيق المعتمد منذ سنوات طويلة بين الجيشين، وقد كان لهذا المكتب، الدور المؤثر خلال معركة عرسال الحاسمة، إضافة إلى أنه مولج بمتابعة كل الأمور الأمنية والعسكرية التي قد تستجد بين الجانبين.
ملف الجنوب
وفي ما يخص تداعيات الجدار العازل الذي تبنيه إسرائيل على الحدود مع لبنان، يؤكد المصدر أن الاحتلال وضع بلوكات إسمنتية في نقاط جغرافية متنازع عليها، ما تسبب في حصول توتر واستنفار الجيش اللبناني لمواجهة الخروق الإسرائيلية.
ويوضح المصدر أن اتفاقية الهدنة بين الجانبين رسمت الحدود التي تُعرف بالخط الأخضر، إلا أن إسرائيل لم تنسحب إلى الخط الاخضر عام 2000 بل إلى ما يعرف بالخط الأزرق الذي هو خط الانسحاب لا الحدود، وبالتالي بقيت نقاط عدة متحفظ عليها من الجانب اللبناني وصل عددها إلى 13 نقطة تقع بين الخطين الأخضر والأزرق.
ويشير إلى انه يتم الاعتراض على الانتهاكات الإسرائيلية خلال الاجتماعات الثلاثية الدورية التي تعقد في الناقورة وتضم ممثلين عن الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل والاحتلال الإسرائيلي، مشدداً على انه لا يوجد بتاتاً تواصل مباشر بين الضباط اللبنانيين والإسرائيليين خلال تلك الاجتماعات، بل أن تبادل الآراء يجري عبر ممثل اليونيفيل حصراً، «علماً أن ضباط العدو يحاولون في كثير من الأحيان استدراج وفدنا العسكري إلى التواصل معهم، لكن الجيش اللبناني ملتزم بعدم التطبيع مع العدو الإسرائيلي إلى درجة أنه حتى لو وجه ضابط إسرائيلي تحية، فان الضابط اللبناني في اللجنة المشتركة يتجنب الرد عليها».
ويؤكد المصدر أن لدى قيادة العمليات في الجنوب صلاحية اتخاذ القرار بالتصدي للانتهاكات الإسرائيلية البرية للأراضي اللبنانية، من دون الحاجة للرجوع إلى قيادة الجيش في وزارة الدفاع، كاشفاً عن أن القيادة رفعت الجهوزية العسكرية للوحدات المنتشرة على الحدود إلى معدل 95 بالمئة، تحسباً لأي تطور.
ويوضح المصدر العسكري البارز أن التنسيق قائم مع المقاومة في الجنوب وهذا امر طبيعي بحكم معطيات الواقع، مشددا على أن احدا لا يستطيع الجزم بان الأنفاق التي ادعى العدو الإسرائيلي العثور عليها هي حديثة العهد، «بل ربما تعود إلى سبعينيات القرن الماضي حين كانت المقاومة الفلسطينية تمسك بزمام الأمور في الجنوب، علماً أنه وأياً يكن الأمر ليس من واجبات الجانب اللبناني تقديم التطمينات للعدو أو إراحته في هذا المجال».
وبينما يلفت المصدر إلى أن إسرائيل تنتهك يومياً السيادة اللبنانية، براً وجواً وبحراً، يعترف بأنه لا توجد لدى الجيش حالياً قدرات لمواجهة تحليق الطائرات الإسرائيلية، إلا أنه قادر على التصدي للخروقات البرية وهذا حصل أكثر من مرة، مستعيداً واقعة استشهاد النقيب جواد عازار الذي بقي يطلق النار بواسطة مضاد الملالة في اتجاه طائرات العدو، خلال حرب تموز 2006، حتى استشهد بصاروخ، «وهذا ما يؤكد جدية الجيش وثبات عقيدته القتالية، وهو الذي لم يخل يوماً بالواجب الوطني ضد إسرائيل».
ملاحقة ضباط
وفي موقف لافت للانتباه، يقرّ المصدر العسكري بوجود بعض الانحرافات في صفوف الجيش اللبناني، «إلا أن القائد جوزف عون وضع هذه المسألة نصب عينيه وبذل جهداً كبيراً لتصويب الأمور وإعادتها إلى نصابها الصحيح على الصعيد المسلكي، حيث تم إجراء تحقيقات واسعة في العديد من الملفات لا سيما ملف امتحانات الكلية الحربية بعدما تبين أن أموالاً دُفعت إلى سماسرة كي ينجح متقدمون لا يملكون المؤهلات المطلوبة، واتخذت عقوبات مسلكية بحق مخالفي شروط النزاهة، كما وُضع 18 ضابطاً بالتصرف نتيجة وجود شبهات فساد حول سلوكهم، على أن يتخذ القرار النهائي في شأن مصيرهم بعد انتهاء التحقيقات التي يتولاها القضاء العسكري»، مشدداً على أنه ليس مسموحاً بأن يضرب الفساد المؤسسة العسكرية التي تشكل ضمانة للاستقرار وركيزة للوطن.
ويشير المصدر إلى أن قائد الجيش أصدر تعميماً يقضي بتسريح كل ضابط يتبين أنه دفع رشوة للدخول إلى الكلية الحربية، وهذا ما يمنح الجيش حصانة في مواجهة الفساد.
لا قيود
ويجزم المصدر العسكري بأن الجيش لا يطبق معادلة الأمن بالتراضي، و«ليس صحيحاً أنه توجد بقع مغلقة امامنا» وأن هناك من يمنع الجيش أو المخابرات من تنفيذ عمليات أمنية في الضاحية الجنوبية، بل العكس هو الصحيح، إذ أن عدداً ضخماً من التوقيفات يُسجل في الضاحية بسبب الكثافة السكانية، من دون أن يغطي أي طرف مطلوباً أو يمنع مداهمة الأماكن المشبوهة، «ونحن نتحرك بحرية في تلك المنطقة وفق ما تقتضيه حماية أمن المواطنين، كما أن الوضع في البقاع تغير بعد العملية التي استهدفت المطلوبين علي حمدان جعفر وعلي زيد اسماعيل، وما قبل المداهمات الأخيرة ليس كما قبلها، والواقع الأمني في البقاع بات أفضل بكثير من السابق».
نزع الأعلام
وبالنسبة إلى نزع أعلام ليبيا من بعض شوارع بيروت التي تستضيف القمة الاقتصادية العربية، أشار إلى حصول خطأ من قبل الشركة المختصة التي كان يُفترض بها تعليق الأعلام يوم الخميس بالتزامن مع الانتشار العسكري والأمني المولج بتأمين الحماية للقمة، إلا أنها بادرت إلى تعليق الأعلام قبل أيام، ما سمح للبعض بتمزيقها.
ويشدد المصدر على أن أمن القمة الاقصادية التنموية في بيروت ممسوك كلياً وهو بعهدة الحرس الجمهوري، بالتعاون مع وحدات من الجيش والمخابرات والأجهزة الأمنية.
Leave a Reply